الرئيسية / أخبار / أين سيذهب مقاتلو داعش بعد سقوط دولة الخلافة؟

أين سيذهب مقاتلو داعش بعد سقوط دولة الخلافة؟

تشير العديد من العوامل على أرض الواقع إلى ترنح الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)؛ لانخفاض مواردها المالية للنصف على مدار الستة أشهر الأخيرة، وحالة وسائلها الإعلامية المرثى لها، بينما تتآكل أراضيها جراء الهجمات التي تتم ضدها في غرب مدينة الموصل.

يبدو أن نهاية ما أطلقوا عليه بـ”الخلافة الإسلامية” قد شارفت على الانتهاء في الشرق الأوسط. وبينما يُعد انتصار أمريكا التام على الدولة الإسلامية هو أمرٌ بعيد المنال، وفقًا لمجريات الأحداث الحالية، من الممكن أن تنجح القوات الأمريكية وحلفاؤها على هزيمة داعش والقضاء عليها، في كل من العراق وسوريا، سواء بالقتل أو الأسر، وطرد عناصر الجماعة من المدن والقرى المهمة التي أعلنتها داعش كجزء من الخلافة الإسلامية؛ لتتخذ بذلك مدينة الرقة مقرًا رئيسيًا لها.

أما الآن، فسيتجه تركيز العالم أجمع إلى ما قد يفعله عشرات المئات من مقاتلي داعش الآن! وهو سؤال له العديد من الإجابات المحتملة.

عندما يُفض صراع ما، سواء عن طريق القوة أو التسوية بالتفاوض، عادة ما يتفرق الإرهابيون في اتجاهات عديدة. أما في ما يخص مقاتلي داعش، فهم مدربين بدرجة عالية على حفر الأنفاق، واستخدامها بطريقة محترفة، إلى جانب استغلال الشبكات تحت الأرض لنقل الرجال والمعدات.

سيظل “أعتى” مقاتلي داعش، وخاصةً الأجانب من الدائرة الداخلية لزعيمها أبو بكر البغدادي وأكبر القادة، في العراق وسوريا. فيتجهون إلى الانضمام إلى حركات المقاومة من تحت الأرض بهدف خلق داعش جديدة، وبالتالي يتجهون إلى استعمال الأساليب الإرهابية الضارية من مداهمات منفردة متفرقة، أو الكمائن، أو العمليات الانتحارية بعد مرور فترة راحة ومرحلة إعادة تسليح أنفسهم.

أثناء هذه المدة، قد تتجه المليشيات إلى تغيير تحالفاتها مع بعض الجماعات المعروفة على الأرض؛ مثل داعش، وجبهة فتح الشام، وأحرار الشام، بحاثًا عن مناطق لا تسيطر عليها الحكومة السورية أو العراقية وحلفائهما.

يرى بروس هوفمان، الخبير في مكافحة الإرهاب، أنه إذا ما استمر مستوى قوة داعش في الانحدار، فمن المحتمل أن تظهر جماعة جهادية تحاول التقرب من تنظيم القاعدة كحل وحيد أمامها لاستمرارها في مسار صراعها، على الرغم من الاختلافات المهولة ما بين تنظيم القاعدة وداعش.

أما ثاني نوع من المقاتلين فهم “المقاتلين الأحرار” المحرمون من العودة إلى أوطانهم، ليتجهوا إلى تشكيل جماعات بدون جنسية “جماعات البدون” من الجهاديين المتنقلين عبر البلاد، باحثين عن ساحة جهادية جديدة كاليمن، أو ليبيا أوغرب أفريقيا أو أفغانستان؛ من أجل الحفاظ على حدود ما يطلقون عليه “الخلافة الإسلامية”.

ثم يأتي النوع الثالث من المقاتلين وهم “العائدون”، وهي أخطر جماعة تثير خوف الدوائر المكافحة للإرهاب؛ فهؤلاء المقاتلون قد يحاولون العودة إلى بلادهم الأساسية مثل تونس والسعودية، أو التعمق في أوروبا، وآسيا، وشمال أمريكا، وهي مناطق ذات هياكل دفاعية ووطنية قوية. إلا أن جماعات العائدين هي جماعات غير متحدة كما تبدو لنا.

فبعضهم لا يزالون يشعرون بخيبة أمل بعدما تخيلوا أن سوريا ستكون بمثابة اليوتوبيا؛ باحثين عن المغامرة وفرصة للتعبير عن هويتهم الدينية، إلا أنهم وجدوا شيئًا آخر لم يخطر ببالهم.

هذا وقد تساهم عودتهم إلى الغرب في مشاركتهم في تعليم العديد من الشباب المتطرف الآخر وتدريبهم على فنون القتال؛ ولذلك، لابد وأن يحصل هؤلاء المقاتلين على عناية نفسية دقيقة عوضًا عن حبسهم في السجون المشددة.

تكمن في طيات هؤلاء المقاتلين العائدين مجموعة فرعية أخرى يطلق عليها اسم “المنسحبون غير الشاعرين بخيبة الأمل”؛ فمثلما يتم تحفيذ العديد من الميليشيات للمشاركة في القتال بسبب العديد من الأسباب، فمن الممكن أن يتخلوا عن المعركة لأسباب عديدة؛ سواء كانت من اقتراب موعد زواجٍ ما، أو شعور بالإرهاق من المشاركة في الكثير من المعارك، أو لمجرد افتقادهم لعائلاتهم، ولكن دون أن يشير ذلك إلى تخليهم عن التزاماتهم تجاه الجهاد.

تتطلب مواجهة مثل هذه الجماعات المختلفة، مجموعة من الاستراتيجيات؛ فلابد وأن تعكف قوات الأمن العراقية البقية من حلفائها على قتل المجاهدين المتشديين أو أسرهم. فبينما ينشغل الاتحاد الأوروبي بتداعيات خروج بريطانيا، وتدخلات روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ستتدفق المليشيات الجهادية إلى أوروبا مرة أخرى عازمين على رد الضربة القاسية. وبينما يتجه سرب الإرهاب إلى ليبيا واليمن، سيتمثل التحدي الحقيقي في محاولات وقف الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم بما في ذلك أوروبا.

المصدر