بعد أن كانت الانتخابات الرئاسية الأمريكية من بين أبرز أحداث عام 2016، تحولت فيما بعد إلى سجال بين الرئيس المنتخب دونالد ترامب وخصومه السياسيين والإعلاميين وباراك أوباما.
ويبدو أن الرئيس الحالي للولايات المتحدة لا يريد مغادرة البيت الأبيض من دون ترك ملفات شائكة للرئيس المقبل، ومنها: معضلات إسرائيل وإيران والاتحاد الروسي والتنقيب عن النفط في القطب الشمالي.
فقد نشرت صحيفة “ذا هيل” التابعة للكونغرس الأمريكي تقريراً عن امتناع مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة عن استخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار المقدم في مجلس الأمن لوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطيني. وأشارت الصحيفة في التقرير إلى أن “قرار أوباما مثَل الفرصة الأخيرة له لاستعراض عضلاته على المسرح العالمي أمام ترامب، الذي اتخذ وبشكل علني مواقف في السياسة الخارجية تختلف عن مواقف الإدارة الحالية”.
ووفقاً لتقرير نشرته “نيويورك تايمز”، فإن الرئيس أوباما المعروف بسياساته البيئية، اتخذ قرار حظر التنقيب عن النفط في المحيط الأطلسي والقطب الشمالي استناداً إلى قانون أراضي الجرف القاري الخارجي. وعلق بعض المراقبين بالقول إن ترامب سيجد صعوبة في إلغاء هذا القرار.
ونشرت “واشنطن تايمز” تقريراً عن أن ترامب كان يشير في كثير من لقاءاته أثناء حملاته الانتخابية إلى ثروات بلاده الطبيعية من النفط والغاز الطبيعي والفحم؛ مشيرة إلى أنه قد يرفع القيود عن الإنتاج في هذه المجالات؛ ما سيزيد إنتاج الوقود الأحفوري.
وفي هذا الصدد، أعلن الرئيس السابق لمجلس النواب الأمريكي نيوت غينغريتش والمقرب جداً من ترامب أن الأخير “بصدد إلغاء 70% من المراسيم الصادرة عن الرئيس باراك أوباما”. ووفقاً لشبكة “فوكس نيوز” الأمريكية، فإن ما بين 60 – 70% من المراسيم التي أصدرها أوباما سيتم إلغاؤها. وأضاف غينغريتش أن “ذلك يتطلب تقديم طلبات قانونية من محامين على مستوى عال في هذا الشأن”. وأعرب غينغريتش عن اعتقاده بأن أوباما بدأ يعي أن استراتيجيته بدأت بالاضمحلال شيئاً فشيئاً”.
ويبدو أن الخطوة الأوبامية جاءت بُعيد تعيين ترامب سفراء جدد في كل من الصين وإسرائيل والأمم المتحدة، وسط ترقب لمن سيشغل منصب سفير الولايات المتحدة في كل من روسيا واليابان والمكسيك وبريطانيا وسط توقعات بأن يتولى عضو الكونغرس دانا روهراباشر منصب سفير بلاده في موسكو. إذ أكد أنه بحث مع الإدارة الانتقالية العديد من الاحتمالات. ومن الجدير ذكره أنه روهراباشر هو من أكثر منتقدي حلف الناتو. لذلك فإن تعيينه سفيرا لواشنطن في موسكو يعني علاقة أكثر دفئاً مع روسيا.
من جانبها، قالت مجلة “فورين بوليسي” إن موازين القوى الدولية تتجه نحو التغيير. وأضافت: “للأسف التغيير لا تتجه نحو السلام. بل ستزيد النزاعات العالمية حول نقاط معروفة على ساحة الشطرنج الدولية؛ ما يتطلب المزيد من الصبر والمحاولات الدبلوماسية لاحتواء هذه الخلافات في سياقها، من دون الخروج عن الحد المسموح به”.
وأشارت إلى أن تسلم ترامب قيادة الولايات المتحدة الأمريكية يعني المزيد من التقلبات الدولية، لأن الإدارة المقبلة تشبه مجموعة من الهواة والأيديولوجيين.
وسلط موقع “الثقافة الاستراتيجية” الأمريكي الضوء على أبرز نتائج السياسة الأمريكية بقيادة أوباما، على مدار العام الجاري 2016، الذي أوشك على الانتهاء؛ منتقداً إدارته للأمور السياسية والاقتصادية والعسكرية؛ ما انعكس سلباً على الساحة الدولية. وأضاف الموقع: “لقد غزا تيار المحافظين الجدد واشنطن ليمثلوا أكبر تهديد على البشرية كلها، فهو تيار تحالف مع وسطاء الدولة العميقة، في محاولة للسيطرة على العالم من دون مراعاة النتائج”.
وأشار موقع “جيوستراتيجيك ميديا” أن 8 أعوام من رئاسة أوباما، وهزيمة هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية، تُوجت اليوم بمستقبل مجهول وخوف من غياب الغد. لا نعرف ما هي العلاقة بين موسكو وواشنطن في المستقبل؟ ولا نعرف ما هو دور الأمم المتحدة المستقبلي؟”.
وأضاف الموقع أن قرارات أوباما الأخيرة بحق إيران وتسليح المعارضة في سوريا تعني تعقيد المسائل أمام الرئيس ترامب وإدارته، ولا سيما أنه أعرب عن رغبته في مخالفة سياسات الإدارة الأمريكية التي قادها أوباما وفريقه في الشرق الأوسط والعالم.
وخلاصة القول إن ترامب إذا ما تمكن من فسخ قرارات أوباما، فإن سياسات واشنطن ستكون سلمية نحو العالم، لأنها ستعتمد على مصادرها الطبيعية؛ ما يعني التخفيف من الاعتماد على النفط المستورد من الشرق الأوسط، وما يعني مرونة كبيرة في سياسات واشنطن تجاه دول عديدة في المنطقة تتماهى مع مصالح الولايات المتحدة أولاً وأخيراً.
شهاب المكاحلة