د. شهاب المكاحله
ارتفعت الديون الخارجية لكثير من الدول العربية، مُضعضِعة معها الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني في كثير منها ما أسفر عنه إضرابات في بعضها وانهيار حكومات في غيرها. فوفق أرقام المنظمات المالية الدولية فإن مديونية ٢١ دولة عربية قد ارتفعت في العام ٢٠١٨ إلى أكثر من ١٢٠٠ مليار وهي مرشحة للزيادة في ٢٠١٩-٢٠٢٠ بعد أن كانت في العام ٢٠١٤ عند أعتاب ٤٢٧ ملياراً فقط.
وتظهر أرقام إحصاءات عدة مصادر محلية وأجنبية أن الديون الخارجية للدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض قد زادت بنسبة ٥ بالمئة في العام ٢٠١٨ لتصل إلى ٨ تريليون دولار مقارنة بالعام ٢٠١٧. وما يهمنا هو نصيب الفرد في عدد من دول الشرق الأوسط. فقد ارتفع دين دول الشرق الأوسط ذات الدخل المتوسط والمنخفض إلى ٣٢٢ مليار دولار في العام ٢٠١٨ مقارنة بالعام ٢٠١٧ حيث كان الدين ٣٠٠ مليار دولار.
وترجح مصادر في المنظمات المالية الدولية ان ارتفاع معدلات الفائدة في الولايات المتحدة متزامناً مع ارتفاع سعر صرف الدولار والنزاع التجاري الأميركي الصيني في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي قد فاقم من حدة الدين في الكثير من الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض. ولأننا نتحدث هنا عن الدول العربية مثل الأردن ولبنان وتونس، فإنه وفق تصنيف المؤسسات المالية العالمية فإن نصيب الفرد من ديون بلاده الخارجية تعني الكثير من الناحية المالية والاقتصادية. فنصيب المواطن في الأردن ولبنان وتونس من مديونية بلاده هو الأعلى عربياً.
بالنسبة للأردن، فإن الديون الخارجية وصلت في العام ٢٠١٨ الى ٣٢ مليار دولار بزيادة ٢مليار دولار عن العام ٢٠١٧. وبالتالي فإن نصيب الفرد الأردني من ديون بلاده الخارجية هي قرابة ٣٣٣٣ دولاراً. ومن المتوقع أن تكون هذه النسبة قد ارتفعت في العام ٢٠١٩ مع ارتفاع المديونية الخارجية. وفي لبنان، فإن المديونية قد وصلت إلى ٨٠ مليار دولار في العام ٢٠١٨ مرتفعة بـ ٦ مليار دولار عن العام ٢٠١٧، ومن المتوقع أن ترتفع أكثر في العام ٢٠١٩ لتشكل ١٤٣ بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي ليصل نصيب الفرد اللبناني إلى ١٢ ألف دولار من ذلك الدين.
أما تونس، فقد ارتفع الدين الخارجي في العام ٢٠١٨ إلى ٣٥ مليار دولار مقارنة بـ ٣٣ مليار دولار للعام ٢٠١٧، وكان نصيب التونسي من دين بلاده ٣١٠٠ دولار وشكلت هذه الديون ٨٨ بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لتونس.
وليس الخوف هنا من الديون بقدر الخوف من تفاقم الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والأمنية نتيجة تراكم الديون وكلفها مع تراجع الإنتاجية والاستثمارات الأجنبية. فهل تعي الحكومات أن كلف الدين الخارجي لا تعني تراجع الأداء الاقتصادي فقط بل اضمحلال الطبقة الوسطى، حجر الرحى في المجتمع.
http://alrai.com/article/10507001/كتاب/ما-نصيب-المواطنين-العرب-من-مديونيات-بلادهم