بعد غياب 33 عاما.. هذه مكاسب المغرب بعودته لـ”الاتحاد الإفريقي”
عد غياب 33 عامًا، عاد المغرب لـ«منظمة الاتحاد الإفريقي» مرة أخرى، حيث صوتت 39 دولة لصالح المغرب من أصل 53، وتحفظت 10 دول عن التصويت، فيما لم تشارك 4 بلدان في عملية التصويت.
قرار «الاتحاد الإفريقي» جاء في جلسة مغلقة بالقمة الإفريقية المنعقدة في إثيوبيا، غير أن المصادقة على عودة الرباط، تمت دون ربطها بأي قرار بشأن نزاع الصحراء بين المغرب وجبهة «البوليساريو».
وغادر المغرب الاتحاد عام 1984، بعدما قبلت أغلبية الدول الأعضاء بـ«منظمة الوحدة الإفريقية»، عضوية «البوليساريو»، التي تنازع المغرب السيادة على إقليم الصحراء، وترى فيها جبهة انفصالية.
العاهل المغربي الملك محمد السادس، أكد أنّ عودة المغرب لـ«منظمة الاتحاد الإفريقي» بعد غياب 33 سنة، نابع من رغبة المملكة في إفادة الشعوب الإفريقية من خبرتها، والدفع قدمًا بالقارة السمراء نحو الأمام.
ولفت إلى أن نية المغرب تتجه للاضطلاع بأهميته الريادية في إفريقيا، مشيرًا إلى مشاركة المملكة «في بعث هذه المؤسسة الإفريقية، ونريد أن نستعيد المركز الذي كان لنا فيها»، وأضاف: «لمن يدعي أن المغرب يبتغي الحصول على الريادة الإفريقية، عن طريق هذه المبادرات، أقول: إن المملكة المغربية تسعى أن تكون الريادة للقارة الإفريقية».
وقال: «فكرنا طويلًا، وتبين لنا أنه حان الوقت للعودة إلى بيتنا. وحتى يعود المغرب باعتباره أحد أكثر البلدان تطورًا إلى أسرته الإفريقية»، وأضاف: «سنظهر أهمية المغرب بالنسبة لإفريقيا»، وأكد أن المغرب أصبح يتمتع بخبرة تجعله قريبًا من أفريقيا «وسنستخدم كل ما يتوفر لدينا، من أجل إفادة الشعوب الإفريقية، لأننا نؤمن بوحدة المصير».
مكسب سياسي
قال الباحث المغربي في الصحراء والساحل، عبد الفتاح الفاتيحي، إن بلاده «حققت مكسبًا سياسيًا، من خلال تجاوز وضع الكرسي الفارغ بالاتحاد الأفريقي، ومكسبًا اقتصاديًا من خلال الدفاع عن استثماراته الكبيرة في القارة، داخل المنظمة، وتفادي إصدار قوانين تعرقل ذلك».
وفيما يتعلق بالواجهة السياسية، أوضح أن المغرب سيعمل على توقيف القرارات الصادرة عن الاتحاد المتعلقة بقضية الصحراء، خصوصًا أنها تعاكس موقفه في هذه القضية، كما أن بلاده ستعمل على أن يكون الاتحاد مساندًا لها في الأمم المتحدة، في إشرافها على هذا الملف.
وبدأت قضية الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول النزاع بين المغرب و«البوليساريو» من جهة، وبين هذه الأخيرة وموريتانيا من جهة ثانية إلى نزاع مسلح، استمر حتى العام 1979 مع موريتانيا، التي انسحبت من إقليم وادي الذهب، قبل أن تدخل إليه القوات المغربية، بينما توقف النزاع مع المغرب 1991، بعد توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.
مكسب اقتصادي
وعلى المستوى الاقتصادي، قال الباحث المغربي إن «المغرب ثاني مستثمر بالقارة، ومن المتوقع أن يحتل المرتبة الأولى، بعدما استثمر بشكل كبير مؤخرا، مثل إنشاء أكبر معمل للأسمدة في إثيوبيا، وإطلاق مشروع إنجاز خط إقليمي لأنابيب الغاز مع نيجيريا، مرورا على 11 بلدًا».
وتابع الفاتيحي بأن المغرب “بعد دخوله إلى الاتحاد، سيعمل على حماية هذه الاستثمارات، من خلال العمل على وقف إصدار تشريعات تعرقل هذه الاستثمارات، وإصدار أخرى لتفعيل اتفاقيات اقتصادية كثيرة، وقعها مع دول إفريقية”.
وبحسب الفاتيحي، فإن المغرب يسعى لتوسيع أكثر لاستثماراته بالقارة، خصوصًا أنه وقع مؤخرا العديد من الاتفاقيات.
ثقل اقتصادي
بدوره، قال رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية (غير حكومي) عبد الفتاح بلعمشي: «المغرب سيخلق نوعًا من التوازن داخل الاتحاد الأفريقي، بالنظر إلى أنه سابقًا كان ينتقد إدارة المنظمة القارية، التي كانت تصدر في حقه توصيات تخالف موقفه، فيما يتعلق بقضية الصحراء».
أضاف بلعمشي، أن بلاده «تجاوزت نقطة ضعفها، المتمثلة في أن قضية الصحراء كانت المعوق لدخولها في علاقات مع دول أخرى»، وأن «هذه القضية لا تعتبر الملف الوحيد، الذي جعل البلاد تقرر العودة إلى الاتحاد الإفريقي».
وأشار إلى أن بلاده ستعمل على ثلاثة مستويات بعد عودتها للاتحاد الإفريقي؛ الأول مساعدة الدول التي تسعى إلى الديمقراطية، والثاني الدخول في شراكات اقتصادية مع دول أخرى، تريد العمل في مجال التنمية، والثالث محاولة خلق نوع من التوازن داخل المنظمة، مع الدول التي بقيت حبيسة صراعات سياسية.
ورأى أن المغرب من الناحية الإقليمية والدولية، من الممكن أن يلعب وسيطًا بين إفريقيا وأوروبا بعدد من الملفات، بصفته المستفيد من وضع «شريك متقدم» مع الاتحاد الأوروبي منذ 2008.
وتعتبر مرتبة «شريك متقدم» مع الاتحاد الأوروبي مرتبة مميّزة، يتم منحها للدول غير الأوروبية المتعاونة مع الاتحاد، تتحصل بموجبها الدولة على جملة من الامتيازات الاقتصادية خصوصا.
الفريق الملكي
كشفت صحيفة «لوموند أفريك» عن الشخصيات التي اختارها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، للدفاع عن ملف انضمامه لمنظمة الاتحاد الإفريقي، وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته «عربي21»، إن «عودة المملكة الشريفة إلى حضن الاتحاد، كان من إعداد “فريق أحلام”».
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن الدبلوماسية بالمغرب، هي من اختصاص الملك، «لكن من أجل إنجاح عودة المغرب إلى حضن الاتحاد الإفريقي في الدورة 28 للقمة الإفريقية، التي عقدت يوم الاثنين بأديس بابا، اعتمد الملك على فريق مكون من أربع شخصيات، حضرت جميعها لإثيوبيا».
وأكدت الصحيفة، ساخرة، أن الدبلوماسية المغربية، تفوقت على كرة القدم، وقالت: «بعد انهزام الفريق المغربي أمام نظيره المصري، الأحد، بدور ربع نهائي كأس إفريقيا للأمم، استطاع هذا الفريق الصغير (الذي اختاره الملك) بلعبه الجماعي، أن ينتصر عن جدارة في إثيوبيا».
وسجلت غياب الطيب الفاسي الفهري، المستشار الملكي ووزير الخارجية السابق بين الفترة الممتدة من 1993 و2011، بعاصمة إثيوبيا، عن «فريق الأحلام»، هذه الشخصية، تقول الصحيفة، لعبت «دورا رائدا في التقارب مع الرئيس الرواندي بول كاغام، وبصفة عامة مع إفريقيا الشرقية»، حسب مصدر مقرب من القصر.
وأوردت الصحيفة كلا من مستشار الملك فؤاد عالي الهمة، والوزير المنتدب لدى وزارة الخارجية، ناصر بوريطة، وياسين المنصوري، مدير المخابرات الخارجية، إضافة إلى سفيرة المغرب بإثيوبيا، وقالت إن هؤلاء لعبوا دورا محوريا في عودة المغرب لحضن الاتحاد الإفريقي.