ين نفي تورطها وعلمها المسبق بما جرى يوم السابع من أكتوبر، وبين محاولات رفع وتيرة التصعيد في المنطقة، بدأ بزوغ الحصاد الإيراني المبكر لنتائج الصراع المستمر في المنطقة، حيث أفاد تقرير سري صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بارتفاع مخزون إيران من اليورانيوم المخصب منذ التقرير الأخير للوكالة في فبراير الماضي، إلى مستويات قريبة من مستوى صنع أسلحة نووية.
أضحى جليا تسخير إيران تداعيات الحرب في غزة، منذ الوهلة الأولى، لإتمام سعيها في تحقيق أجنداتها ومصالحها القائمة على نهج التأثير العسكري وانعكاسه على تثبيت أركان نفوذها السياسي في المنطقة ضمن مسارات العلاقة مع الغرب، ليصب ذلك في استكمال دخولها نادي الدول النووية.
إيران تدرك اليوم أن حماس في طريقها إلى خسارة الحرب في غزة، وأن أي صفقة منتظرة لمستقبل القطاع لن تنعكس على نظام الملالي بشكل مباشر، خاصة بعد فشل شعار وحدة الجبهات بإيجاد قواعد تبني صفقة تسعى إليها طهران للتخفيف من حدة العقوبات المفروضة عليها، فالولايات المتحدة سعت بحزم لإظهار ردة فعل عسكرية تجاه تمادي أدوات محور إيران في العراق واليمن، في رسالة واضحة لطهران بعدم جدوى أوراق ضغطها في أي حوار قادم قد يفضي لعقد صفقة جديدة ضمن مستجدات الصراع في المنطقة.
تراجع دور جبهتي بغداد وصنعاء المتزامن مع استمرار جمود جبهة دمشق، قابله سعي إيران لتحسين موقفها التفاوضي عبر الحفاظ على جبهة جنوب لبنان نشطة بصخب عسكري منضبط، فالجبهة التي كانت للإسناد في المرحلة السابقة، سكنت بوتيرة تأثير محدود لتفادي تصعيد إسرائيلي متدرج ذاهب نحو فتح ساحة حرب جديدة، حيث يلتزم حزب الله في سياسة المحافظة على قواعد الاشتباك ضمن حدود البحث عن صفقة في الداخل اللبناني برغبة إيرانية تنعكس بالمحصلة على مصالحها، صفقة يماطل بها الثنائي الشيعي مع اللجنة الخماسية للاستحواذ على مفاصل الجمهورية اللبنانية.
مساعي إيران المبكرة لحصاد ثمار ما يجري في المنطقة هدفها إثبات موقعها على الساحة السياسية الدولية إدراكا منها أن لا صفقة مع الدول الأوروبية دون الولايات المتحدة، فإن كانت قد نجحت بقرن تفاصيل الصفقة في لبنان بسير مفاوضات الهدنة في غزة، تمهيدا لفتح الأبواب أمام صفقة أكبر مع طهران، فهي اليوم تسابق الزمن قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، حيث تقف أمام احتمالين؛ إما أن تعقد صفقة مع بدء الولاية الثانية للرئيس جو بايدن أو الدخول مجددا في مواجهة عقيمة مع الرئيس دونالد ترامب، وفي الحالتين يريد النظام الإيراني الوصول إلى أقرب نقطة من تخصيب اليورانيوم القادر على صنع سلاح نووي كهدف تُبنى عليه إستراتيجيتها التفاوضية في المرحلة المقبلة.