تشير التقارير الصادرة من مؤسسة ستمسون الخاصة بالشرق الأوسط أن المنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة ومهمة حتى عام 2025، خصوصاً وسط حالة عدم الاستقرار التي تشهدها دول المنطقة والأحداث في غزة. ويؤكد التقرير أن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة للأوضاع وهي إبقاء مستوى الاقتتال بين الطرفين على ما هو عليه الآن دون تقدم يذكر من قبل الجيش الإسرائيلي. والثاني، بقاء كابوس الحرب المفتوحة المتمثل في زيادة مستوى العنف والتوغل أكثر في غزة. والثالث، إبقاء حالة الترقب والأمل لدى الفلسطينيين التي تنطوي على وقف طويل الأمد لإطلاق النار في غزة وخطة لإعادة الإعمار المادي والسياسي.
المراقبون والمحللون للمشهد في المنطقة يرجحون الرؤية الأولى، التي تذهب إلى بقاء الحرب “المسيطر عليها” وهي الأكثر قبولا من الرؤيتين الأخيرتين، ويعتقد المراقبون أن الرؤية الثالثة لا يمكن تطبيقها الآن، بل ربما يمكن أن ترى التطبيق في عام 2026، خصوصاً وأن حرب غزة دون حل ومع وجود تهديدات متزايدة، تهدد باندلاع صراع أكثر تدميراً بين إسرائيل وحزب الله في لبنان.
بعد مرور أكثر من تسعة أشهر على “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، ما تزال منطقة الشرق الأوسط في حالة هشة ومتقلبة بشكل كبير، خصوصاً وأن الحرب في غزة والتوترات الاجتماعية المتزايدة تخلقان أوضاعا غير مسبوقة في المنطقة. وما يزيد من تعقيد المشهد هو عدم وضوح للرؤية بشأن من سيفوز بالانتخابات الأميركية وغيرها من الانتخابات المحتملة في إسرائيل والانقسامات السياسية والمجتمعية المتزايدة في إسرائيل، وسط تعالي الأصوات من الداخل الإسرائيلي وخارجه المنادية بإنهاء الحرب في غزة.
التكهنات تشير بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يقبل أيّ خطة تحد من قدرة إسرائيل على الاستمرار في إنهاء وجود حماس على الأرض، ورفضه أيّ دور لحماس أو السلطة الفلسطينية في الإدارة المستقبلية لغزة. بالمقابل فإن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تحاول عدم جر المنطقة إلى صراع طويل الأمد يستنزف قدراتها ونفوذها في المنطقة، من خلال حجب بعض شحنات الأسلحة عن إسرائيل بسبب ارتفاع عدد الشهداء المدنيين في غزة. ويلعب نتنياهو على عامل الوقت إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 نوفمبر القادم فإذا فاز دونالد ترامب بالانتخابات فمن المتوقع أن يكون أكثر دعماً لإسرائيل من بايدن.
مع استمرار الأزمة الاقتصادية الخانقة في إسرائيل وانخفاض تصنيفها الائتماني، والذي قد يؤدي إلى إنهاء الاستثمار الأجنبي خاصة في قطاع التكنولوجيا – وتعتبر إسرائيل رائدة فيه على المستوى العالمي – وحالة السخط المنتشرة بين أوساط المجندين الإسرائيليين، سيتبين ما إذا كانت تل أبيب قادرة على تحمل حرب على جبهتين. ومع بقاء إستراتيجية نتنياهو في غزة المتمثلة في النصر الكامل غير قابلة للتحقيق، ومع ازدياد أعداد الإسرائيليين الراغبين بالهجرة خارج إسرائيل، وشعور عوائل الرهائن بالغضب من حكومة نتنياهو التي أعطت الأولوية لإنهاء حماس على حساب إنقاذ أقاربهم.
أيضا، الوضع في الشرق الأوسط قابل للتغير، وأن ينحو منحى التهدئة والذهاب إلى الحوار في أهم الملفات تعقيداً وهو الملف النووي الذي ينتظر إعادة فتحه في ظل الحكومتين الأميركية والإيرانية الجديدتين.
مع كل هذه الاحتمالات فإن المتغيرات على الأرض تشير بصورة واضحة إلى أن الشرق الأوسط القادم سيكون أكثر استقراراً ويسير نحو التهدئة والتنمية.