الرئيسية / أخبار / تحت رعاية الظلام (كاكال ) يتسوق في الضفة الغربية !

تحت رعاية الظلام (كاكال ) يتسوق في الضفة الغربية !

المهندس سليم بطاينة

للتوضيح : كاكال بالعبرية هي اختصار الكيرن كييمت ليسرائيل ، أي صندوق الأمة اليهودية الذي تأسس عام ١٩٠١ لشراء الأراضي والعقارات في فلسطين وسورية وشبه جزيرة سيناء وأجزاء من تركيا الآسيوية ! ويتبع الصندوق للمنظمة الأم : الصهيونية العالمية

يقول الكاتب النمساوي Leo Stein : أطرح أسئلة جريئة لتحصل على ما تريد !

توقيت المقال له دلالة مهمة ، والخوف أن ينفلت الحاضر من بين أيدينا ! ففي اللغة تتشابك المصطلحات ، لكن معانيها مختلفة لا يفصل بينها سوى خيط رفيع ! والناظر الى ما يحدث في الضفة الغربية لن يحتاج الى عدسة مكبرة حتى يكتشف مآلاته الكارثية ،،،،، فبعد تسرب غالبية العقارات العربية في البلدة القديمة ( القدس الشرقية ) ! باتت كل أراضي وعقارات الضفة الغربية في مرمى استهداف صندوق الأمة اليهودية ( كاكال ) !

عادت الأسئلة نفسها تراودني مع تدفق الأحداث التي تُشير أننا أمام مشروع حُبكت تفاصيله و مشاهده بكل دقة ! حيث لا يوجد من لا يدرك الحقيقة ! والفضول يدفعنا احياناً للبحث عن المعلومة والتساؤل عن بعض المشاهد والظواهر التي نسمع عنها أو قد نراها.

في نيسان الماضي / ٢٠٢٤ نشر المركز الأمريكي للدراسات الأمنية Stratford Geopolitical intelligence platform الذي يُعرف بقربه من الاستخبارات الأمريكية تقريراً يقول فيه أن الاسرائيليين يستخدمون الأموال الكثيرة لإغراء الفلسطينيين لبيع أراضيهم وعقاراتهم في الضفة الغربية من خلال ( كاكال ) ومن خلال وسطاء عرب ! وشركات عقارية مسجلة لدى الإدارة المدنية الاسرائيلية ، خصوصا في المنطقة ( A ) التي تسيطر عليها سلطة رام الله ( مساحتها ١٨٪؜ من مساحة الضفة الغربية ) ، وفي المنطقة (B ) التي تتبع أمنياً لإسرائيل وإدارياً للسلطة ( مساحتها ٢١٪؜ ) ،،، فحسب اتفاقية أوسلو الثانية عام ١٩٩٥ قسمت إسرائيل طبوغرافيا الضفة الغربية الى ثلاث فئات ( A,B,C ) ،، وخطورة هذا التقسيم كانت احتفاظ إسرائيل بالمنطقة ( C ) والتي مساحتها ٦١٪؜ من مساحة الضفة ، بحيث أخضعت تلك المساحة لسيطرتها الأمنية والإدارية ! علماً أن كامل تلك المساحة ( المنطقة C ) أرض مشاع لا توجد بها سندات ملكية لأحد ! وكانت قبل عام ١٩٦٧ تتبع لخزينة المملكة الأردنية الهاشمية ! أي أرض غير مملوكة لأية جهة.

و للمضي في ذلك قانونياً قامت إسرائيل بإبطال مفعول القانون الأردني رقم ( ٤٠ ) الصادر عام ١٩٥٣ الذي كان يحد من شراء أو استئجار أي أرض داخل الضفة الغربية … وفَتحت محاكمها لتسهيل عملية البيع ! وسمحت لكل يهودي اسرائيلي وبشكل فردي شراء حقوق ملكية عقار أو أرض في المنطقة (A,B ) وتسجيلها في الطابو الاسرائيلي دون المرور عبر الإدارة المدينة كما كان سابقاً عبر الالتفاف على القيود بالشراء من خلال شركات عقارية مسجلة خارج إسرائيل.

ونَتَج عن ذلك شراء ٦٠٠ دونم من أراضي قرية نحالين الملاصقة لمستوطنة ( بيتار عيليت ) ومستوطنة ( دانيال ) ! وقام الصندوق القومي اليهودي بعمل مزاد لبيع أراض وعقارات فلسطينية محاذية لمستعمرة أفرات ( تمّ المزاد في مدينة نيوجيرسي الأمريكية وداخل الكنيس اليهودي كِتِير توراة ).

عندما تربط الخيوط ببعضها البعض يثور القلق ،،، إسرائيل ماضية في ضم الضفة الغربية ! ولن يستطيع أحد منعها ! وهي نتيجة منطقية لمتواليات الهرولة نحوها دون حساب ! والدليل ما تقوم به قواتها من تدمير وتفكيك وتهجير للمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية ،، لإنها أرض مشاع أيضاً غير مملوكة لأي شخص ! وجميع أراضي المخيمات تم تأجيرها من قبل الأردن للأونروا بعد عام ١٩٤٨ ،، فعلى سبيل المثال لا الحصر مخيم جنين الملاصق تماماً لأراضي ال ١٩٤٨ ( مساحته ٣٧٢ دونم ).

بالتأكيد قد تختلف التفاصيل لكن الأسباب والنهايات واحدة ! ووفقاً لمعطيات الحاضر وما أخبرنا به الماضي ، نستطيع توقع جزء كبير مما يمكن أن يحدث قريباً ! فما كان بالأمس خيالياً وينطوي على كوارث ، أصبح اليوم مشروعاً وفي الغد واقعاً.

الأوطان لم تكن يوماً سلعة تُباع ! فالوطن الحقيقي هو الأرض التي يُهرَب إليها ! لا الأرض التي يُهرَب منها.

المهندس البطاينة نائب سابق في البرلمان الاردني