فى: فى: الأخبار الرئيسية
د. شهاب المكاحله –
بعد زيارته لواشنطن ولقائه الرئيس الأميريكي دونالد ترامب ومسؤولي الأمن القومي الأميريكي بما فيهم المستشار هيربرت ماكماستر، لم يتمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من اقناع القيادة الأميركية بالتصرف في سوريا بما يخدم مصالح إسرائيل. ويعزى ذلك إلى نشر الجيش الروسي منظومة صاروخية متطورة تشكل خطراُ وجودياً على الطيران الإسرائيلي حتى في حال إقلاعه من داخل إسرائيل أو خروجه من سفن حربية في عرض البحر المتوسط وفي هذا تحييد للطيران الإسرائيلي.
ونظراً لتأكد القيادة الإسرائيلية من أن الحرب في سوريا باتت قاب قوسين أو أدنى من نهايتها مع وصول القوات السورية إلى نقاط حدودية مع الأردن، بادر نتنياهو بطلب زيارة موسكو فور عودته من واشنطن و يرافقه في زيارته رئيس الموساد، يوسي كوهين في زيارته المقررة اليوم الأربعاء 23 أغسطس 2017 إذ سيلتقي نتنياهو مع الرئيس الروسي، فيلاديمير بوتين، في منتجع سوتشي على شواطئ البحر الأسود وسط خلاف كبير حول كيفية التعامل مع الوضع المتدهور في القدس في ما يتعلق بالأمن والسياسة والوضع الحساس على الجبهة الجنوبية الغربية في منطقة القنيطرة في الجولان بعد تقدم القوات السورية وحلفائها إلى مناطق متاخمة من الحدود الإسرائيلية الأردنية.
فجل ما يشغل بال الإسرائيليين اليوم أنه وفي ظل تقديرات استخباراتية من أن الحرب في سوريا باتت في نهاياتها فإن تموضع وتمركز “إيران وحزب الله” في حدودها الشمالية بات هاجساً وكابوساً يؤرق مضجعها. فوفقاً لمصادر روسية مطلعة على الزيارة وهي الخامسة لنتنياهو منذ العام 2015، فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية سيطلب حتماً من بوتين ضمانات بضبط ما اصطلح على تسميته بـ”الهلال الشيعي” والطلب من بوتين أن يضغط على حلفائه “إيران وحزب الله” بالتراجع إلى الساحة الشرقية من سوريا قرب الحدود العراقية منعاً لأي اشتباكات او مناوشات بين إسرائيل وهذه القوات.
وما يهم هنا أن الزيارة تأتي عقب قيام الأردن بكل ما أمكنه لتفادي التداعيات الأمنية والسياسية لأزمة الحرم القدسي الأخيرة والتي كادت أن تعصف بالمنطقة. وعلى الجانب الإسرائيلي، فجل ما يركزون عليه هو تموضع القوات الإيرانية وحلفائها قرب الحدود مع الجولان بموافقة روسية. وهذا هو ما قاله نتنياهو قبيل سفره إلى روسيا: “سأطرح مشكلة ايران التي تحاول الترسخ عسكرياً في سوريا وهذا الامر يثبت أن مستوى عدوانية إيران لم يتراجع منذ توقيع الإتفاق النووي (في 2015 مع القوى العظمى)، ما أصبح مشكلة كل دول الشرق الأوسط وليس فقط مشكلة إسرائيل فحسب”.
ولعل الموضوع الأكثر حساسية في الطرح هو ما تسعى له روسيا من توسيع رقعة المناطق الآمنة في سوريا والتي ستشمل هذه المرة منطقة وسط وشرق سوريا وخصوصاً بعد إعادة دير الزور إلى الحضن السوري إذ سيرفع الروس شعاراَ مفاده أن ما قبل دير الزور ليس كما بعدها ما يعني أن المعركة القادمة ستكون على الأطراف مع كل من يرفض توسيع اتفاق السلام الشامل على الأرض السورية تمهيداً للحل السياسي الذي تسعى موسكو لتحقيقه وهذا ما يفسر تأجيل عقد مؤتمر الأستانة (كازاخستان) الذي كان مقرراً انعقاده في نهاية الشهر الجاري إلى شهر سبتمبر 2017 بانتظار تطورات ميدانية حاسمة لصالح روسيا وحلفائها.
ويبدو سر انزعاج القيادة الإسرائيلية من روسيا أن موسكو لا تستمع لما يقلق الجانب الإسرائيلي خصوصاً بعد أن قام سلاح الجو الإسرائيلي بخرق للمجال الجوي السوري مستغلة الممر الجوي الذي تستخدمه الطائرات الأميركيةعدة مرات ما استدعى القوات الروسية في أبريل الماضي إلى السماح بإطلاق طلقات تحذيرية للطيران الإسرائيلي من منظومات صاروخية متطورة بأن لا مجال للتلاعب مع القوات الروسية لأن ذلك يشكل تهديداً لحياة الضباط الروس.
وعليه، فهمت تل أبيب الرسالة وباتت تتخبط تارة بشن غارات على قطاع غزة وتارة بوضع اجهزة للكشف عن المعادن وبوابات أمنية الكترونية في الحرم القدسي الشريف خصوصاً بعد أن زاد التوتر بين الأردن وإسرائيل عقب تلك الحادثة وتداعياتها التي كادت تعصف باتفاقية السلام بين البلدين إذ يرى الأردن أن إحداث أي تغيير في محيط الحرم القدسي الشريف هو من قبيل تغيير الوضع الراهن ومحاولة يائسة لفرض واقع جديد في الأراضي المحتلة.
والرسالة التي سيوصلها الرئيس الروسي لنتنياهو ستكون حتماً أن الحرب في سوريا وصلت إلى النهاية وأن الحرب على الإرهاب في ذلك البلد ستنتهي حال توقف داعمي الإرهاب عن مساندتهم وأن الحدود السورية مع جيرانها في العراق والأردن سيعاد تأهيلها قبيل تشغيلها من جديد لإعادة نبض الحياة إلى علاقات بين جيران عاشوا برودة العلاقات رغم أتون المعارك.