د. بسام الهلول
شواظ/ الياسين/ولعت / ادعقت / واستدعاء الغميس من كنوز العبارة.
وللمغاربة كبير فضل في استلهامنا وحضور الرشد حتى وجع منا( الليت والاخدع) إصغاء والتفاتا في تجربتهم اومقارباتهم الفلسفية في( تجربة المفهوم) الأمر الذي جعل من عنوان مقالتي( من معجم غزة القسام واخوتهم) سرايا القدس وكتائب أبوعلي والمصطفى). ذلك انهم جميعهم بلغوا سدرة( المصطفى) مما جعل بعض الفاظهم وان كانت من( العامية) فيما يتناقلونه ونسمعه ونلاحظه من تداول ومما درج على ألسنتهم في مقارعة( الكيان المسخ) حفدة( القردة والخنازير) من الفاظ( اشمط) ( ولعت) ( ادعقت) جعل من هذه الألفاظ ( شخصيات مفهومية) أسهمت في ابتكار صيغا وجودية مقامها المحايث( الكرامة والشجاعة والاقدام والاستشهاد والمتوسطي يعانق الاطلسي من خلال مفردة( الزواري) الامر الذي جعل من هاته الالفاظ ( العامية) تجربة رائعة في التحويل اذ استطاعت معامل المقاومة الغزيّة ان تنقلها من ( عاميتها) اي من مقام التداول العام، الى( مفهوميتها) أي إلى مقام المفهوم فتصير متميزة بمكونات معينة ومرتبطة بمشكلات متعددة وشخوص مفهومية .
وهكذا تغدو اللغة الدارجة بمفرداتها ، اشمط، ولعت، ادعقت، موضوع تأمل فلسفي ومرتعا خصبا لتوليد مفاهيم فلسفية لايعوقها( عاميتها) انها استجابات لغوية تواصلية تدعو إلى حالة الالتفات وان ( وجع مني الليت والاخدع) كنا تقول العرب من شدة الالتفات والاصغاء( وهما عرقان من عروق الرقبة) والشاهد؛ تلفت نحو الحي … حتى وجعت من الاصغاء ( ليتا واخدعا) .
فهذا التواصل اللغوي الشفاهيالدارج هو ترجمة حقيقية كي نصل به الى( المفهوم) وخارج مايبدو انه لعب بالكلمات انما هو في الحقيقة( تنضيدفكري يتجاوز تفلسفنا إلى فلسفة جديدة توسم بفلسفة( المقاوم والثائر والمرابط) ارتبط تاريخه بطارق بن زياد وموسى بن نصير بل إلى غور بعيد مرتبط بالقلة( ان تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الارض) يوم ان سقطت عباءته عن أكتافه خوفا ورجاء ( يارب ان هذه قريش جاءت برجلها وقضيضها ) ونحن نقولها اليوم ( يارب هذه اجتمعت على باطلها وخيانتها بقضها وقضيضها من امة العرب والكفر وثارات خيبر ان تهلك هذه العصابة لن تقوم لنا قائمة بعد هذا اليوم)
ان غزة في خطابها الحاضر تعدت بمقامها المتوسطي لتدل على المقام الاطلسي من خلال بل من ظلال مفردة( الزواري) بل تعدت في بعدها السوسيولوجي الفاقة والحاجة وضيق ذات اليد والعسرة وتعدت كذلك بدلالتها السيكولوجية المرتبطة بالقهر والحقرة وظلم ذوي القربى
ان غزة الان احتجاج على مجتمع ومحيط ينخره الاستبداد و المؤامرة والاستخداء ورغم هذا فكلنا نداء ومن معجمها الدارج ( اشمط.) لقد استقام منك الرمي ومقاومة منك للمحو المتعمد من ذوي القربى ومقاومة منك للفئة الباغية لايضيرك هذا فديدن الفئة الباغية قتل الرجل( الطلعة) فأنت ( قرطالتنا) من التين والزيتون خبأتها جداتنا ليوم من مثل هذا رغم مواطأة ما نعهده في مقرنا هذا من رسم الله فيهم مذلة وصغارا وان وجدوا السعة عند من لاينكر عليهم من جفاة العرب وحفاتهم ورغم القابهم انما هي ( اسماء شريفة على مسميات خسيسة )
وستبقى كلمات المقاومين منك رغم عاميتها محفلا وجوديا تجلت وتبرجت لزمن صياغة كينونة فما وراء كلمات الثوار المقاومين انما هي مقامات ومحايثات حين يكتسب المفهوم معناك في الزمن المقاوم وحين تبدعين لتجاوز زمن الهزيمة المرتبط( بفوات الاوان) بل وعلى يد المقاومين انفتحت( فوات الاوان) على مستقبل يغدو حاضرا لاندركه
تجاوزت بنا كل خيبات الحاضر والماضي خيبات النهضة العربية وخيبات جامعة ويلسون العربية
د. الهلول كاتب ومفكر اردني