ربى يوسف شاهين
بات واضحا ان الأمريكي يدرك أن الاستثمار في منطقة التنف غير ممكن، وخاصة بعد الهزائم التي لحقت بفصائله في محيط المنطقة، فكان لابد من إعادة التموضع ولكن في منطقة أخرى تتساوى استراتيجيا مع التنف، لذلك بدأ فعليا بنقل ميلشياته والتي تقدر بحسب تقارير إعلامية ب11000 مقاتل والمتواجدة جنوب شرق سوريا، ونقل قسما منهم ويقدر عددهم ب700مقاتل إلى قاعدة عسكرية غرب العراق.
أمريكا والعزم في إطالة الحرب
لعل المتابع لمجريات التطورات يدرك ان الأمريكي يسعى لإعادة خلط الأوراق في الجغرافية السورية، واختيار غرب العراق للسيطرة على معبر القائم – البوكمال، فهو بذلك يضمن بقاؤه في سوريا ويعزز قواته وأدواته في غرب العراق، وبذلك يكون قد ضرب بأسيفين يمنع الاتصال بين سوريا والعراق حدوديا، وبالتالي ضَمن عدم الاتصال بين إيران وسوريا عبر العراق، و الذريعة الأمريكية تتلخص في فرض سياسة البقاء، على الرغم من عدم شرعيتها إلا أن مكافحة الإرهاب ذريعة لا بأس بها أمريكياً.
ما الذي ينوي فعله الأمريكي؟
إن من أصعب ما حدث للأمريكي وحلفائه هو الهزيمة التي تكبدوها على الأرض السورية، وهذا لم يكن في الحسبان، فالأمر على ما يبدو كان ظنا منهم أنهم لن يحتاجوا لكل هذا الوقت والخسارة في الأموال والعتاد والجنود والمرتزقة، فكانت الصدمة الكبرى، وهنا توجب على الأمريكي لحفظ ماء الوجه، العمل على إطالة الحرب في سوريا، والعمل على تأخير إعلان النصر ، و الذي عمدا تعمل على تقويضه كلا من أمريكا واسرائيل وتركيا وفرنسا وبريطانيا.
صراع الأقطاب إلى أين؟
وأقصد هنا حتما روسيا وأمريكا، إلا أن الأمريكي وإن كان في الخفاء لديهم صراع بارد مع روسيا ، لكن مع إيران الأمر مختلف، فشبح إيران ومحور المقاومة عموما يرعبهم، وهذا الصراع الاقليمي والدولي لا يقف عند الصراع السياسي فقط، بل على كافة الأصعدة لأنه باختصار “صراع استنزاف”، فالمشروع الأمريكي في المنطقة العربية الساخنة لن يتوقف، وأكبر دليل على ذلك وجود قواعد عسكرية في عدد كبير من الدول العربية وأهمها في منطقة غرب العراق “الأنبار”، والتي تعد منطقة نفوذ أمريكية منذ حرب العراق، ولكن وبالعودة إلى سوريا وحلفائها وما فعلته وتفعله على الأرض، لابد من أن يحسب الحساب لهم، ولذلك تعمل أمريكا على تهيئة ما تبقى من جماعة داعش الإرهابية للزج بهم في معركة مرتقبة في منطقة البوكمال والميادين السورية، وذلك لإحكام الطوق على المنطقة الحدودية بين سوريا و العراق، فأمريكا تعلم أن السوري والروسي مدركين لأهمية البوكمال، خاصة أن الأمريكي يريد زيادة توسع نفوذه لتشمل دير الزور حيث حقول النفط والغاز، وهي بطبيعة الحال ستكون امتدادا لنفوذه في العراق، طبعا هذا ما تطلبه اسرائيل وإن كانت لا تُظهر ذلك، فالرعب الإسرائيلي يكمن من التحالف الثلاثي لسوريا والعراق وإيران، لذلك لابد من وقف هذا الممر، الذي إن تم سيقضي على اسرائيل الأمر الذي لا يمكن ان تتقبله واشنطن، ولهذا عملية خلط الأوراق في السياسة و الميدان لدى امريكا، ما هو إلا لإعادة بسط النفوذ بعد يقينها باقتراب موعد النصر، فالملف الشمال الشرقي لسوريا ورقة يعول عليها الأمريكي والاسرائيلي.
المعركة مستمرة في جميع المناطق التي مازال يدنسها العدو، والصراعات القائمة لابد أن تنتهي و تُفضي إلى نتائج يُرسم من خلالها مصير البلدان في الشرق الأوسط.