الرئيسية / أخبار / ابراهيم رئيسي والنفوذ الديني

ابراهيم رئيسي والنفوذ الديني

Print Friendly, PDF & Email

انتهى السباق الانتخابي للفوز بمقعد الرئاسة الايرانية في طهران بعد أشهر عديدة شهدت الكثير من المواقف والوقائع التي انعكست على طبيعة المشهد السياسي الايراني بدخول مباشر من قبل المرشد الاعلى علي خامنئي وتأثيراته على عملية قبول المرشحين من قبل مجلس صيانة الدستور الذي شهد في الايام الأخيرة التي سبقت موعد الانتخابات انسحاب ثلاثة أشخاص من الترشيح وبقي في السباق أربعة من المرشحين السبعة الذين نالوا ثقة المجلس مما أدى الى فسح المجال وتعبيد الطريق الى المرشح (ابراهيم رئيسي) ليكون الفائز الأوحد بنتائج الانتخابات التي أعلنها اليوم التلفزيون الرسمي الايراني بفوز الرئيس الجديد (رئيسي) بنسبة 62% وحصوله على 17،8 مليون صوت في حين بلغ عدد المصوتين (28) مليون مواطن من أصل (59) مليون ناخب مسجل ، ويعتبر اليوم الانتخابي الايراني من أطول أيام الانتخابات التي حصلت في ايران منذ عام 1979 حيث تم تمديدها لثلاث مرات ولغاية الساعة الثانية من فجر يوم 19 حزيران 2021 من قبل مجلس صيانة الدستور بسبب عزوف وامتناع المواطنين من أبناء الشعوب الايرانية من الادلاء بأصواتهم والذهاب الى مراكز الاقتراع .

جاءت متابعة مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية وتحليلاته واستنتاجاته المستقبلية حول الانتخابات الايرانية مطابقة للنتائج والاحداث التي أكدها في المقال الموسوم (الانتخابات الايرانية والفكر الديني ) الذي نشر بتاريخ 11حزيران 2021 والتوقعات الميدانية لطبيعة ادارة الانتخابات والتوجهات التي صدرت من قبل علي خامنئي بدعم مرشح التيار الاصلاحي (رئيسي) والقريب من دائرته السياسية والتي أشار اليها المقال الموسوم ( الانتخابات الايرانية ومؤسسة ولاية الفقيه) الذي نشر بتاريخ الأول من حزيران 2021 .

انتهت مرحلة الانتخابات وأعلن رسميا عن الرئيس الايراني الجديد فما هي الأفاق المستقبلية لكيفية ادارة الحكم السياسي في ايران وما هي أوجه التعامل الأقليمي والدولي مع الأحداث السياسية التي تعيشها الشعوب الايرانية وما هي الأدوات والوسائل التي سيستخدمها (ابراهيم رئيسي) في ترتيب الأوضاع الداخلية في البيت السياسي الايراني ؟؟؟

يمكن الاجابة على هذه التساؤلات برؤية ميدانية دقيقة وفهم واضح ورصين لطبيعة السياسة الداخلية والخارجية للنظام الايراني ، فالمعروف أن الصلاحيات الدستورية الممنوحة للمرشد الأعلى علي خامنئي تتيح له التصرف والتدخل في جميع شؤون البلاد وله الكلمة الأخيرة والموقف الفصل في أي تغييرات سياسية أو أبعاد دولية وأقليمية تمس سيادة النظام أو تعيد هيكلة علاقته مع المجتمع الدولي وبناء الأوضاع الداخلية للشعوب الايرانية ، ولهذا فإن وجود الرئيس الجديد سوف لا يغير من صورة التعامل السياسي للنظام لثوابت السياسة العامة الايرانية التي يتحكم بها المرشد الأعلى وبتأثير ونفوذ من قبل قيادات الحرس الثوري الايراني .

فعلى صعيد السياسة الداخلية سيواجه الرئيس الجديد أزمة اقتصادية خانقة ووضع مالي متردي واحتجاجات شعبية واسعة وغضب وسخط جماهيري كبير بسبب سوء الأوضاع المعاشية وانعدام سبل وأفاق الحياة الحرة الكريمة والافتقار الى رؤى ميدانية وبرامج تنموية لمواجهة أثار العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي أثقلت كاهل الاقتصاد الايراني بالحد الذي بلغ فيه أن يعلن وزير الخارجية الايراني (محمد جواد ظريف) أن خسائر النظام الايراني جراء استمرار العقوبات بلغت (1000) مليار دولار ، هذه الوقائع زادت من محنة الشعوب الايرانية واتسعت مساحة نقمتها على النظام القائم بارتفاع نسبة البطالة في المجتمع الايراني الى 26% وانهيار قيمة العملة النقدية المحلية وارتفاع اسعار المواد الغذائية وتفششي سوء الحالة الصحية وارتفاع نسبة الاصابة والوفيات بجائحة كورونا والتي شكلت نسبة كبيرة في منطقة الشرق الأوسط .

تبقى الأنظار متجهة حول كيفية ادارة الحوارات المتعلقة بالبرنامج النووي الايراني والمستمرة حاليا في العاصمة النمساوية (فيينا) والتي نرى أنها سوف لا تتأثر كثيرا بنتائج الانتخابات لأن القرار السياسي يتخذ في ايران على مستوى أعلى من الرئاسة الايرانية ويدخل في اطار السياسة العامة التي يتبناها علي خامنئي وهذا ما سيعمل على عدم الاتفاق مباشرة على طبيعة وسير المفاوضات والتوصل الى اتفاق نهائي في الأسابيع القادمة .

سيواجه الرئيس (ابراهيم رئيسي) عدة عقبات أمام الانهامات التي وجهت اليه من قبل منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوق الانسان العالمية بدوره في قمع واجهاض الاحتجاجات الشعبية التي قامت في الأعوام(2017-2018-2019) ومساهمته في اخماد المسيرة الخضراء عام 2009 في الدورة الرئاسية للرئيس محمود أحمدي نجادي وأنه أحد الأعضاء البارزين في حملة الاعدامات التي طالت  الأف السجناء السياسين من منظمة مجاهدي خلق وحزب تودة وأبناء الأحواز المعارضين لسياسة النظام الايراني عام 1988 ، اضافة الى العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الامريكية بحقه مع مجموعة من المسؤولين في النظام عام 2019 .

هذه رؤية أولية لنتائج الانتخابات الايرانية التي سوف لا تختلف كثيرا على طبيعة المسارات السابقة التي أحكمتها سيطرة ونفوذ (علي خامنئي) الذي لم يكن راغبا فقط بوصول (رئيسي) الى سدة الحكم في طهران وإنما سعيه الحثيث الى تقديمه خليفة له ومرشد قادم لإيران.

وحدة الدراسات الإيرانية