الرئيسية / أخبار / من أوكرانيا إلى لبنان حروب تتشظى، فهل حان وقت السلام العالمي

من أوكرانيا إلى لبنان حروب تتشظى، فهل حان وقت السلام العالمي

تحولت أوكرانيا ولبنان إلى ساحتي صراع بالوكالة بين القوى الإقليمية والدولية المتضادة، حيث يسعى كل طرف إلى إضعاف الطرف الآخر، والبلدان ليست إلا نموذجا لصراعات ونزاعات يشهدها العالم، وسط حالة من الشلل على مستوى الجهود الدبلوماسية.

أعلن رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول الخميس السابع من نوفمبر الجاري أن بلاده التي تعتبر أحد أكبر مصدري الأسلحة في العالم “لا تستبعد” إمكان أن ترسل بصورة مباشرة أسلحة إلى أوكرانيا، في الوقت الذي قالت فيه وزارة الدفاع الروسية إن قواتها سيطرت على قريتين آخريين في شرق أوكرانيا.

علاقة واضحة بين التعديل الكوري الجنوبي في موضوع بيع الأسلحة لكييف، وبين ما قالته وزارة الدفاع الروسية عن بسط سيطرة جيشها على بعض القرى في شرق أوكرانيا، فهل تتمثل هذه العلاقة في حاجة سيول إلى أن ترى روسيا مهزومة؟

إن التعديل الذي أقرّته سيول لسياساتها، التي كانت تقضي بعدم تصدير أسلحة إلى أي بلد يشهد حربا، لم يصدر لحاجتها إلى تصدير السلاح، لأنّ لديها مروحة واسعة من دول الاستيراد. لكنه يرتبط حتما بغاية تتخطى الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، ليستهدف من باتت التقارير تؤكد مؤخرا على مشاركته الحرب إلى جانب روسيا.

وجدت كوريا الجنوبية في الساحة الأوكرانية فرصة للتدخل مباشرة، لاسيما بعدما أكدت التقارير عن وجود أكثر من 11 ألف مقاتل من كوريا الشمالية يحاربون إلى جانب الجيش الروسي. فمصادقة مجلس الدوما الروسي على معاهدة التعاون الإستراتيجي الشاملة بين روسيا وكوريا الشمالية، شكّلت مصدرا للنقد من جانب أوكرانيا وكوريا الجنوبية والدول الغربية. إذ عبّر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في وقت سابق، عن قلق بلاده من وجود قوات من كوريا الشمالية في روسيا، مشددا على أن خطط الكرملين في أوكرانيا “لن تنجح”.

بغض النظر إن نجحت الخطط الروسية أم لم تنجح، إلا أنّ هناك واقعا لا بدّ من التوقف عنده، ألا وهو تشظي الحروب في العالم عبر الانتقال من الأصيل إلى الوكيل. فالنزاع الكوري الشمالي – الجنوبي على أرض الجزيرة الكورية، أخذ شكلا (معولما) على أرض أوكرانية، تماما كما الأرض اللبنانية التي تشهد صراع الوكيل لتحقيق مكاسب الأصيل.

مع دخول العالم في نظام العولمة تغيّرت قواعد الحروب التي تشظت وتناثرت أطرافها، فسقطت من قواميس النزاعات لغة الحروب التقليدية بين الدول التي كانت تأخذ شكل الاصطفافات والانقسامات العامودية، لتصبح حروبا بالوكالة، وعلى أرض الغير.

لقد بدأ العالم يشهد على ساحات ساخنة تغذيها نزاعات دول تفتش فيها عن مصالحها، تماما كما هو حال قرار سيول في تعديل سياستها بهدف مدّ الجيش الأوكراني بالأسلحة ليس إرضاءً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسيكي، بل لأجل القضاء على التدخل الكوري الشمالي هناك.

تشهد الساحة الأوكرانية منذ الرابع والعشرين من فبراير 2022 حربا بدأها الجيش الروسي بشن عملية عسكرية خاصة داخل الأراضي الأوكرانية، بهدف إبعاد شبح التواجد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) عن حدود الدولة مع أوكرانيا. فعمل الجيش الروسي على وضع خطة عسكرية، تهدف إلى ضمّ مقاطعات إلى الأراضي الروسية، من أجل إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي الأوكرانية. هكذا بدأت تلك العملية صباح ذلك اليوم، لكنها لم تبق على ما هي عليه، بل تحولت إلى ساحة تقرع فيها طبول الحرب لتفرض تسويات في ساحات أخرى.

لم تقف الحرب في شرق أوروبا عند حدود خطط الجيشين الروسي والأوكراني، بل تعقدت ساحة القتال فيها وتقاطعت مصالح الدول وتعارضت، فأصبحت ساحة من الصراعات الدولية. هذا ما أكد عليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال الجلسة الافتتاحية لقمة المجموعة السياسية الأوروبية المنعقدة في العاصمة الهنغارية بودابست، من “أنه كلما طال أمد الصراع الأوكراني ضاقت مساحة الدبلوماسية وتداخلت فيها صراعات أخرى”.