الرئيسية / أخبار / التكلفة البشرية لاستعادة السيطرة على الموصل
SAFIN HAMED/AFP/Getty Images

التكلفة البشرية لاستعادة السيطرة على الموصل

بينما تتواصل عملية استعادة السيطرة على الموصل من تنظيم الدولة، فإن مئات المدنيين يفرون من المدينة ويتأزم أيضا الوضع الإنساني الهش بالفعل في شمال العراق.

من المرجح أن تنتصر القوات العراقية والكردية في معركتها لاستعادة السيطرة على الموصل من الدولة الإسلامية، ولكن انتصارهم سيأتي بتكلفة سياسية وإنسانية عالية. خلال الإطاحة بالجماعة المسلحة، يمكن للعملية في الموصل رفع معدل الإصابات لدى المدنيين في العراق، وهي الآن هي ثالث أعلى المعدلات في العالم وراء سوريا واليمن، وذلك نظرا لوجود عدد كبير من المدنيين الذين ما زالوا في المدينة. وفي الوقت نفسه، فإن وجود المدنيين يبطئ زحف التحالف لاستعادة الموصل، في الوقت الذي يأمل فيه التحالف في تقليل الأضرار الجانبية. ومع ما يقرب من 750 ألف من سكان الموصل ما زالوا عالقين في المدينة، ستقوم الدولة الإسلامية باستخدام وجود هؤلاء المدنيين كدرع للحد من الضربات الجوية. ويتأزم الوضع مع وجود مئات الآلاف الآخرين الذين يبحثون عن ملجأ. ولكن في منطقة غارقة بالفعل بالنازحين بسبب مجموعة من الصراعات، سوف يكون من الصعب العثور على ملجأ.

تحليل

تستعد الأمم المتحدة للتدفق المحتمل للنازحين من مدينة الموصل، حيث يتم إجراء جملة للإطاحة بالدولة الإسلامية منها. وقد حذرت وكالات الإغاثة أن الهجوم لاستعادة المدينة سوف يزيد من تدهور الوضع الإنساني في شمال العراق. منذ بدء الحملة في 17 أكتوبر/تشرين الثاني، بلغ عدد الأسر الفارة بالمئات، إضافة إلى 4 ملايين عراقي نازح من قبل الدولة الإسلامية منذ يناير/ كانون الثاني عام 2014. وقد أن عدد النازحين من الموصل وضواحيها سوف يبلغ قرابة مليون شخص عند نهاية المعركة. (حتى قبل بدء الهجوم كان هناك قرابة 3.3 مليون عراقي لا يزالون مشردين داخليا، في حين كان هناك 238 ألفا فروا إلى البلدان المجاورة في المنطقة). وسوى هؤلاء المشردين، هناك 1.2 – 1.5 مليون من المدنيين الذين سيتأثرون من عملية الموصل الهجومية، ما يقدر بنحو 700 ألف شخص منهم سيحتاجون إلى المساعدة اليومية.

مع توقع التداعيات الإنسانية للعملية الموصل، تقوم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بقيادة جهود المساعدات الدولية لتنسيق استجابة المساعدات. ومع ذلك، يمكن للعدد الهائل من الأشخاص الذين يغادرون الموصل أن يتدفقوا على مخيمات في العراق، وبعضها تعاني بالفعل من مشاكل. ولتغطية احتياجات السكان المشردين، يجب أن تبقى شرايين النقل الأساسية مفتوحة وسالكة بحيث يمكن أن تجلب الشاحنات المياه النظيفة اللازمة للشرب والاستحمام. تتطلب المساعدات الغذائية المساعدة من الوكالات الخارجية، مثل برنامج الأغذية العالمي، الذي يكافح بالفعل للحفاظ على دعمه لـ1.5 مليون شخص، الذي يوفره حاليا. هناك مخاوف أمنية وتعقيدات مرتبطة بعملية إعادة توطين المدنيين في المخيمات،حيث يخشى من محاولات مسلحي تنظيم الدولة الاختفاء بينهم. وكثفت السلطات إجراءات الفحص في ضوء هجوم الموصل، مما يزيد من إبطاء العملية.

ولكن المشكلة الأعظم هي أنه في كل مكان تقريبا في العراق سوف تجد المخيمات والملاجئ مكتظة. كثير من الناس الذين سيضطرون إلى مغادرة الموصل سف يقومون بالاحتشاد في المخيمات والملاجئ الموجودة، مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية والصحية الواهية في هذه الأماكن . ويبقى التساؤل إلى أين سيتطاير الشرر؟

منذ بداية احتلال الدولة الإسلامية للموصل حتى بدء الهجوم الحالي، توجه معظم المدنيين الفارين من المدينة إلى المنطقة الكردية. وقد ادعت حكومة إقليم كردستان أنها تستضيف بالفعل 1.5 مليون نازح، على الرغم من أن العدد ربما يكون أقرب إلى 960 ألفا، وفقا للأمم المتحدة. بغض النظر، فإن هذا يعني أن حكومة إقليم كردستان تؤوي ما يقرب من ثلث سكان العراق المشردين داخليا في 21 مخيم للأمم المتحدة في جميع أنحاء المنطقة (هناك مخيم آخر قيد الإنشاء حاليا في السليمانية). الشلل بسبب الأزمات المتعلقة بالميزانية والأحداث السياسية يشعر حكومة إقليم كردستان بالانزعاج من تدفق محتمل من الناس على الموصل، مشيرة إلى أنها لا يمكن أن تستوعب أكثر من ذلك بكثير. ولكن بينما ينظر إليها كملاذ، يتوقع أن تستمر موجات النزوح إلى أراضي حكومة إقليم كردستان. تلقى مخيم في ديباكه، على سبيل المثال، 1500 من المدنيين النازحين في أول يومين من الهجوم وتستعد المدينة لقدوم الآلاف غيرهم. وخلال سنة منذ افتتاحه، زاد عدد الناس الذين يقيمون في المخيم من 3300 إلى أكثر من 30 ألف شخص، حتى أن العديد من المقيمين في المخيم أنشئوا ملعبا لكرة القدم قريبا منه.

الآن وبعد أن بدأ هجوم استعادة الموصل، فمن المرجح أن المناطق المحيطة بها سوف تمتص الموجات الأولية للمشردين. لهذا السبب، فإن الأمم المتحدة تخطط لبناء الجزء الأكبر من الملاجئ الجديدة في محافظة نينوى، حيث يوجد مخيمين قيد الإنشاء إضافة إلى ست مخيمات قائمة، و يجري البناء جنوب وجنوب شرق الموصل في محافظات كركوك وصلاح الدين.

ما وراء الحدود

في الأشهر الأولى من «احتلال» الدولة الإسلامية لمحافظة نينوى، وصل 65 ألف لاجئ عراقي إلى الحدود التركية. ومنذ ذلك الحين، شددت أنقرة الإجراءات على حدودها مع العراق واستخدمت بواعث قلقها بشأن أمن الحدود لتبرير وجودها العسكري في البلاد. على الرغم من أن تركيا ليست مقصدا رئيسيا بين اللاجئين العراقيين، فقد أغلقت البلاد معبر الخابور، مما أدى لمحاصرة العديد من المهاجرين على الحدود. وتتجهز دوريات الحدود التركية حاليا لزيادة حركة المرور. وبالمثل، فإن الأردن، التي رحبت باللاجئين في المراحل الأولى من «احتلال» الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، فإنها هي الأخرى أغلقت حدودها إلى حد كبير مع كلا من البلدين. لا يزال عشرات الآلاف من اللاجئين عالقين في مخيمات الصحراء على المعابر الحدودية الأردنية المغلقة. هذا جزء من السبب الذي يدفع المنظمات الإنسانية الدولية لتمويل المخيمات في العراق لاستيعاب النازحين، وتوفير الرعاية للنازحين قبل عبورهم الحدود وقبل أن يصبحوا لاجئين.

حتى في سوريا، تستعد الوكالات الدولية لاستقبال ما يقرب من 90 ألف لاجئ عراقي من هجوم الموصل. ومعظم هؤلاء الناس يمرون عبر معبر حدودي غير رسمي عبر الطريق المار من تلعفر وسنجار إلى مخيم الهول، إلى الشمال مباشرة من الحدود السورية العراقية. تقول المنظمات الناشطة أنهم يتوقعون من اللاجئين العراقيين إغراق مخيم الهول في وقت قريب، على الرغم من أن المخيم يمتلك سعة كبيرة. في الأسبوع الذي سبق بدء هجوم الموصل، وصل 5000 لاجئ على الأقل إلى مخيم الهول، بينما انتظر 1000 ليتم قبولهم عبر الحدود. يوجد مخيمين أصغر ليسا بعيدين من مخيم الهول وهما، روج ونوروز، وبهما أيضا ما يقرب من 2200 عراقي. وقد لجأ الكثير من العراقيين إلى سوريا، حيث دفعت الحرب الأهلية والجهد الدولي ضد الدولة الإسلامية إلى رفع معدل الضحايا المدنيين إلى ما هو أبعد من العراق.