د. شهاب المكاحله
الأول نيوز – قبل إعلان وقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا بين القوات التركية وعناصر سوريا الديموقراطية (قسد)، توصل الجانبان الكردي والسوري برعاية روسية إلى اتفاق تضمن مساندة الجيش السوري للأكراد مقابل اعادة تلك المناطق الى حضن الوطن.
قبل ان يتفق الجانبان الأميركي والتركي على وقف العمليات العسكرية ضد الأكراد السوريين في شمال شرق سوريا، لم تكن أنقرة على دراية بأن روسيا تتفق مع (قسد) التي بدورها عقدت لقاء مع قيادات الجيش السوري ما سرع من تقدم وحداته لاستعادة المناطق التي كان يسيطر عليها الأكراد؛ فأجُهضت المحاولة التركية للدخول بعمق ٤٥ كم في سوريا لإقامة منطقة عازلة وبالتالي التأثير على مسار العملية السياسية هناك.
باختصار كان لتدخل أنقرة في سوريا أثر عكسي على الوجود التركي في سوريا إذ لم تتمكن القوات التركية من إنجاز أهدافها العسكرية والسياسية بل كان المكسب الوحيد هو تخلي واشنطن عن حلفائها الأكراد مقابل وُد تركي. وبهذه الحالة فشلت تركيا في إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي السورية. فقبل العملية العسكرية التركية حددت تركيا أهدافها من التدخل في شمال سوريا بالتوغل بعمق ٤٠-٤٥ كم، وتطهيرها من المكون الكردي وتفريغ المخيمات السورية في تركيا من اللاجئين وإعادتهم إلى تلك المنطقة العازلة. فما كان من القوات السورية إلا أن سارعت باستعادة السيطرة على تلك المناطق وأجهضت المخطط التركي.
فخسر أردوغان الرهان والعملية العسكرية والهدف الأساس من إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود التركية السورية ولكنه ربح مركزه لدى الإدارة الأميركية كلاعب مهم في حصار إيران. أما خسارة تركيا الثانية فتمثلت في الحفاظ على المكون الكردي في شمال شرق سوريا إذ إن القوات السورية تسيطر على منبج وكوباني وقطاع كبير من الحدود مع تركيا بينما يسيطر الأتراك على المناطق الريفية في شرق سوريا.
فلو تحقق السيناريو الذي كان أردوغان يريده من تلك العملية وتطهير المنطقة من الناطقين باللغة الكردية، لتمكنت قواته من البقاء هناك ردحاً طويلاً من الزمن ما يعني تعطيل العملية السياسية في سوريا برمتها وإبقاء كل من موسكو وطهران أسيرتين للسياسة التركية.
واليوم وبعد فشل تلك العملية العسكرية، فمن الممكن البدء بالتفاوض بين كافة الأطراف المتنازعة مع الحكومة السورية من أجل جدول زمني للبدء بالعملية السياسية ومشروع الدستور والانتخابات الرئاسية والحوار الوطني مع تحديد إطار زمني لانسحاب القوات التركية من سوريا وتحديداً من إدلب لأن روسيا أعطت مهلة للقوات التركية بتمشيط إدلب من المكون الإرهابي الخارجي وإعادة الإرهابيين إلى دولهم.
ولعل ما سمعه عدد من المسؤولين العرب المعارضين للحكم في سوريا من مسؤولين غربيين مؤخراً يشي بأن عقارب الساعة تعود إلى الوراء وتحديداً إلى دمشق وأن قبلة العرب القادمة هي سوريا.