المهندس سليم البطاينة
قال الكاتب والمفكر الفرنسي Andrè Paul Gide ( ١٨٦٩- ١٩٥١ ) قديماً ؛ اللهم ساعدني على الضرائب ! أما المصائب الأخرى فأنا متكفل بها !
اسمحوا لي أن أكتب بغضب !! حيث بات من الصعب على أي عاقل في الأردن أن يفهم المنطق الذي اتخذته الحكومة السابقة قبل رحيلها بفارق زمني لا يتعدى ساعات ! بقرارات مفاجئة هوجاء لم تُدرك حجم آثارها على الأردنيين ! تسببت في ارتباك كبير وأثارت تساؤلات وفتحت نقاشات كثيرة ! كان الأولى بالرئيس بشر أن يرفضها أو يتجنبها.
للأسف ، اينما أدرت وجهك في الاردن تجد أمامك أزمة مفصلية تطل عليك بحرارة ! تُراوح مكانها منذ سنوات طويلة وحتى يوم مجهول في عالم الغيب ،،، وعَبط الحكومات في الأردن ليس له حدود ! وظاهرة الجباية أصبحت كالحمى في السنوات الأخيرة، الهدف منها جيب المواطن الذي أصبح فارغاً ! فما أن تواجه اية حكومة تراجعاً في الإيرادات خصوصاً في ضريبة المحروقات تُسارع الى فرض ضرائب ورسوم جديدة ورفع أسعار وسلع وخدمات دون مراعاة لأي اعتبار.
لا اريد ان ابدو متأسفاً او انفعالياً ، لكن في الوقت الذي كان فيه الأردنيون مشغولون بأجواء الانتخابات النيابية الأخيرة ! وعلى اعتماد منطق الاستحمار والاستخفاف بالمواطن وكأنّه ساذج أو معاق ذهنياً ! قررت الحكومة السابقة وبآخر اللّيل ، وبالوقت بدل الضائع من عمرها رفع الضريبة الخاصة على السيارات الكهربائية لترتفع إلى ٤٠٪ وبشكل تصاعدي لتصل إلى ٥٥٪، إضافةً الى رفع الضريبة على الدخان والمعسّل وقبل ذلك على مشاريع الطاقة الشمسية بطريقة جنونية ! رغم من أن وزير المالية السابق الدكتور محمد العسعس تعهّد أمام مجلس الأعيان أنه لا رفع للضرائب أو فرض ضرائب أو رسوم جديدة في العام ٢٠٢٤ ! وان البرنامج الوطني للإصلاح المالي والنقدي الذي أتّفقت عليه الحكومة مع صندوق النقد الدولي لا يتضمن بتاتاً رفع ضرائب أو فرض رسوم جديدة !
حتى الآن لا يوجد وسيط نزيه بين الدولة والناس يخفف حالة الاحتقان الكبيرة ! وما حدث في قرارات آخر اللّيل يمكن ان نسميه استحمار ! ومن يقرأ شيئاً من التاريخ إن كان يهمه ما سيكتبه التاريخ عنه ! لعله لن يلعب بهذا الأسلوب في الوقت بدل الضائع !
لقد تعمقت أزمة الاقتصاد الأردني ووصل مرحلة استعصاء وعجز شبيهة بالحالة التي مر بها عام ١٩٨٩ ،،،فقد استوطن الفقر بيوت الاردنيين ، وقضى على كل بصيص أمل بحياة كريمة لهم، وتكاثرت الجراح عليهم ولم يعودوا يعرفون أي جرح أكثر تأثيراً ! فـ ما زالوا يعيشون في دوامة الفوضى والعشوائية التي مارستها غالبية الحكومات ضدّهم في تفنّنها في فرض الضرائب والرسوم الشيطانيّة المعلنة منها والغير معلنة ! حيث يدفع المواطن على سبيل المثال لا الحصر ما بين ٥٥-٦٥ قرشاً عن كل لتر بنزين يشتريه ، وأصبحت الضريبة عليه تتجاوز السعر الأصلي للمشتق النفطي !
بالتأكيد التحديات لا تأتي بالتأشير عليها فقط ! والاستمرار بالنهج الجبائي الموحِش والظالم لجميع الحكومات حوّل الدولة الأردنية الى ما يشبه مؤسسة ربحية ،،، وإن النهج المتوازن بين التغيير والاصلاح سيعطي للأردن فرصة لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة ،،،، ونجاح الرئيس الجديد سيعتمد الى حد كبير على مدى قدرته ان يرى بشكل جيد المشهد الداخلي الأردني على حقيقته ، وعلى جرأته في تفكيك عُقَد التأزيم وشراء القبول السياسي الشعبي، وإيصال رسائل مقنعة للأردنيين لتصريف فائض القلق لديهم !
انتهى زمن المكياج وثَبَتَ أن التركيبة نفسها تُعطي نفس النتائج، ويكفي لنا أن نقرأ المشهد الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي من فَقر متعدّد الأبعاد وبطالة مرعبة وضرائب خيالية حتى نعي درجة الخطورة التي وصلنا إليها ،،،،، فـ الشعب الأردني شعبٌ كريمٌ ودود يكابِد ليس له إلا الواحد الأحد، يفيض حيوية ، ويحب الآخرين ،، لكنه لم تُتح له فرصة العمل والإنتاج والتنمية !
المهندس البطاينة نائب سابق في البرلمان الاردني