الرئيسية / أخبار / نتنياهو في واشنطن: بين إغلاق جبهة غزة وفتح بوابة الجحيم الإقليمي

نتنياهو في واشنطن: بين إغلاق جبهة غزة وفتح بوابة الجحيم الإقليمي

د. شهاب المكاحله

في السابع من يوليو، يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العاصمة الأميركية واشنطن، في زيارة تُقرأ على نطاق واسع كعلامة تحوّل لا كحدث دبلوماسي روتيني. هذه ليست زيارة مجاملة، بل يمكن اعتبارها – حسب وصف أحد المحللين العسكريين الإسرائيليين – “زيارة حرب”، تؤسس لتفاهمات أمنية قد تغيّر شكل الشرق الأوسط في النصف الثاني من 2025.

تأتي الزيارة في وقت بالغ الحساسية، حيث تعيش إسرائيل حالة استنزاف عسكري وسياسي في غزة، على الرغم من ستة أشهر من القصف المتواصل واستهداف البنى التحتية والمرافق المدنية فيما يُعرف بـ”السلاح الرابع” – أي الضغط النفسي عبر استهداف المدنيين. ومع ذلك، فشل الجيش الإسرائيلي في إخضاع حماس أو فرض تسوية مذلّة. هنا، بدأت الحسابات تتغير: لا بد من إغلاق جبهة غزة – ولو صورياً – والانتقال إلى المرحلة الأهم: الصدام مع إيران.

في كواليس المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، يُقال إن هناك “نافذة ذهبية” لفعل شيء نوعي قبل نهاية 2025، قبل أن تتغير الإدارة الأميركية، وقبل أن تتعافى إيران اقتصادياً بعد تحايلها على العقوبات. التحرك العسكري لا يعني بالضرورة قصفاً شاملاً، بل عمليات سيبرانية معقدة، أو استهداف مراكز تخصيب اليورانيوم مثل نطنز وفوردو، أو حتى ضرب أذرع طهران في سوريا والعراق ولبنان.

لكن الشرط الأميركي واضح: لا مغامرات دون تهدئة الوضع في غزة. لذلك، يسعى نتنياهو إلى إخراج اتفاق – ولو هش – برعاية قطرية ومصرية، يوقف النار ويُخلي الأسرى جزئياً، مقابل التزامات بإعادة الإعمار وتخفيف الحصار. الإعلام الإسرائيلي يروّج لهذا الاتفاق كـ”نصر استراتيجي”، بينما الواقع يشير إلى أنه إعادة تموضع استعداداً للجبهة الأخطر.

إقليمياً، يبدو أن الساحة مهيّأة للانفجار:

  • لبنان يعيش شللاً سياسياً عميقاً، و”حزب الله” على حافة الصدام مع إسرائيل بعد عمليات أمنية متبادلة.

  • سوريا تنهار اقتصادياً، وتفقد سيطرتها التدريجية على الجنوب والشرق.

  • العراق يشهد ارتباكاً أمنياً وخلافاً داخلياً حول مستقبل الوجود الأميركي والحشد الشعبي.

  • مصر تمر بأزمة اقتصادية صامتة، مع شائعات عن توتر داخل المؤسسة العسكرية.

في هذا السياق، يرى البعض أن نتنياهو لا يأتي إلى واشنطن كرئيس وزراء، بل كـ”رأس حربة” لمشروع استباقي أميركي–إسرائيلي، يهدف إلى تطويق إيران قبل أن تُصبح غير قابلة للاحتواء.

البيت الأبيض، سواء بقي بايدن أو جاء بديله، يريد إظهار الحزم في الملف الإيراني، خاصة بعد التقارير الأخيرة عن رفع طهران نسبة التخصيب قرب 90%، وهو ما يُعد عتبة إنتاج سلاح نووي فعلي. إسرائيل ترى أن الصمت يعني قبول الأمر الواقع، وهذا خطر وجودي بالنسبة لها.

الخوف الحقيقي أن يتحول التصعيد المخطط إلى انفجار غير مسيطر عليه. أي ضربة إسرائيلية لفوردو أو نطنز قد تُقابل برد إيراني مباشر، أو عبر وكلائها في لبنان وغزة والعراق. كما أن دخول قوى مثل الحوثيين على الخط قد يُشعل الخليج. السيناريو الأسوأ؟ انزلاق المنطقة إلى مواجهة إقليمية شاملة، تتقاطع فيها ملفات الطاقة واللاجئين والطائفية والأمن.

من هنا، فإن زيارة نتنياهو هي لحظة مفصلية: إما أنها تُنتج صفقة مؤقتة تفتح نافذة لتفاوض جديد، أو أنها تُشعل شرارة بوابة الجحيم الإقليمي.

 الخلاصة:

  • واشنطن قد تمنح إسرائيل ضوءاً أخضر لعمليات نوعية ضد إيران.

  • غزة ستُجمد مؤقتاً عبر وساطة عربية لإتاحة المجال للجبهة الجديدة.

  • التصعيد وشيك، لكن توقيته يرتبط بإتمام ترتيبات سياسية – إعلامية – عسكرية دقيقة.

نتنياهو يلعب آخر أوراقه. والميدان هو من سيكتب السطر الأخير.