الرئيسية / أخبار / وثائق تكشف عن عقبات تحقيق ترامب السلام في غزة وحديث عن دور أمريكي يتعدى المهام الأمنية

وثائق تكشف عن عقبات تحقيق ترامب السلام في غزة وحديث عن دور أمريكي يتعدى المهام الأمنية

نشرت مجلة “بوليتيكو” تقريرا حصريا حول الجوانب المخفية من وعود الرئيس الأمريكي بتحقيق السلام في غزة. وفي تقرير أعدته داشا بيرنز وفيليستيا شوارتز وناحال توسي وبول ماكليري قالوا إن الوثائق التي قدمتها وزارتا الخارجية والدفاع الشهر الماضي لإسرائيل تكشف عن شكوك في نشر القوات الدولية لتحقيق الاستقرار في غزة.

وقالوا إن بعض المسؤولين في إدارة ترامب يشعرون بالخوف من احتمال انهيار اتفاق وقف إطلاق في غزة بسبب صعوبة تنفيذ العديد من بنوده الأساسية، حيث تؤكد وثائق خاصة حصلت عليها “بوليتيكو”، ويتم تداولها بين المسؤولين الأمريكيين، غياب مسار واضح للمضي قدما.

 وتم عرض مجموعة الوثائق الشهر الماضي خلال ندوة استمرت يومين، حضرها بضع مئات من أفراد القيادة المركزية الأمريكية وأعضاء مركز التنسيق المدني العسكري المنشأ حديثا في جنوب إسرائيل كجزء من اتفاق السلام بين إسرائيل وحماس الذي دخل حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/أكتوبر.

ووجهت الدعوة إلى بضع مئات من الأشخاص بناء على طلب من الجنرال مايكل فينزل، منسق الأمن الأمريكي للسلطة الفلسطينية الإسرائيلية، إلى جانب مسؤولين آخرين، وفقا لأحد المشاركين في الندوة. وضمت المجموعة ممثلين عن وزارتي الخارجية والدفاع، ومنظمات غير حكومية، وشركات خاصة مثل مؤسسة “راند”.

ويظهر العرض المقدم قلقا كبيرا بشأن إمكانية نشر ما يسمى بقوة الاستقرار الدولية في غزة.

وتظهر إحدى الشرائح سهما عليه علامة استفهام يربط بين المرحلتين الأولى والثانية من خطة السلام التي توسطت فيها الولايات المتحدة، مما يظهر عدم اليقين بشأن آفاقها. وقد حصلت مجلة “بوليتيكو” على نسخة من الوثائق المعروضة هناك من أحد المشاركين.

ومن بين شرائح “باور بوينت” والبطاقات التي تم تقديمها في الندوة، كانت مواد من وكالات الحكومة الأمريكية “تقارير الوضع” عن الظروف في غزة ووثائق استشارية مقدمة من معهد توني بلير في لندن. وهو مركز أبحاث يديره رئيس الوزراء البريطاني السابق والمرشح للعب دور في غزة بمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، وذلك حسب مشارك في الندوة.

وقال شخص ثان، مسؤول دفاعي أمريكي، لم يكن حاضرا ولكنه أكد أن الشرائح تقدم مظاهر قلق الإدارة بشأن مستقبل المنطقة.

وترسم الشرائح الـ 67، المقسمة إلى ستة أجزاء، صورة واضحة للعقبات التي تواجهها إدارة ترامب وحلفاؤها في المنطقة في تحقيق “السلام الدائم” الذي يسعى إليه الرئيس دونالد ترامب، وهي تتناقض بشكل صارخ مع الخطاب المعسول والصورة الوردية الصادرين عن كبار مسؤولي الإدارة. ومع ذلك، تشير الوثائق، التي لا تحتوي على مواد سرية، إلى التزام الإدارة باتفاقية السلام، على الرغم من تعقيدها. ويفصل أحد المخططات التنظيمية، المدرجة في الوثائق، خططا لتدخل أمريكي كبير في غزة يتجاوز المسائل الأمنية، بما في ذلك الإشراف على إعادة الإعمار الاقتصادي.

وأشارت المجلة إلى أن المجموعة الأولى من الوثائق في العرض التقديمي جاءت بعنوان “20 نقطة: المرحلة الثانية + التحديات والفرص الأمنية”.

وليس من الواضح من أعد الوثائق أو من اطلع عليها داخل الإدارة إلا أن مشاركا في الندوة قال إنها شرائح أولية من الحدث وليست كل ما تم فيه. من جهته رفض معهد توني بلير التعليق. إلا أن شخصا في المؤسسة قال إن وثيقتين ألفهما في هذه الدفعة تحتويان على تقييمات واقعية، مما يعني أن المجموعة لا تتخذ موقفا بشأن التحديات المقبلة.

وتؤكد المواد، التي جمعها المشارك في الندوة، وهو مشارك في عملية تخطيط السلام ولكنه ليس عضوا في إدارة ترامب، كيف يمكن أن يقع ترامب في نفس المستنقع الذي وقع فيه العديد من أسلافه، وهو التوسط في صراع مستعص في الشرق الأوسط دون التحلي بالصبر أو الموارد أو الشراكات اللازمة لإتمام الخطة.

وتضيف المجلة أن ترامب، الذي ترشح للولاية الثانية تحت شعار “أمريكا أولا” التي شجبت مغامرات نشر الديمقراطية المتهور في المنطقة، معرض بشكل خاص لردود الفعل السياسية السلبية إذا بدا أن الولايات المتحدة منخرطة مرة أخرى في التزام لا نهاية له رغم قلة التقدم الملموس.

وقال أحد المشاركين في الندوة: “إن ما يمنع اتفاق السلام هو عدم وجود خطة لكيفية تنفيذه فعليا”. “الجميع يحومون على ارتفاع 40,000 قدم، ولا أحد يتحدث عن العمليات أو التكتيكات”.

ولا يقترح العرض، بما في ذلك قسم بعنوان “العمل الجاد يبدأ الآن: تنفيذ خطة الرئيس ترامب”، حلولا سياسية ملموسة، بل يحدد، بدلا من ذلك، العديد من العقبات التي تواجهها واشنطن وشركاؤها في محاولتهم تحويل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس إلى خطة سلام دائم وإعادة إعمار. كما أن للجيش الأمريكي بعض الخطط حول كيفية دعم عملية الانتقال، لكن وزارة الخارجية، التي ضعفت بسبب تخفيضات المساعدات الخارجية وتغييرات أخرى، لم تلعب بعد دورا هاما في وضع الخيارات، وفقا لمصدر رابع، وهو مسؤول أمريكي مطلع على التخطيط”.

وقال مسؤول أمريكي مطلع على التخطيط بأن الوقت قد حان لكي تنفذ الإدارة الأمريكية ما تعهدت به، في إشارة إلى خطاب ترامب في إسرائيل بأن اتفاق وقف إطلاق النار هو بداية دائمة لإسرائيل ودول المنطقة. وأضاف المسؤول الذي شارك في الندوة أن ذلك يشمل ضرورة أن تقدم الإدارة تفسيرا وافيا للدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية المادية أو المدنية للقطاع الصغير.

وبعد عامين من الحرب الهائلة، هناك عقبات أمام إنشاء قوة الاستقرار الدولية، وتردد إسرائيل في الانسحاب من غزة في ظل استمرار حماس في استعراض قوتها، وتوفير الكوادر المناسبة للمؤسسات الرئيسية، مثل “مجلس السلام”، التي ستشرف على خطة السلام. والأهم من ذلك، يجب على الإدارة مواجهة رغبة السلطة الفلسطينية في تشكيل الأحداث في غزة رغم معارضة إسرائيل إلى جانب الشكوك حول التزام الحلفاء بتوفير القيادة والموارد. وتشير إحدى الوثائق إلى أن الهيئة الفلسطينية التي تحكم غزة، ستحتاج في نهاية المطاف إلى “دعم أمريكي ودولي طويل الأمد” و”قد تحتاج قوات الأمن والشرطة إلى تمويل خارجي ومشورة لعقود”.

وتستعرض إحدى الشرائح في العرض التقديمي بعنوان “تقرير حالة غزة” الصادر عن معهد بلير والمؤرخ في 20 تشرين الأول/أكتوبر الدمار الهائل بعد الحرب وتطرح سلسلة من الأسئلة العالقة، مثل مدى سرعة حدوث أي انتقال ومدى تعاون حماس، الجماعة المسلحة التي سيطرت على القطاع لأول مرة في عام 2007، لنزع سلاحها. ويشير إلى أن “حماس تعيد تأكيد سلطتها وتملأ الفراغ الأمني من خلال التنفيذ القسري والشرطة”. كما تقول إن حماس أعادت نشر 7,000 “فرد من عناصر الأمن” في المناطق الخاضعة لسيطرتها. لا تصل إلى المنطقة حاليًا سوى 600 شاحنة مساعدات يوميا، ولا تزال هناك “معوقات رئيسية” أمام توزيع الكمية اللازمة. وتشير شريحة في وثيقة أخرى، يبدو أنها من الحكومة الأمريكية، بعنوان “التهديدات للعمليات الإنسانية والأمنية في المناطق الخالية من حماس في غزة”، إلى أن “حماس تكسب الوقت لإعادة تأكيد سيطرتها في نهاية المطاف، كل تأخير يصب في مصلحتها”.

وكشف العرض للندوة أن إنشاء قوة الاستقرار الدولية بسرعة أمر بالغ الأهمية، ولكن هناك تحديات هائلة أمام القيام بذلك. تشمل الأسئلة العالقة حول قوة الاستقرار الدولية وتفويضها القانوني، وقواعد الاشتباك الخاصة بها وكيفية تشكيلها، ومكان تواجدها وكيفية تنسيقها، على الرغم من أن إحدى الشرائح تقول إنه من المفترض أن تكون قوة الاستقرار الدولية “منسقة من قبل الولايات المتحدة”. وقدمت الولايات المتحدة مشروعا لمجلس الأمن من أجل تحديد صلاحيات وتفويض القوة الدولية.

وقد أعربت العديد من الدول التي تأمل الولايات المتحدة في مشاركتها لواشنطن عن رغبتها في المساهمة بأموال أو موارد أخرى فقط في حال حصولها على تفويض من الأمم المتحدة.

وتخطط الولايات المتحدة لعقد مؤتمر دولي للمانحين بعد صدور قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على الرغم من عدم وجود جدول زمني واضح. وقال مسؤول الدفاع: “ننتظر قرار الأمم المتحدة الآن، وبعده سيعقد مؤتمر دولي للمانحين، ثم ستبدأ الدول بالتعهد بتقديم قوات أمنية. هذا هو محور الاهتمام الآن”. وأعرب المسؤول عن قلقه من صمود خطة غزة في ظل جميع الاتفاقيات اللازمة من الحكومات المختلفة لضمان نجاحها على المدى الطويل.

وعرضت إندونيسيا وأذربيجان وباكستان تقديم قوات. وقال المسؤول الخارجي إن تركيا عرضت أيضا، مع أن إسرائيل حذرة من السماح للقوات التركية بالمشاركة. وقال المشارك في الندوة: “هناك صعوبة في إقناع أي دولة في المنطقة بالالتزام بتقديم قوات”. وتشير وثائق أخرى إلى خلافات مستمرة بين إسرائيل والفلسطينيين حول من سيتولى المسؤولية النهائية عن غزة. كما ويوضح مخطط تنظيمي مرفق بالوثائق كيفية إدارة غزة. ويبرز المخطط مشاركة أمريكية كبيرة إلى جانب الأمن، بما في ذلك الإشراف على إعادة الإعمار الاقتصادي.

ومن غير الواضح مقدار الوقت والمال الأمريكي الذي يرغب ترامب في استثماره في غزة. وقال شخص خامس، وهو مسؤول أمريكي آخر مطلع على مناقشات الإدارة الداخلية حول غزة: “هناك سؤال أكبر، وهو ما إذا كان الدور الأمريكي في غزة وعلى المدى الطويل متسقا مع أجندة “أمريكا أولا” وهي مسألة قيد البحث، على حد قوله.

وأضاف المسؤول، مع ذلك، فإن فريق ترامب يعتقد “أننا نستطيع أن نجعل شركاء آخرين يلعبون دورا أكبر”.