الرئيسية / أخبار / قراءة في زيارة وزير الخارجية الأردنية لموسكو

قراءة في زيارة وزير الخارجية الأردنية لموسكو

د. شهاب المكاحله

يبدو أن الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الأردني إلى موسكو في 27-28 من ديسمبر 2018 ستركز على ثلاثة محاور: أولها، آثار الإنسحاب الأميركي من سوريا على مناطق خفض التصعيد في الجنوب السوري ومستقبل قاعدة التنف العسكرية القريبة من الحدود السورية الأردنية العراقية حيث تضم القاعدة العسكرية ضباطاً أميركيين وبريطانيين وفرنسيين ونرويجيين لتدريبب “جيش أحرار العشائر”. ثانيها، انعكاسات تلك التطورات على اللاجئين السوريين في الأردن وخصوصاً المتواجدين في مخيم الركبان. ثالثها، حل الدولتين وما اصطلح على تسميته بصفقة القرن التي من المرجح أن تعطي الفلسطينيين إغراءات اقتصادية على حساب النواحي الأمنية والسياسية.

ثلاثة محاور: أولها، آثار الإنسحاب الأميركي من سوريا على مناطق خفض التصعيد في الجنوب السوري ومستقبل قاعدة التنف العسكرية القريبة من الحدود السورية الأردنية العراقية حيث تضم القاعدة العسكرية ضباطاً أميركيين وبريطانيين وفرنسيين ونرويجيين لتدريبب “جيش أحرار العشائر”. ثانيها، انعكاسات تلك التطورات على اللاجئين السوريين في الأردن وخصوصاً المتواجدين في مخيم الركبان. ثالثها، حل الدولتين وما اصطلح على تسميته بصفقة القرن التي من المرجح أن تعطي الفلسطينيين إغراءات اقتصادية على حساب النواحي الأمنية والسياسية.

إن ما يشغل بال السياسيين في الأردن هذه الجوانب الثلاثة تحديداً. فهل ستكون صفقة القرن التي تنوي واشنطن تسويقها لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي على حساب الأردن وفلسطين؟ السؤال مهم جداً اليوم بعد أكثر من عام على اعتراف الإدارة الأميركية بالقدس عاصمة لدول إسرائيل ونقل واشنطن سفارتها إلى القدس. فعن أي قدس نتحث اليوم؟ وهل ستكون عاصمة الأديان الثلاث ؟

فعلى الرغم من تأكيد المسؤولين الأردنيين أنه لا يوجد رسائل رسمية أو غير ذلك من الحكومة الأميركية عن صفقة القرن، وحل الدولتين، إلا أن التسريبات الأميركية بين الحين والآخر تعكس أن هناك صفقة أكبر من صفقة القرن يجري الإعداد لها تشمل الدول العربية وإسرائيل بما في ذلك القضية الفلسطينية. ما يؤكد ذلك هو ما صرح به الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أن القدس ما عادت جزءاً من الحل النهائي للصراع.

إن ذلك يخيف من حيث التوجه الأردن الذي أكد مراراً وتكراراً رفضه لاسطوانة الوطن البديل أو لسيناريو الفيدرالية بين الضفتين. فقد أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن الأردن يرفض القبول بأي سيناريو يتعارض مع المصالح والثوابت الوطنية الأردنية .

رغم أنه لا يمكن فرض الحل على الفلسطينيين والأردنيين من الخارج، إلا أننا نعلم أن القتل الاقتصادي الذي مُورس على كلا الشعبين منذ العام 2003، قد يُجيِر الاهتمام نوعاً ما عن القضية الفلسطينية ولو بشكل مؤقت لهواجس ودواع أردنية وفلسطينية داخلية منها الاقتصادية والأمنية والسياسية.

يعلم الأردن أن القضية الفلسطينية هي قضية أمن وطني أردني بالدرجة الأولى لأنه يعي أن غياب حل الدولتين يعني تلقائياً الانتقال إلى مرحلة الأمر الواقع بمكان محدود من الضفة الغربية مع إزاحة للحدود للحفاظ على المستوطنات الإسرائيلية بحيث تحتفظ إسرائيل بـ 15 بالمائة من الضفة الغربية مع منح صلاحيات محدودة للسلطة الفلسطينية وإبقاء الحدود مع الأردن تحت السيطرة الأمنية والعسكرية الإسرائلية.

إن هاجس الأردن الأول يكمن في الحل السياسي للقضية الفسطينية وتداعياتها على الضفة الشرقية. أما الهاجس الثاني فهو ملف القدس التي يستمد الأردن منها قوته دولياً بصفقته الوصي على المقسات المسيحية والإسلامية في القدس الشرقية. أما الهاجس الثالث فهو أن الأردن يخشى من  تسارع الخطوات الإسرائيلية نحو تهويد المدينة المقدسة لأن ذلك ينعكس سلباً على الهوية الحقيقية للقدس كعاصمة لثلاثة أديان سماوية.
من دواعي قلق الأردن إعادة انتخاب أحزاب يمينية في شهر أبريل 2019 وهذا سيعُقِد الأمور أكثر فيما يتعلق بالمفاوضات المباشرة وملف القدس واللآجئين لأنه لو فاز المتشددون اليهود في الانتخابات القادمة فإن تاثير التيار اليميني سيؤثر على مستقبل الأردن وفلسطين لأن المزيد من التطرف اليهودي سيؤدي إلى تطرف على الجانب الآخر فتدخل المنطقة في أتون حرب دينية أو حرب الأصولييين.  

وفي النهاية فإن الأردن وفقاً لتصريحات الملك عبدالله المتتالية واضحة لا لُبس فيها من حيث أن حل الصراع لا يكون إلا بحل الدولتين على أن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة. هناك خلاف أميركي أردني من حيث وجهات النظر فيما يتعلق بطبيعة الحل ومستقبل القدس الشرقية، وهذا ما تراهن عليه الإدارة الأميركية لحله في القادم من الأيام وفق تطورات إقليمية في سوريا والعراق ومصر ناهيك بالتطبيع العربي مع إسرائيل دون انتظار الحل النهائي للقضية الفلسطينية.

لامجال أمام الأردن للتراجع عن موقفه هذا، ولا في نيته فعل ذلك مستقبلا؛ ليس رغبة في معارضة سياسة واشنطن، فهذا آخر مايفكر الأردن بفعله مع دولة عظمى تقدم أكبر دعم اقتصادي وعسكري له، لكن لقناعته بأن أي حل لا يأخذ في الاعتبار الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني بالدولة والقدس غير قابل للحياة والديمومة، ناهيك عما يمثله من تهديد للمصالح العليا للدولة الأردنية المعنية قبل غيرها من الدول العربية بملفات الحل النهائي كاللاجئين والحدود والقدس.