الرئيسية / أخبار / دروس وعبر من حادثة الكرك

دروس وعبر من حادثة الكرك

ففي منطقة ينهشها الإرهاب من كل جانب، تمكن الأردن من عبور زلزال ما سمي في الإعلام الغربي بـ “الربيع العربي” وبقي محصناً من الأزمات التي عصفت بمنطقة الشرق الأوسط ولكن وبعد عودة بعض ممن قاتلوا في سوريا بات الفكر الإرهابي يغالب هذه الزمرة التي ما انفكت تطلق سهام الغدر ضد أبناء الوطن وحماة أمنه. زمرة كانت بلا شك تخطط لتنفيذ عملياتها الإجرامية بحق الوطن وأبنائه بالتزامن مع الأعياد ورأس السنة خصوصاً بعد كشف الجهات المعنية لنوعية وحجم الأسلحة والذخيرة والأحزمة الناسفة وما يطلق عليه العسكريون (Improvised Explosive Devices”  وفق ما نشرته مجلة “IHS Janes” البريطانية العسكرية المتخصصة إذ تعد هذه العبوات بمثابة تهديد أمني كبير حيث يمكن تجهيز وزرع تلك العبوات ونقلها إلى مدن أخرى.

لكن ما هي حقيقة ما جرى؟ بعد أن استطاع الأردن إحباط كل المخططات الإرهابية في الماضي بتعاون كبير من المواطنين الساهرين على حماية أمن بلدهم فضلاً عن العين الساهرة من أبناء الأمن والجيش والمخابرات العامة، إلا أن الحوادث الإرهابية منذ بداية هذا العام والتي أسفرت عن استشهاد عدد من الشرفاء الأوفياء لهذا الوطن ممن نذروا أنفسهم لحماية أمنه من الفكر الإرهابي المريض الذي بات يتحكم بعقول فئة ضالة تعمل كخفافيش الظلام ضد أمن واستقرار الوطن وأبنائه تعكس أن هناك من دبر وخطط منذ زمن حتى قبيل العملية التي تمت في الكرك.

حادثة الكرك تختلف عن مثيلاتها في مخيم البقعة والرقبان وإربد لارتقاء عدد كبير من الشهداء من قوات الأمن والدرك والمدنيين ما يعكس أن هذه الخلايا لم تكن نائمة أبداً بل أنها درست لوجستياً تحركات قوات الأمن وآلية التنفيذ وانتقلت من مرحلة تلقي الأوامر إلى المبادرة والإعداد والتخطيط المنظم لتلك العملية وتنفيذها. والغريب هذه المرة أن من تلاحقهم القوات الأمنية لا يستسلمون بسهولة بل إنهم يقاومون رجال الأمن ولا يمتثلون للأوامر. وهذا تحول كبير في فكر هذه الفئة من الضالين التكفيريين ذوي الفكر الظلامي.

واليوم بربط احداث الكرك وغيرها وخصوصاً بعد إعلان وكالة “أعماق” الداعشية مسؤوليتها عن العملية الإرهابية في محافظة الكرك يتبين لنا أن هناك أياد خارجية قد رسمت وخططت للضغط على الأردن قيادة وحكومة وشعباً في محاولة بائسة لشق شرخ في العلاقات المتينة بين الحكومة والشعب والاجهزة الأمنية إذ تسعى تلك التنظيمات التي لا دين لها سوى القتل وزرع الرعب في المجتمع الأردني الواحد وتدمير قطاع من أهم القطاعات الاقتصادية في  المملكة وهي السياحة التي باتت هي المصدر الرئيس لتوفير القطع الصعب للخزينة.

ففي الماضي القريب كان لنا ثار من عصابة داعش التي اغتالت  الطيار معاذ الكساسبة. ويجب أن لا ننسى أننا في حرب مع الإرهاب أياً كان مصدره فنحن في الأردن أولى بمحاربة “خوارج العصر” لأنهم اساؤا للإسلام والمسلمين.

ويجب أن يكون ما حدث في الكرك بمثابة جرس إنذار لكل مواطن ومسؤول ولا بد من إعادة النظر في النظم التعليمية والتربوية كما يجب أن يراعى عدم نشر ما قد يسئ أو يعطل سير العمل الأمني لأن اية معلومة قد تؤثر على حياة أبناء هذا الوطن.

لقد أخطأ هؤلاء الارهابيون في العنوان مرة أخرى لأن الاردن وطن للجميع من محتلف المنابت والاصول ونحن في الأردن كلنا نرفض الفكر التكفيري وسنحارب حتى آخر قطرة دم “خوارج العصر” لأننا أحفاد من قادوا الثورة العربية الكبرى.

شهاب المكاحله