المهندس سليم البطاينه
بعد توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٣٣ وفي خطابه الأول قال الرئيس الأمريكي Franklin Roosevelt : ان الشيء الوحيد الذي علينا ان نخافه هو الخوف ذاته ،، لأنه بلا أسم أو عقل ! وبلا مُبرر ! وهو مجرد رعب يشل طاقتنا ! وهو الخوف الناجم عن الخطر.
كانت وستبقى الإجابة عن مستقبل النظام السياسي والهوية الوطنية الأردنية ضرورة قائمة طالما أن الأردن بقي بنظر غالبية دول العالم جزء من منظومة الأمن الاستراتيجي لإسرائيل، وخزّان للاجئين وظيفته احتواء النتائج الديموغرافية التي تنتجها الحروب والنزاعات داخل الإقليم والمنطقة.
اليوم لدى الأردنيين أسباب كثيرة للخوف ! ولا أحد يريد الاعتراف بمخاطر الديموغرافيا القادمة ،، والرهان على قدرة الخطاب السياسي أصبح غير كافي ! والخوف من أن نكون أمام مرحلة تصفير تاريخي بدفع الأردن الى مرحلة ما قبل الدولة ،، حيث يكاد المتتبع للشأن الجيوسياسي داخل الإقليم يجزم ان تحولات وتغيرات تجري داخل المنطقة ! بعضها يجري في صمت ! والبعض الآخر يظهر للعيان وتطفو على السطح ارتداداته ! لكن الأكيد ان المرحلة لها ما بعدها على الصعيد الداخلي كما على الصعيد الإقليمي !
ما يصلح للنقاش والجدل يمكن ان يكون صالحاً لمزيد من الاسئلة ،،،وليس كل ما هو ظاهر على السطح هو الحقيقة ! وأن “ترى غير ان تسمع” مقولة يُراد بها التحقق من السمع ،،، فالأهداف الخفية غير المعلنة ستحدث مفاجأت غير متوقعة ولعلها أشياء خفية نسمع عنها ولا نراها ! ولا يمكن لنا القفز عن الوقائع وتجاهل الحقائق ! فكل المعطيات تقود إلى استنتاج وحيد ان المرحلة المقبلة جد خطيرة على الاردن، فنحن متأخرون جداً في علم المستقبليات والماورائيات ! ولا زلنا نفتقد الى نظام إنذار مبكر يرصد مؤشرات الواقع للتنبؤ بالمستقبل أو التحكم فيه والتخطيط له خوفاً من التحولات المفاجئة ،،،،،، فمائة عام من عمر الدولة الأردنية علّمتنا ان أهم الاحداث التي حصلت سابقاً داخل الإقليم كانت مفاجاءات لم يتنبأ بها أحد !
نحن المتشائمون، لدينا من الحُجج والبراهين ما يكفي لتثبيت تشاؤمنا وخوفنا خصوصاً ان التصورات لدى الفاعلين السياسيين الأردنيين حول الأولويات التي يجب التركيز عليها والتحضير لها في المرحلة المقبلة لا زال مُختَلف عليها بسبب قلة الخبرة وضعف التكوين المعرفي لدى غالبيتهم.
الواضح هنا ان إسرائيل نجحت بإحكام القبضة على كل شيء في كل زمان ومكان في المنطقة ،،، فكثيراً ما أتساءل بيني وبين نفسي عن السر الخفي وراء عدم الرد على أمثال بن غفير وسموريتش ونتنياهو وغيرهم ومن قبلهم بن غورين وديّان.
دعونا هنا نطرح تساؤلات علّها تقترب بنا نحو الإجابة : إلى أين يقودنا مشهد الأردن القادم ؟
الإجابة عند الصحفي الأمريكي Jon Hoffman الذي شخّص الشأن الديموغرافي الأردني بعيون غير الأردنيين ! ونشر تقريره بهذا الخصوص على موقع Worldometers-Info ، ومجلة ريسبونسبل ستيت كرافت ( Responsible Statecraft ) الأمريكية التابعة لمعهد كوينسي ( Quincy ) لفن الحكم الرشيد ، واقتبست منه عناوين رئيسية :
• الأردن هو فلسطين ! ومؤتمر ( سان ريمو ) وضّح ذلك في عام ١٩٢٠ عندما وضع المجلس الأعلى للحلفاء فلسطين تحت الانتداب البريطاني ! واستبعد اراضي شرق نهر الأردن من الانتداب الفرنسي لأنها جزء من أراضي فلسطين !
• مفهوم الجغرافيا فقد كثيراً من تداوله المكاني ! وأصبح مجالاً مفتوحاً ومُركّباً، وهناك سايكس – بيكو أمريكية جديدة ! ومراجعة جادة للخرائط القديمة.
• الأردن عملياً غادر مواقعه القديمة و بأدوار جديدة دون تحديد اتجاهاته منذ عشرين عاماً.
• الديموغرافيا الأردنية تشهد تحولات سريعة من جهة تعميق التغيير في التركيبة الاجتماعية والسكانية ، والإجماع ان هناك شكلاً جديداً للأردن يصاحبه خارطة سكانية جديدة.
• اللجوء السوري يشكّل عامل ضغط على التركيبة السكانية الأردنية.
• الأردن يستضيف حالياً نحو ٥٧ جنسية مختلفة من اللاجئين ! يشكلون ما نسبته ٣٩٪ من إجمالي عدد السكان و ١٥٪ من إجمالي لاجئي العالم.
• هندسة تغيير الخارطة السكانية بدأت من سنوات طويلة.
• الأردن بَرَعت في استخدام ورقة اللاجئين للحصول على دعم مالي وسياسي من دول العالم وهو حقٌ مشروعٌ لها.
لابدّ من توفّر إرادة سياسية حقيقية من أجل تفادي اللعب ب ( ألغام الهوية ) التي من الممكن ان تفجّر مشاكل داخلية نحن في غنى عنها ، فإذا قبلنا الفرضيات السابقة نستطيع فهم وشكل الجغرافيا الجديدة في المنطقة والديموغرافيا القادمة على الأردن ،،، وأي ضغط على الأردن أو تغيير في المواقف نتيجة إغراءات اياً كان نوعها بالقبول بمشاريع التوطين يعتبر انتحارا سياسيا للنظام سيترافق معه مطالبات بتعديلات على مستوى الحكم وعلى مستوى سياسات الدولة.