أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء أن “على الأوروبيين التخلي عن السذاجة” و”استخلاص العبر” من الخيارات الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة التي تتركز على خصومتها مع الصين.
وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني، تعليقا على فسخ أستراليا عقدا لشراء غواصات فرنسية لصالح الولايات المتحدة، “حين نكون تحت تأثير ضغوط قوى كبرى تشتد أحيانا، فإن إبداء ردّ فعل أو الإثبات بأن لدينا نحن أيضا القوة والقدرة على الدفاع عن أنفسنا لا يعني الانقياد إلى التصعيد، بل هو ببساطة فرض احترامنا”
قال وزير الخارجية الفرنسي إن “المخرج من أزمة الغواصات الحالية بين بلاده والولايات المتحدة الأميركية سيستغرق وقتا ويتطلب أفعالا”، في حين دعا وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي أوروبا لإنهاء الاعتماد على الحماية الأميركية.
ودخلت العلاقات بين فرنسا من جهة، والولايات المتحدة وأستراليا من جهة أخرى، أزمة شديدة الخميس الماضي، وذلك بعد إلغاء أستراليا صفقة شراء غواصات فرنسية وتعويضها بأخرى أميركية تعمل بالوقود النووي، وهو ما وصفته باريس بأنه “خيانة وطعنة في الظهر”.
وقال بيان للخارجية الفرنسية إن وزير الخارجية جان إيف لودريان أكد لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن -خلال اجتماع ثنائي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك- أن المخرج من الأزمة بين البلدين سيستغرق وقتا وسيتطلب اتخاذ إجراءات.
وأضاف البيان أن لودريان وافق على البقاء على اتصال وثيق مع أنتوني بلينكن، من أجل استعادة الثقة بين الطرفين، بدون مزيد من التفاصيل.
بدورها، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن “الوزير أنتوني بلينكن اجتمع مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان اليوم الخميس في نيويورك، وناقشا خطط مشاورات ثنائية متعمقة، بعد تفجر أزمة دبلوماسية بين واشنطن وباريس الأسبوع الماضي بسبب صفقة غواصات”.
الحماية الأميركية
وفي وقت سابق، قال وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير إن “أزمة الغواصات الأخيرة تشير إلى أنه لا يمكن للاتحاد الأوربي الاعتماد في حمايته على الولايات المتحدة”.
واستغرب وزير الاقتصاد الفرنسي التصريحات التي أدلت بها رئيسة الوزراء الدانماركية وقالت فيها إن الولايات المتحدة ستواصل الدفاع عن الاتحاد الأوروبي وحمايته مهما كلف الأمر.
وأضاف لومير -في تصريح لإذاعة “فرانس أنفو”- أن الاعتقاد بأن واشنطن ستواصل حماية الأوربيين خطأ كبير، حسب تعبيره.
ومضى قائلا إن أزمة الغواصات وما حصل في أفغانستان يظهران أنه لم يعد بإمكان الأوروبيين الاعتماد على الولايات المتحدة، لضمان حمايتهم الإستراتيجية.
وأكد لومير أن على أوروبا أن تفتح عينيها، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لديها هاجس واحد، وهو احتواء صعود قوة الصين.
وقال “عندما يتم اتخاذ مثل هذا القرار القاسي، أعتقد أنه يترك آثارا دائمة.. لم تكن لدي أوهام بشأن التطورات الإستراتيجية للولايات المتحدة، فهم يعتقدون أن حلفاءهم يجب أن يكونوا مطيعين”.
مكالمة هاتفية
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون قررا -خلال مكالمة هاتفية- أمس الأربعاء فتح مشاورات معمقة لضمان الثقة، وذلك بعد التوتر الذي شهدته علاقات البلدين إثر صفقة الغواصات مع أستراليا.
وذكر بيان للبيت الأبيض أن الرئيس الفرنسي قرر عودة سفير فرنسا إلى واشنطن الأسبوع المقبل، كما أكد بايدن مجددا الأهمية الإستراتيجية للمشاركة الفرنسية والأوروبية في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
وأشار البيان إلى أن الرئيسين سيجتمعان في أوروبا نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل من أجل الوصول إلى تفاهمات مشتركة في إطار الحرب ضد الإرهاب، كما تلتزم واشنطن -وفق البيان نفسه- بتعزيز دعمها لعمليات مكافحة “الإرهاب” في منطقة الساحل الأفريقي التي تقوم بها الدول الأوروبية.
تجاوز الغضب
ومن جهته، دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فرنسا إلى تجاوز غضبها بشأن صفقة الغواصات الأميركية الأسترالية، في حين أكد دومينيك راب -نائب رئيس الوزراء البريطاني- أهمية اتفاقية “أوكوس” (AUKUS) الموقعة مع الولايات المتحدة وأستراليا، من أجل تحقيق رؤية بلاده لتعزيز الاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
وقال راب إن اتفاقية أوكوس -التي أدت إلى إلغاء صفقة كانت أبرمتها فرنسا مع أستراليا لشراء غواصات فرنسية- هي اتفاقية “مهمة جدا لأمن بريطانيا”، وإنها ستسهم في “تعزيز الاستقرار بمنطقة المحيطين الهندي والهادي”، وستعزز مفاوضات لندن لتوقيع اتفاقيات تجارة حرة، و”ستخلق كثيرا من الفرص والوظائف”.