يمكن القول إن عملية السبت في غلاف قطاع غزة أعادت إنتاج الكثير ليس من التساؤلات هذه المرّة.
ولكن الإجابات وضعت بضغطها الشديد على مفاصل القرار في العواصم العربية الاستراتيجية الأردنية والمصرية تحديدا أمام استحقاق قد يتقاطع في النهاية مع مصالح الدور عند القاهرة وعمان، الأمر الذي يجعل ما حصل في غلاف غزة والتداعيات فيما بعدها مشهد استثنائي في غاية الاهمية لإعادة إنتاج المشهد السياسي والإقليمي برمّته.
ومن هنا غرقت عمان في التحركات الرسمية فوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بتكليف ملكي مباشر انشغل بإجراء اتصالات موسّعة وشُكّلت خليّة أزمة.
وتم اتخاذ التدابير الضرورية الوقائية الاستباقية لتعزيز إمكانات المستشفى العسكري الميداني في قطاع غزة تعاملًا مع كل الاحتمالات.
ويستعد الأردن مجددا للقيام بدوره الإنساني والسياسي في دعم الشعب الفلسطيني وأهل قطاع غزة بحكم التلاصق الجغرافي وبنفس الإطار حراك دبلوماسي سريع يُطالب المجتمع الدولي بالتحرّك الفوري.
ويُعيد التذكير بخطاب الثوابت الأردني الذي يرى بأن ما حصل في غلاف غزة السبت هو نتيجة كانت حتمية لما يحصل في الحرم المقدسي الشريف والاستفزازات الإسرائيلية التي وُصفت ملكيا بأنها تؤجج التوتر.
اتصال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بالرئيس الأمريكي جو بايدن وتذكيره بتلك الاستفزازات التي والممارسات التي تؤجج التوتر مؤشر قوي على أن الأردن يتحرّك بسرعة.
وبين عيني غرفة القرار الأردني على الأرجح تلك القناعة بأن الصدامات المسلحة العنيفة التي تهدد الوضع الآمن العام في المنطقة وبعد دخول أجندات إقليمية متعددة على خطوط الاشتباك يمكنه أن ينتقل من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، الأمر الذي يخلق تهديدا ويُنذر بالسيناريو الذي حذّر منه علنا عدّة مرّات الملك عبد الله الثاني عندما أسماه بانهيار المنظومة القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
والخوف شديد حتى في مصر ليس فقط من حالة فوضى وانطلاق عمليات واسعة من المقاومة والاحتكاك والعنف بين المستوطنين وأهالي الضفة الغربية فقط ولكن عودة التصعيد والعنف بحيث يتجدّد الصراع لكن هذه المرة بدخول أطراف إقليمية متعددة على تفاصيله وحيثياته طبعا والحديث هنا عن عن الدولة السورية وعن الجمهورية الإيرانية وحزب الله اللبناني.
وهو الأمر الذي يشغل عمليا دوائر صنع القرار في العديد من العواصم العربية ويمارس الضغط على اليمين الإسرائيلي وحكومته والأمريكيين على هذا الأساس وسط اعتقاد بأن الأمور لن تهدأ والمنطقة برمتها ستذهب إلى التصعيد المباشر في حال لم تقف تلك الاستفزازات والممارسات التي تؤجج التوتر.
ثمّة رسائل وُجّهت من جهة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني شخصيا خلال اتصاله بالرئيس الأمريكي جو بايدن.
ووصف حسب الاتصال التطورات في الأوضاع الأخيرة أنها متدهورة.
وتم بحث وقف التصعيد الخطير وحماية المدنيين وفي الرسائل الاردنية هنا دعوة إلى جهود دولية مكثفة وسريعة لوقف التصعيد في غزة ومحيطها وحماية المنطقة من تبعات دوامة عنف جديدة وهي العبارة التي تشير ضمنا هنا إلى مخاوف وهواجس الأردن المرتبطة بانتقال حالات من الصدام والفوضى والصراعات المسلحة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية.
وأكّد ملك الأردن على ضرورة إنهاء جميع الممارسات التي تؤجج التوتر واستثمر في اللحظة الراهنة لإعادة تذكير الرئيس بايدن بأن البقاء في الحالة اللفظية لدعم خيار حل الدولتين لا يمكنه أن يُشكّل مفتاحًا للحل.
وشدّد عاهل الأردن على أن إيجاد أفق سياسي حقيقي لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين هو الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية وهو السبيل الوحيد لتحقيق السلام وضمان الأمن والاستقرار للجميع محذرا من أن البديل عبر التصعيد سيكون له انعكاسات سلبية على المنطقة مع التأكيد على ضرورة بذل نشاط خاص لحمايه المدنيين.
وهو تأكيد في اللغة السياسية والدبلوماسية يؤشر على أحد أهم الحواجز الأمنية الأردنية وذلك متمثل بأن توفير الحماية لأهالي الضفة الغربية من التصرفات الإسرائيلية العسكرية والأمنية الخشنة والعنيفة ومن هجمات المستوطنين هو المفتاح الأساسي لضمان إمكانية العودة لخيارات ونقاشات التهدئة وما دون ذلك ستفرض على الواقع فصائل المقاومة الفلسطينية وخطابها ومنطقها السياسي إيقاعاتها.