الرئيسية / أخبار / الصعود الخليجي.. كيف تسعى المنطقة للتحول إلى مركز اقتصادي عالمي؟
تصويرون گوگل

الصعود الخليجي.. كيف تسعى المنطقة للتحول إلى مركز اقتصادي عالمي؟

متحدثا في برنامج تليفزيوني مباشر خلال زيارة إلى القاهرة في وقت سابق من هذا العام، أعلن العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز» خطته لبناء جسر بين مملكته وشرم الشيخ، على طرف شبه جزيرة سيناء المصرية. يمثل هذا البناء الهندسي الطموح، الذي أطلق عليه «جسر الملك سلمان»، خطوة تاريخية لربط أفريقيا وآسيا، كما أوضح العاهل السعودي. لم يقم الملك بذكر أي تفاصيل إضافية، ولكن إذا كان من شأنه أن يفعل فإن عليه أن يذكر أن هذا المشروع يأتي ضمن جهود مجلس التعاون الخليجي إلى تحويل المنطقة إلى مركز بين الشرق والغرب في القرن الحادي والعشرين.

خارج المنطقة، يلقى هذا المسعى اهتماما أقل مقارنة المحاولات الجارية لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط. ولكن التحول إلى مركز عالمي هو أحد اللبنات الأساسية لتلك الطموحات. وهو أيضا المحرك الرئيسي للنجاحات التي حققتها دول مجلس التعاون الخليجي في الآونة الأخيرة في قطاعي السفر والخدمات اللوجستية. كما أنه قد يكون مفتاحا لدول مجلس التعاون لتعزيز استقرارها الداخلي ونفوذها الخارجي.

هناك عاملان أسهما في تعزيز هذا الطموح في التحول إلى مركز عالمي، أو طريق حرير جديد للقرن الحادي والعشرين. أول هذين العاملين هي الجغرافيا. ثلث سكان العالم على الأقل لا يحتاجون أكثر من رحلة بالطائرة تمتد لأربعة ساعات وصولا إلى منطقة الخليج. في حين لا يحتاج أكثر من نصف سكان العالم، البالغ عددهم سبعة مليارات، أكثر من رحلة تمتد إلى 8 ساعات.

العامل الثاني هو عائدات النفط غير المسبوقة التي تدفقت إلى خزائن الخليج بين عامي 2003 و 2008.  قدرت دراسة لمجلس العلاقات الخارجية أنه في عام 2008، والذي كانت فيه معظم دول العالم تتجه نحو الأزمة الاقتصادية، فإن منتجي النفط في الخليج العربي ملؤوا خزائنهم بما يزيد عن 300 مليار دولار من عائدات النفط. كانت تقديرات مصادر أخرى أعلى من ذلك بكثير وصولا إلى 575 مليار دولار، مقارنة بـ400 مليار دولار عام 2003. سمحت هذه الثروة لدول الخليج بتسريع وتوسيع برامج تطوير البنية التحتية الضخمة بالفعل والاستثمار في الأسواق المتقدمة والناشئة في جميع أنحاء العالم.

أسهمت هذه الاستثمارات في بناء سمعة المنطقة كمركز عالمي، وهو ما سارع زعماء المنطقة إلى استثماره من خلال حملات التسويق باهظة التكلفة والإعلانات وحملات الرعاية. أضف إلى هذا المزيج الاهتمام بالأحداث الرياضية الدولية الكبرى، وفتح العشرات من المتاحف العالمية وصالات العرض على شاكلة أفرع متحفي اللوفر وغوغنهايم، المقرر افتتحاهما قريبا في أبو ظبي.

التحليق عاليا

السفر عبر الحدود هو واحد من أسرع القطاعات نموا في الاقتصاد العالمي. في عام 2012، بلغ عدد المسافرين حول العالم مليار شخص للمرة الأولى. وكموقع لأقدس المزارات الإسلامية، لا تزال المملكة العربية السعودية تلبي احتياجات ملايين الزوار في موسم الحج. استخدمت جميع دول الخليج الأخرى مواقعها ومواردها المالية الضخمة للحصول على أكبر حصة ممكنة من سوق السفر. وقد اعتمدت كل قطر وأبوظبي ودبي على شركات الطيران الوطنية من أجل قيادة المسيرة.

تم تأسيس الناقل الرئيسي في دبي، شركة طيران الإمارات، في منتصف الثمانينيات بهدف تشريع انتقال مقال دبي من مطار إقليمي إلى قبلة سفر عالمية. منذ ذلك الحين استهدفت شركة طيران الإمارات الأسواق في آسيا وأفريقيا، وحتى أمريكا اللاتينية،  وهي المناطق التي أهملتها خدمات شركات النقل الأخرى التي كانت غالبا ما تسعى نحو الطرق السهلة والأكثر ربحية. وقد أثمر هذا النهج أكله في ربط دبي بالعالم. ما بين عامي 2000 إلى 2015، مثلت دبي، جنبا إلى جنب مع تركيا والصين، 30% من الأسواق الناشئة في مجال السفر الجوي. في استطلاع للرأي العام هذا العام، تم التصويت لشركة طيران الإمارات باعتبارها شركة الطيران الأولى في العالم. كما أنها واحدة من أكبر شركات الطيران في العالم حتى عندما تقاس بمقاييس أكثر علمية مثل مؤشرات الإيرادات ومسافات السفر وعدد الركاب الدوليين وحجم الأسطول. ويرتبط صعود طيران الإمارات بشكل واضح بصعود دبي. في دراسة استقصائية أجريت العام الماضي من قبل شركة ماستركارد ، جاءت دبي في المرتبة الرابعة خلف لندن وبانكوك وباريس في قائمة الدول الأكثر استقبالا للوافدين (14.26 مليون وافد) والإنفاق العابر للحدود (11.68 مليار دولار).

شركة طيران أبو ظبي، الاتحاد، والخطوط الجوية القطرية تعدان أكثر حداثة وأقل حجما من طيران الإمارات، لكنهما لا تقلان عنها طموحا. تمتلك كل منهما استراتيجيات نمو عالمية مصممة من أجل زيادة أعداد المسافرين والإيرادات، مرتبطة برؤى النمو في كل من أبوظبي والدوحة. ولتحقيق ذلك، فإن الخطوط الجوية القطرية، التي تم التصويت لها كأفضل شركة طيران في العالم عام 2015، والشركة الثانية في عام 2016، تقوم بإضافة طرق دولية جديدة كل شهر. وهي تقدم الآن رحلات مباشرة من الدوحة إلى أكبر 10 مناطق حضرية في الولايات المتحدة. خلال العام المقبل، تخطط الشركة لإضافة 17 طريقا جديدا في 5 قارات. وفي الوقت نفسه، اشترت طيران الاتحاد حصصا ودخلت في تحالفات استراتيجية في مناطق عديدة من العالم. وبفضل شراكتها مع جت إيرويز، فإن طيران الاتحاد الآن أسرع شركات الطيران نموا في الهند، مما يجعل أبو ظبي رابطا حيويا بين السوق الهندية الواسعة وسائر أنحاء العالم.

هذه السياسات المبدعة والطموحة لشركات الطيران غيرت الطريقة التي يفكر بها العالم في السفر الدولي وفي دول الخليج. حتى الآن، فإن دبي هي المركز العالمي الوحيد في دول الخليج. وفقا لدراسة حديثة أجرتها شركة الاستشارات ماكينزي، فإن دبي هي واحدة من أكبر ستة مراكز عالمية في العالم من حيث السلع والخدمات والأموال والأشخاص والبيانات، والاتصالات. تشمل قائمة المراكز الخمسة الأخرى كل من لندن وسنغافورة وهونغ كونغ ونيويورك وطوكيو. في عام 1980، لم يكن ميناء جبل علي في دبي ضمن قائمة الموانئ الـ25 الأكبر للحاويات في العالم. الآن هو واحد من أكثر الموانئ ازدحاما في أي مكان. تحتل دبي أيضا المركز السادس عالميا من حيث حركة الشحن الجوي وليس هناك أي علامة على التباطؤ في هذا القطاع الحيوي. إضافة إلى ذلك، فإن دبي ورلد سنترال، قاعدة لوجستية بالقرب من المطار الجديد، من المنتظر أن تكون بضعف مساحة جزيرة هونج كونج.

لم تسبب موقف دبي الرائد في منع دول الخليج الأخرى من تحقيق أقصى استفادة من مواردها وميزاتها الجغرافية. تقف العاصمة القطرية الدوحة بالفعل في موقف متميز في مجال التمويل والاتصالات. أنفقت الكويت بدورها مليارات الدولارات على مدينة الحرير، وهي منطقة اقتصادية واسعة النطاق في شمال البلاد، وتهدف إلى أن تكون بمثابة منطقة تجارة حرة تربط بين آسيا وأوروبا.

هناك تطلعات مماثلة لمدينة الملك «عبد الله» الاقتصادية التي تقع على ساحل البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية. منذ إنشائها في عام 2010، تم تقديمها على أنها مدينة دولية وليست مدينة سعودية. وعندما يتم الانتهاء منها في عام 2030 (بتكلفة تقدر بـ100 مليار دولار) فإنها من المنتظر أن تصبح بمثابة مركز لوجيستي عالمي ومركز للشحن يربط آسيا وأوروبا والبحر المتوسط عبر قناة السويس. جدة، أكبر ميناء في المملكة حاليا، لديها بدورها خطط طموحة لتوسيع قدرتها إلى مستويات مماثلة لجبل علي في دبي.

وفي الوقت نفسه، فإن سلطنة عمان التي ركزت طويلا على خطط التنويع عن طريق السياحة والتجارة والنقل البحري، قامت ببناء ميناء للحاويات العملاقة ومنطقة للتجارة الحرة في صلالة. وهي واحدة من أسرع المناطق نموا في غرب آسيا ومنافس متزايد الأهمية على عمليات إعادة الشحن في المحيط الهندي

مستقبل النفط

النفط هو سلعة لا يمكن التنبؤ بها تخضع لتقلبات شديدة في الأسعار خلال فترات قليلة نسبيا. تراجعت عائدات البترودولار حاليا بفعل انخفاض أسعار النفط بسبب ظهور المصادر غير التقليدية للنفط والغاز، بما في ذلك الصخر الزيتي. وقد جادل البعض أن انخفاض الإيرادات سيؤدي إلى انهيار اقتصادي في المملكة العربية السعودية ودول الخليج المجاورة. ولكن منذ السبعينيات، أظهرت دول الخليج مرونة كبيرة وقدرة على التكيف. نجحت هذه الدول في تحمل وطأة الحروب الإقليمية وانخفاض أسعار النفط والركود الاقتصادي، الطفرات السكانية، والعلل الاجتماعية التي تأتي متزامنة مع التحديث السريع وغير المتكافئ.

ولا ينبغي أن ننسى أنه على الرغم من الاضطرابات الأخيرة في أسواق الطاقة، فإن المملكة العربية السعودية لا تزال هي القوة النفطية الأولى في العالم، في حين أن قطر هي المصدر الأول للغاز الطبيعي. وعلاوة على ذلك، لا تزال منطقة الخليج ككل موطنا لأكثر من نصف احتياطيات النفط في العالم، وأكثر من ثلث احتياطيات الغاز الطبيعي. وهذا وحده يضمن أن دول الخليج ستبقى لاعبا عالميا مهما كما ستظل من أغنى دول العالم. صنف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ووكالة الاستخبارات المركزية قطر في المرتبة الثالثة عالميا من حيث نصيب الفرد من الدخل القومي. الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة تقعان ضمن أفضل 10 دول، في حين تقع السعودية والبحرين ضمن قائمة أفضل 15 دولة، وتقع سلطنة عمان ضمن مصاف الدول الـ25 الأولى.

ما وراء القوة الشرائية والجغرافيا، هنا عدد آخر من العوامل التي يمكن أن تساعد هذه الدول في خططها لتصبح مركزا عالميا. منها الطموح الذي لا مثيل له للزعماء المحليين، والذي تجلي في الخطة السعودية، التي طرحها ولي ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، لإنهاء الاعتماد على النفط في المملكة وزيادة الإيرادات غير النفطية بمعدل 5 أضعاف خلال 10 أعوام. يتبنى حاكم دبي الشيخ «محمد بن راشد آل مكتوم» استراتيجية عولمة لا مثيل لها في العالم. ثم هناك نجاح أمير قطر السابق الشيخ «حمد بن خليفة آل ثاني»، في تحويل مملكته الصغيرة إلى المصدر الأول للغاز في العالم خلال أقل من عقد من الزمان.

يمكن لدول الخليج أن تدعي امتلاكها تاريخا طويلا من الشراكة مع العالم الخارجي. بحلول منتصف القرن التاسع عشر، كان المنطقة تشهد تواجدا مكثفا من الفرس والهنود والأوروبيين، والأفارقة، الذين يقومون بعمليات البيع والشراء وتبادل العادات والثقافات. في العصر الحديث، أصبحت دول الخليج أعضاء حيويين في نظام الطاقة العالمي. وجاءت معظم تقنياتها (مصدر مهم جدا للنمو الاقتصادي) جنبا إلى جنب مع الخبرات المهنية والعمالة غير الماهرة المواد الغذائية من الخارج. ورغم أن الاعتماد المفرط على العمالة الأجنبية، التي تشكل ما بين 80-90% من إجمالي العمالة في بعض القطاعات هو أمير غير مستدام اقتصاديا تسبب في إثارة مشاكل تتعلق بحقوق الإنسان، إلا أنه حول البلاد إلى شبكة أعمال متعددة الثقافات تصعب مضاهاتها. يسكن دبي حوالي 2.5 مليون شخص ينتمون إلى مائتي دولة. وجود 7 ملايين هندي يعملون في دول الخليج هو أحد العوامل الرئيسية التي تمكنها من لعب دور رئيسي في معظم قطاعات الاقتصاد الهندي الناشئ.

تعد دول الخليج أيضا من أبرز المؤيدين للنظام الدولي متعدد الأطراف. في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2001 استضافت الدوحة الاجتماع الأهم بشأن التجارة الحرة منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية في منتصف التسعينيات. عرفت السنوات الطويلة من المفاوضات التي أعقبت الاجتماع بجولة الدوحة وهم ما كان بمثابة تذكير دائم بالتزام قطر تجاه النظام التجاري الليبرالي. وقد تم تأكيد هذه النقطة في عام 2005 حين حصلت المملكة العربية السعودية على عضوية المنظمة بعد 12 عاما من تقدمها بطلب الالتحاق.

أظهر قرب دبي من الانهيار خلال الأزمة المالية العالمية مدى إمكانية تأثر دول الخليج بالتغيرات الكبرى في أسواق الأسهم العالمية. وفي الوقت نفسه، سمح الانهيار المالي العالمي أيضا لدول الخليج بالاستفادة من الاحتياطيات الكبيرة من النقد التي راكمتها في السنوات الست السابقة (بلغت أكثر من تريليون دولار) في تعزيز موقفها في قلب النظام المالي الدولي وبين كبار المستثمرين العالميين.

دول رائدة

باستثناء عمان، وضعت دول الخليج العربية أنفسها في طليعة الدول الرائدة لقطاعات الصيرفة والتمويل الإسلامي. العاصمة البحرينية المنامة هي موطن للسوق المالية الإسلامية الدولية، وهي منظمة تتبنى التجارة المشتركة وفق نظام التمويل الإسلامي. في عام 2013، أطلقت دبي أول قمة الاقتصاد الإسلامي العالمي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت حكومة الإمارات عن خطط دبي لإطلاق أول بنك تجاري متوافق مع الشريعة الإسلامية مختص في التجارة الدولية وتمويل السلع الأساسية.

سرعت كل هذه الخطوات من اندماج المنطقة في النظام العالمي. عند النظر إليها كسوق واحد وليس كست دول منفصلة، فإن دول الخليج العربي تمثل تاسع اقتصاد في العالم يمثل حجم اقتصادات كندا وروسيا وليس بعيدا عن الاقتصاد الهندي. إذا استمرت دول الخليج في تحقيق نمو بمعدل 3% فقط على مدار السنوات الـ15 الماضية، يمكن لدول الخليج العربي أن تنافس اليابان على موقعها ضمن الاقتصادات الخمسة الأكبر في العالم عام 2030.

وفقا لمؤشر الترابط العالمي الأخير، فإن دول الخليج الست من بين أكثر 45 دولة اتصالا في العالم. تمتلك المملكة العربية السعودية 20 مليون مستخدم للإنترنت أي أكثر من ثلثي مجموع سكانها، ارتفاعا من نصف مليون مستخدم فقط عام 2000. تضم المملكة أيضا أكبر عدد لمستخدمي فيسبوك في جميع الدول العربية باستثناء مصر التي تفوقها بثلاثة أضعاف من حيث عدد السكان. المملكة العربية السعودية لديها أيضا أكبر عدد من المشاهدات على موقع يوتيوب لكل مستخدم للإنترنت في العالم، كما أنها الدولة الأكثر تفاعلا على تويتر في العالم. جنبا إلى جنب مع المملكة العربية السعودية، فإن دولة الإمارات تتمتع بأعلى معدل لامتلاك الهواتف الذكية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

زاد التقدم المثير للإعجاب للمنطقة في هذه المجالات من مكانة وهيبة دولها. وهو سبب آخر، إضافة إلى الموقع الاستراتيجي، يدفع كافة القوى العظمى لرؤية هذه الدول كشركاء مهمين على الرغم من التغيرات العميقة في أسواق الطاقة. الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تولي أهمية كبيرة لدور دول الخليج منذ بداية الأزمة المالية العالمية في استخدام موادها لتحقيق الاستقرار في العديد من الاقتصادات في جميع أنحاء العالم النامي التي تملك فيها دول الخليج مصالح واسعة.

وفي الوقت نفسه، فإن النجاح المستقبلي لدول الخليج العربية في تحويل المنطقة إلى مركز عالمي يعتمد على قدرتها على التعامل مع الاضطرابات الواقعة في العراق وسوريا، واليمن إلى جانب الخطر الذي تشكله إيران ووكلاؤها والجهات الفاعلة غير الحكومية مثل الدولة الإسلامية. في الأيام الأولى من أكتوبر/تشرين الأول، تضررت سفينة إماراتية جراء صاروخ مضاد للسفن تم إطلاقه عليها في مضيق باب المندب. وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن إطلاقه على الفور.

دولة الإمارات العربية المتحدة هي الشريك الأكبر في الائتلاف التي تقوده السعودية في اليمن، وهي تلعب دورا بارزا في السيطرة على ميناء عدن. وخلال الأسبوع الحالي، تم إطلاق المزيد من الصواريخ تجاه الأراضي السعودية ونحو السفينة الأمريكية التي ترسو على سواحل البلاد. قامت واشنطن، التي تقدم الدعم للحملة السعودية في اليمن، بالرد بقصف أهداف في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثي في اليمن.

الهجمات الصاروخية العشوائية على الأراضي السعودية لا تشكل تهديدا في حد ذاتها للمملكة التي تبلغ مساحتها 4 أضعاف مساحة فرنسا. كما أن الهجمات المتفرقة في الممرات المائية لا تشكل تهديدا كبيرا للاقتصاد العالمي. خلال الحرب بين إيران والعراق في الثمانينيات، تم ضرب مئات من ناقلات النفط بالصواريخ دون أثر يذكر على أسواق النفط العالمية. ومع ذلك، إذا أصبحت هذه الهجمات أكثر شيوعا، فإنها قد تلقي بظلالها على صورة دول الخليج كواحة مستقرة في منطقة مضطربة. وهذا يمكن أن يشكل ضربة كبيرة لخطط زعماء دول الخليج لتحويل المنطقة إلى مركز عالمي.

تفضل دول الخليج الحديث عن الأمن الوطني أكثر من حديثها عن الأمن الإقليمي. ونظرا لخوفها من فقدان سيادتها، فإنها كانت مترددة دوما في التعاون في مجال الأمن والدفاع. من الممكن أن تنامي المخاوف بشأن التهديدات لرؤيتهم المشتركة، كما يحدث في اليمن، سوف يحفز القادة المحليين من أجل تحسين التعاون الأمني لحماية البنية التحتية الحيوية، ومحاور النقل والعبور الحيوية، والممرات المائية الاستراتيجية.

بقدر ما تلعب القوى الخارجية دورا في تشكيل منطقة الشرق الأوسط بأكملها، فإن التحديات الاجتماعية والاقتصادية المحلية تشكل تحديا أكبر بالنسبة لدول الخليج العربي أكثر من التحديات الأمنية الخارجية. ومن الممكن أنه في ظل المناخ الحالي، والانشغال بخطط الإصلاح الداخلي أن يتم إهمال خطط تطوير المنطقة إلى مركز عالمي. ومع ذلك، فإن هذه الخطط يمكن أن تشكل مساهمات هامة في المحاولات الجارية لإصلاح الإنفاق الحكومي، ونظام المحسوبية، وتضخم القطاع العام في جميع أنحاء المنطقة. كما يمكن أن يسهم في خلق قطاع خاص أكثر إنتاجية ويساعد في تمكين الشباب والإناث من خلال توفير فرص اقتصادية أكبر في المستقبل.

منذ السبعينيات، تحولت دول الخليج العربي إلى مصدر صاف لرأس المال، حيث تدفقت كميات هائلة من المال إلى خارج المنطقة. تقلص عائدات النفط وبرامج التنويع المكلفة تجعل من الضروري بشكل متزايد أن تقوم دول الخليج بجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ليست هناك طريقة أفضل للقيام بذلك من الاستمرار في تطوير المنطقة لتصبح مركزا ديناميكيا للسفر والتجارة والسياحة والاتصالات. في الواقع، لقد حولت التحديات الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي تواجه دول الخليج العربية ما كان في السابق طموحا إلى ضرورة. ليس لدى هذه الدول الآن خيار سوى مواصلة سعيها لتحويل المنطقة إلى مركز عالمي. حقيقة ما إذا كانت ستنجح في ذلك أم لا تبقى غير مؤكدة. الأحلام لا تصبح دائما وقائع، ولا حتى في الخليج.