الرئيسية / أخبار / ما بعد “داعش” دواعش جديدة!!

ما بعد “داعش” دواعش جديدة!!

د. شهاب المكاحله –

لعل المتتبع لم يجري في العالم العربي يرى أننا ومنذ عام 1917 لم نعي أننا مستهدفون كشعوب وأننا بتنا وقوداً لحروب وتجارب سلاح منها الكهرومغناطيسي والبيولوجي والكيماوي والنووي تارة والسلاح التقليدي تارة أخرى والفضل يعود إلى تحالف أنظمة عربية مع قوى غربية وشرقية تسعى لمصالحها عبر وسطاء أشبه ما يكونون بتجار السلاح ممن يريد الحصول على المليارديرات على حساب شعوب باتت تعاني وتكافح ليل نهار من أجل لقمة الخبز.

واليوم علينا أن نعي أن  السياسة الخارجية للدول غير ثابتة بل هي ديناميكية متغيرة تبعاً لـ: أولاً الاضطرابات الإقليمية والمحلية التي قد تصل إلى ثورات، ثانياً: الأزمات السياسية والاقتصادية وثالثاً: تغيير في شكل الدولة وبنيتها السياسية والاجتماعية والسياسية من منظومة إلى منظومة أخرى ومن حلف إلى آخر.

في الماضي كانت القضية الفلسطينية هي القضية الأساس لكل عربي ومسلم واليوم ما عادت تعني الكثير بالنسبة للمجتمعات المسلمة والعربية لانشغال الجميع بمشاكلهم الداخلية إذ بات من المحتم علينا أن نقوم بما هو أولى وهي ترتيب البيت الداخلي أولاً قبيل الحديث عن أية قضية. فقد صارت القضية الفلسطينية طي النسيان منذ المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل في بيروت في العام 2002 وصرنا نرى تطبيعاً عربياً على مستوى كبير مع إسرائيل التي تقول إن أي تنازل سياسي عربي لصالح تل أبيب لا يعني بالضرورة تنازلاً سياسياً إسرائيلياً. وهي في هذا محقة لأنها ترى أن الجيوش العربية الكبرى في الصراع العربي الإسرائيلي والتي كانت مهيأة للقيام بكسر ميزان القوى مع تل أبيب ما عادت اليوم تقوى على خوض حروب خارجية نظراً لانتشار الإرهاب في أراضيها الذي أضعف بنيتها الأمنية والعسكرية لعقود قادمة. كل ذلك يقودنا إلى التساؤل، أين العرب بعد “داعش” أم أين ستكون “داعش” في القريب؟

إن التقرير الذي نشرته وسائل الإعلام الغربية عن اختفاء قيادات “داعش” من العراق وسوريا ونقلهم إلى بلدان أخرى يرجح أنها عربية بمنحهم جوازات سفر أجنبية يعني أن هناك مخططاً للمزيد من “الفوضى الخلاقة” التي تسعى إلى تدمير البنى التحتية والثقافية والدينية والسياحية والاقتصادية وغيرها من المرافق في عدد من الدول التي نقلوا إليها. فنحن أمام سيناريو الانتهاء من “داعش” في العراق وسوريا وانتشارهم كانتشار النار في الهشيم في دول بدا تفككها وضعفها واضحاً بمخططات أجنبية.

فمع انتهاء “داعش”، أو مشارفتها على الانتهاء، وعودة مقاتليها الأفراد إلى بلدانهم الأصلية، فإن عدداً منهم من آثر الحياة والاستيطان في بلد آخر حاملاً معه أفكاره ذاتها مشبعة بالتطرف والجهل في محاولة لإعادة تشكيل وبناء منظومة “دولة الخلافة” في مكان ما في زمان ما فيما تروج له تلك الدول الكبرى بـ”الدولة الحلم” أو “دولة الخلافة”.

نحن لم نعِ إلى يومنا هذا أن “داعش” و غيرها من التنظيمات ما هما إلا وجهان لعملة واحدة وأنهما أدوات في يد قوى كبرى تسعى إلى التخلص من مجرميها الذي باتوا يشكلون عبئا اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً كبيراً عليها بتسفيرهم “للعمل خارج حدودها”. كما تسعى تلك الدول وهي نفسها التي تنتج السلاح العالمي وتبيعه إلى افتعال الحروب هنا وهناك من أجل تسريع عملية الانتاج في أراضيها وانعاش اقتصاداتها على حساب الدول النامية وخصوصاً العربية.

فالدول الكبرى ممثلة بأجهزة استخباراتها تخلق ما تشاء بغير حساب من كيانات إرهابية تحت مسميات مختلفة لا نستبعد أن تسميها يوماً على غرار “داعش” دولة الخلافة في بلاد الحرمين” (دابح) أو دولة الخلافة في شبه الجزيرة العربية (داجز) وغيرها من المسميات التي تجتهد كبريات الأجهزة الاستخباراتية في اختيار أسماء لها وقع وتأثير كبيرين على المتلقي.

تلك الاجهزة الاستخباراتية تخلق تلك الكيانات الإرهابية حين تشاء وتمدها بأسباب الوجود وتنهيها بانتهاء مهمتها. الغريب في الأمر أن دولنا العربية تشارك في الحرب ضد الإرهاب ولا تدري أن من يقودنها إلى الحرب على الإرهاب هي مجموعة الدول التي تبنت تلك الخلايا ودربتها وهيئت لها الظروف لتعمل تحت جنح الظلام حيناً وفي وضح النهار حيناً آخر.

واليوم ومع انتهاء “داعش” في سوريا والعراق، بعد أن لاذ البعض منهم بالفرار، وبدًل ثوبه وتغلغل في المجتمع المحيط به مع تخطيطه وعن سبق إصرار وترصد في بث سمومه وما اكتسبه خلال سنون مضت على انخراطه في التنظيمات التكفيرية لا بد أن نعي أن الحرب على الإرهاب لن تنتهي طالما هناك مشاكل في الشرق الأوسط منها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والطائفي لأننا سنرى أن حروب الإرهاب ما هي إلا تجارة بالدين إذ أصبح الإسلام بندقية للإيجار يلتف حولها ويحملها الجهلة الذين لا يعرفون أين يقفون وفي أي واد يهيمون بلا هم مستعدون لما يطلب منهم في سبيل مرضاة الله وأن الجنة والحور العين بانتظارهم عند الشهادة.

الأول نيوز