الرئيسية / أخبار / “العشاء الأخير: قبيل سقوط النظام السوري”

“العشاء الأخير: قبيل سقوط النظام السوري”

د: شهاب المكاحله

في أعقاب الانهيار السريع والمفاجئ في سوريا، ما زال الكثيرون في حالة حيرة، سواء أكانوا مع النظام أم المعارضة. ما الذي حدث فعلاً خلف الكواليس؟ وفقا لمعلومات مؤكدة، كان الأساس لهذا التحول الجذري قد وُضع في عشاء سري عُقد الأسبوع الماضي في بلودان بسوريا، واستضافه رجل أعمال سوري بارز معروف بحفاظه على علاقات طيبة مع جميع الأطراف ويقيم في دولة خليجية.

هذا اللقاء السري، الذي حضره مسؤولون رفيعو المستوى وسفراء ومستشارون، كان بمثابة نقطة الانطلاق لتنسيق خطة محكمة لإعادة تشكيل مستقبل سوريا بدون بشار الأسد. قادة هذه “الطبخة” الجيوسياسية اميركيون وروس، بمشاركة فاعلة من إيران وتركيا وعدد من الدول العربية، وما نتج عن هذا العشاء الأخير “وجبة” دسمة ومصيرية مكونة من اتفاقيات محورية لسوريا، وأسفرت عن النتائج التالية:

  1. انسحابات عسكرية منسقة: إصدار أوامر للوحدات العسكرية التابعة للجيش النظامي السوري بالانسحاب من مواقعها دون مقاومة لضمان نجاح الخطة. وشمل ذلك انسحاب الميليشيات والقوات الأجنبية مع ضمان سلامتهم وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا.
  2. عفو عسكري: إصدار عفو شامل لجميع أفراد الجيش والأمن، باستثناء بعض كبار الضباط. وتم منح الرئيس بشار الأسد وعائلته حرية البقاء أو مغادرة البلاد.
  3. وحدة الأراضي: التزام تام بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية مع انسحاب تدريجي للقوات الأجنبية، بما في ذلك الأميركية والروسية والتركية، ضمن جدول زمني محدد (يحدد لاحقا وفق مقتضيات الحال).
  4. حماية الأقليات: منع أي مساس بالأقليات أو المواقع الدينية للحفاظ على التنوع الاجتماعي في سوريا.
  5. حكومة انتقالية: تشكيل حكومة انتقالية تشمل جميع الأطراف، باستثناء حزب البعث، لتمهيد الطريق للإصلاح السياسي.
  6. انتخابات ديمقراطية: إجراء انتخابات برلمانية أولاً، يتبعها انتخابات رئاسية ديمقراطية بدون فيتو على أي مرشح (يتخللها فترة حكم انتقالي لمدة ١٢ شهرا).
  7. اجتثاث التطرف: حظر تام لأي فصيل متطرف من المشاركة في الحكومة أو التواجد داخل الأراضي السورية.
  8. عفو عام: إصدار عفو شامل من المجلس الانتقالي فور تشكيله.

هذا العشاء السري كان الشرارة لتحول سوريا، بتنفيذ سريع ومنسق دون مقاومة داخلية أو تدخل خارجي.

السؤال الآن ليس فقط حول ما حدث، ولكن حول المستقبل الذي ينتظر سوريا. هل ستحقق هذه الخطة الوحدة والاستقرار والديمقراطية؟ أم ستفتح الباب لتحديات جديدة لدولة مزقتها الحرب لأكثر من عقد؟

المشكلة الحقيقية أن إسرائيل تسعى لتقسيم سوريا الى دويلات طائفية: سنية، درزية وعلوية وأخرى كردية. فأي سيناريو سينجح؟ وبدا من أطراف أخرى سيناريوهات تخدم مصالحهم وهذه السيناريوهات المطروحة هي:

أولا: جمهورية ديمقراطية: مسار صعب ولكنه يوحد الصفوف

يتناول هذا السيناريو إمكانية إنشاء جمهورية ديمقراطية في سوريا، عبر تحالف بين قوى المعارضة بمختلف توجهاتها. قد يكون تحقيق ذلك صعبا، ولكنه يحظى بدعم دولي ويهدف إلى الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها.

ثانيا: دولة إسلامية: صعود الحكم الأيديولوجي

يقترح هذا السيناريو إقامة “جمهورية إسلامية” بقيادة هيئة تحرير الشام، مما قد يؤدي إلى تغيير ديناميكيات المنطقة، لكنه يثير مخاوف من تعميق الانقسامات الطائفية.

ثالثا: دولة استراتيجية ضد النفوذ الإيراني

يقترح هذا السيناريو أن تصبح سوريا دولة موجهة لمواجهة النفوذ الإيراني، بما يخدم مصالح أطراف إقليمية مثل إسرائيل. ورغم ذلك، فإن هذا الخيار قد يزيد من التوترات الطائفية ويفاقم الانقسامات الداخلية.

رابعا: جمهورية فيدرالية: التفكك تحت غطاء الاستقلال الذاتي

يرسم هذا النموذج مستقبلا لسوريا مقسمة إلى فيدراليات على أسس عرقية وطائفية تحت إشراف الولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى إضعاف سيادة الدولة وتصاعد التنافس الإقليمي.

خامسا: الانهيار والفوضى: العودة إلى الحرب الأهلية

السيناريو الأكثر خطورة يتوقع انهيار سوريا تماما وعودة الحرب الأهلية، مما يؤدي إلى كارثة إنسانية وخلق بيئة خصبة للتطرف والتدخلات الخارجية.