الرئيسية / أخبار / انهيار الدبلوماسية يبرر العمل العسكري ضد إيران كملاذ أخير

انهيار الدبلوماسية يبرر العمل العسكري ضد إيران كملاذ أخير

رغم أن الولايات المتحدة اعتبرت المفاوضات مع إيران التي استضافتها السبت سلطنة عمان “إيجابية”، لا تزال إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تلوح بالعمل العسكري كملاذ أخير، ما يزيد الضغط على طهران ويضعها أمام مفترق طرق.

وأعلن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث الأحد أن الولايات المتحدة تأمل في حل دبلوماسي لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، وإذا تعذر تحقيق ذلك فإن الجيش مستعد “لضرب العمق الإيراني وبقوة.”

ويقول محللون إن إيران ربما تكون الآن على بعد أسابيع من إنتاج سلاح نووي قابل للاستخدام، رغم نفي طهران بتصنيع مثل هذه الأسلحة. وبدأ دبلوماسيون أميركيون وإيرانيون محادثات غير مباشرة السبت في سلطنة عمان لتبديد مخاوف الغرب بشأن البرنامج النووي الإيراني.

ووصف هيغسيث الأحد الاتصالات الأولى في سلطنة عمان بأنها “مثمرة” و”خطوة جيدة.” وقال لبرنامج “فايس ذي نايشن” على قناة “سي بي إس” إنه رغم كون الرئيس دونالد ترامب يأمل في ألا يضطر للجوء إلى الخيار العسكري، “أثبتنا قدرة على الذهاب بعيدا وفي العمق وبقوة.”

وأضاف “أؤكد أننا لا نريد أن نفعل ذلك، ولكن إذا اضطررنا فسنفعل لمنع إيران من حيازة قنبلة نووية.” وقال ترامب الأربعاء إن العمل العسكري ممكن “بالتأكيد”، بالتعاون مع إسرائيل، إذا فشلت محادثات عمان.

وصرح للصحافيين “إذا استلزم الأمر حلا عسكريا فليكن.” وأضاف “من المؤكد أن إسرائيل ستشارك بشكل كبير في عمل عسكري وستقوده.” وجاء ذلك بعد تحذير صريح في نهاية مارس بأنه “في حال عدم التوصل إلى اتفاق سيكون هناك قصف.” وكان ترامب قد انسحب من اتفاق نووي سابق متعدد الأطراف أبرم مع إيران عام 2018، خلال ولايته الأولى.

ومنذ إعلان ترامب المفاجئ من المكتب البيضاوي عن إجراء محادثات مع إيران في عُمان، وصف المشككون في الدبلوماسية على جانبي الأطلسي مجموعة من السيناريوهات، تتراوح بين السيئ والأسوأ وصولاً إلى السيناريوهات المروعة.

ويحذّر النقاد من أن مجرد بدء الحوار قد يأتي بنتائج عكسية. فقد تُشجّع المحادثات طهران أو تتيح للحرس الثوري الإسلامي مساحةً للقيام بأعمال سرية ضد الولايات المتحدة.

وتقول بورجو أوزجيليك، زميلة باحثة أولى في أمن الشرق الأوسط في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إن المفاوضات ربما تُضائل احتمال توجيه ضربات عسكرية للمنشآت النووية والأهداف العسكرية الإيرانية، لكن الخيار لا يزال في نطاق الاحتمال القريب.

ويؤكد التصعيد الأخير في انتشار القوات الأميركية في المنطقة – بما في ذلك زيادة النشاط في قاعدة دييغو غارسيا – أن الخيار العسكري لم يُستبعد بعد.

ودخل الإيرانيون إلى المحادثات من موقف ضعف إذ أدى الهجوم العسكري الإسرائيلي متعدد الجبهات منذ هجمات 7 أكتوبر إلى إضعافٍ ممنهجٍ للقوة التي يتمتع بها وكلاء إيران في المنطقة، مثل حماس وحزب الله، بالإضافة إلى قدراتهم العسكرية الضاربة وأصولهم المادية. كما يتعرض الحوثيون في اليمن لغارات جوية مكثفة.

وفي حين أن عقيدة الدفاع الأمامي الإيرانية، التي تعتمد على قدرات عسكرية غير متكافئة تُمارس عبر شبكة من الوكلاء الإقليميين، قد انهارت، فإن إيران تحتفظ بقدرات عسكرية تقليدية كبيرة. ولا يزال برنامجها الصاروخي الباليستي وقوتها البحرية قادريْن على تعطيل الخليج العربي.

وتتطلب المفاوضات المعقدة مرونةً ودرجةً من الغموض المتعمد. وقد جادل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن التفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني وحده كفيلٌ بتحقيق النجاح. ومع ذلك، فإن “نموذج ليبيا”، الذي تتخلى فيه طهران طواعيةً عن برنامجها النووي، لن يُجدي نفعًا بالنسبة للنظام الإيراني.

وتتساءل أوزجيليك في تقرير لمجلة ناشونال أنتريست: ليس من الواضح ما هي معايير التفاوض في هذه المرحلة؛ الحد من التسلح أم نزع السلاح الكامل؟ ماذا عن إنهاء الدعم الإيراني للجماعات المسلحة التي تُصرّ أيديولوجيًا على مهاجمة المصالح الأميركية والإسرائيلية والغربية في المنطقة؟

وتبدو خيارات إيران محدودة. ففي محاولةٍ لخلق ردعٍ موثوق، واصلت إيران التهديد بمهاجمة القواعد العسكرية الأميركية في الخليج، وحلفاء الولايات المتحدة، أو أي دولة قد تدعم توجيه ضربةٍ لإيران. كما واصلت طهران عمليات التضليل في الأسابيع الأخيرة.

وبدايةً، وردت تقارير تفيد بأن إيران تسحب مستشاريها من الحوثيين، تلتها مزاعم بأن الميليشيات الشيعية في العراق (قوات الحشد الشعبي) تدرس نزع سلاحها لتجنب هجومٍ أميركي. ويُرجَّح أن هذه العملية الإعلامية كانت مُدبَّرةً لتمهيد الطريق للمفاوضات مع الولايات المتحدة، وخلق مسافةٍ بين إيران و الميليشيات.

وفي الوقت نفسه، تُطلق إيران حملة ضغطٍ هجينة، تمزج فيها الإشارات التصالحية بالتهديدات العسكرية الصارمة. وترى أوزجيليك أنه في حال انهيار الدبلوماسية، ستكون واشنطن في وضع يسمح لهما بتبرير العمل العسكري كملاذ أخير، بعد أن سعت بوضوح إلى المسار الدبلوماسي واستنفذته.

وسيطلق أي تصعيد عواقب وخيمة على الاستقرار الإقليمي. ومع ذلك، في مثل هذا السيناريو، قد يُظهر شركاء الولايات المتحدة في الخليج تساهلا أكبر تجاه الضربات المُستهدفة للأصول الإيرانية، خاصةً إذا اعتُبرت طهران المُفسدة التي أفشلت المحادثات.