د. بسام الهلول
كان القرن الخامس عشر الميلادي قرن (التحولات) بما حمل من احداث جسام، من اكتشاف العالم الجديد وتحول في خط ( الأبازير)..اي التوابل بل شهد مرحلة (اعضال الجغرافية للفكر)..بما جرى على يد البرتغال والاسبان من تقسيم لهذا العالم الاسلامي او ما يسمى مخاتلة( التقاء الحضارات).. وهو نفسه مجمع لمحفلية الحبر الاعظم لتنصير العالم الجديد بل وشهد أعظم احتفالية تعرض لها الهنود الحمر من ابادة ومذابح جماعية كما نشهد اليوم والان والوشيك من مثلها على اياد (من شابه اباه ما ظلم) الامر الذي افاض به الكاتب والناقد (تزفيتان تدروف) وما كشفه من مخازي ما يسمى (الكشوفات الجغرافية) وما جرى على ايديهم في كتابه (فتح امريكا) …. وفي الحقيقة ان ترجمته الواقعية (اجتياح أمريكا) اذ ثمة فرق بين المصطلحين).. كما نشهد (غزة هاشم) اليوم (خمرهم العتيقة في جرارها الجديدة) اذ قام بإهدائه الى امرأة من قبائل المايا اكلتها كلاب (المعمرين الجدد).. لعمري اي فتح هدا وقد شهد مذابح فاق عديدها التسعين مليونا من الهنود الحمر واي خزي هدا لحق هذا (الابيض) ويده مضرجة بدم اصحاب الارض الاصليين وهم اصحاب حضارة ومدنية غلب عليها التأنق والتظرف بل ويضرب المثل بشهي اطباقهم اي الهنود الحمر..
لقد افاض ( تشومسكي) في نقده ( الفكر البرّي) الامريكي ، فيما تزينت به المكتبة العالمية في خطابه ومؤلفاته..
وها نحن حيال حالة الانتكاس العربي وما اشبه الليلة بالبارحة فعالم من اعيان القرن الخامس عشرة وهو يؤرخ لتقص الجغرافية العربية وفواتها اذ يذكر تمظهره بتراجع النقد العربي بظهور (القشور الفلسية).. مع ظهور (سطوة يهود) وأبرزها ما يعرف بـ (المسألة اليهودية).. التي قضّت مضاجع القرن ما عرف (بالمسألة التواتية) نسبة الى (توات) في المغرب الاوسط. (الجزائر اليوم) وهي مدينة تقع على أطراف الصحراء الامر الذي نستطيع ان نقرر معه القاعدة العمرانية (بالضم) وتكاد لا تتخلف هذه القاعدة (كلما رأيت علوا لليهود يقابله أفولا في العمران العربي المسلم) ومن صورعلوهم وغطرستهم والشاهد على ذلك ما ورد مخطوطا (ومنه ما يفعلونه في الاسفار من ركوب الخيل المسرجة بالذهب والفضة )… مما حداه ان يقول ( حيال هذا المحظور الشنيع والمنكر الفظيع يتقدم في ازالته. بما امكن )وفي موضع اخر يقول (انهم وجدوا السعة عند من لا ينكر عليهم من ( جفاة العرب وطغاتهم)…الامر الذي حدا بأعيان القرن اذ ذاك كما الساعة التي نعاين ونعيش وكأنه يخاطب ابناء يعرب الان ويخاطب ساستهم المتقاعسين فيقول صاحب كتاب( فلك السعادة الداير بفضل الجهاد والشهادة)..عام 1646 عبد الله بن علي بن طاهر الحسني مستنهضا همم العامة والسلاطين في الباب الاول منه( مخطوطا) (يامن هم اعجز من النسوان ، واضعف عقلا من الصبيان ، يا مقيما في جوانب الحجرات، يا متخلفا في الخدر مع الصبيات ، اهون بكم من شجعان، ابغض بكم من فرسان، أف لكم من رجال، تعسا لكم من انذال، بعدا لكم يا ضلال، تبا لكم يامن لا تخطر له المعالي ببال، متى يؤذن مالكم منخور بانتقال؟ متى ينقضي ذيل الجبن المطال، متى تمتصون لقتال الاوباش الانذال؟) انها حالة الانتكاس ( Break Down )كما استجلاها ابن خلدون اذ استحلى نسق تراجع عالمنا العربي اذ ذاك وحلل أو الياته على قاعدة السبب والطبيعة مما فات معه ( دور الشرف)
ان انعزالنا عن عالم الاحداث وعن انباء الساعة التي نعيش ورغم زئير وازيز اوارها الا اننا لازلنا كما الكائن طاف فوق محيطين : المكاني الصحراء ، والزماني تناوب الليل والنهار يحتسي قهوته السوداء وازمانه يجري تقطيرها في هدا السائل الاسود ،لعمري انها المواضعات من الزمن الشائه الامر الذي يجعل من الكتابة مسوحا نتخطى هذه اللحظات مقاومة منا للمحو المتعمد الذي نراه حمما على سقوف غزة ، انه الصلف الذي يوشح ( معمارية نصوننا وهندستها) بفوات جغرافيتنا السياسية العربية ونقصها من اطرافها المتمثلة بعلو ( النتن- ياهو)ومن رسم الله فيهم ( النحن)..مذلة وصغارا .
د. الهلول كاتب ومفكر أردني