الرئيسية / أخبار / مشروع ريفييرا الشرق الأوسط

مشروع ريفييرا الشرق الأوسط

ما زال الرئيس الأميركي دونالد ترامب عازمًا على المضي قدمًا في إعادة بناء قطاع غزة حسب مخططه النفعي، وتحويله إلى منتجع سياحي، ونقل فلسطينيي غزة إلى دول أخرى مقابل أموال، أو إلى مناطق آمنة داخل القطاع. وتتألف مسودة الخطة، التي نُشرت مؤخرًا، من 38 صفحة، وتستند إلى “رؤية ترامب بأن الولايات المتحدة ستتولى إدارة المنطقة وتحتفظ بالسلطة لمدة 10 سنوات على الأقل.”

أهم الردود على خطة ترامب ما صرحت به وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، بقولها “من الواضح أن غزة -مثل الضفة الغربية والقدس الشرقية- تابعة للفلسطينيين،” مضيفة “طرد الفلسطينيين من غزة لن يكون مقبولًا، وهو لا يتعارض مع القانون الدولي فحسب بل سيؤدي أيضًا إلى المزيد من المعاناة والكراهية، فلا ينبغي فرض أي حل على الفلسطينيين.”

لا يبدو الوضع القائم اليوم، وما يشهده قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، على ما يرام؛ فالأحداث جسام وتنذر بمستقبل قاتم. لقد أصبحت غزة ضمن مشاريع ترامب الاستثمارية أسوة بمشاريعه الأخرى، ولهذا أطلق يد نتنياهو ليُمعن في تدمير القطاع وفرض سيطرته عليه.

أما لماذا انصب اهتمام ترامب على قطاع غزة ولم ينظر إلى الضفة الغربية بالنظرة نفسها؟ فهناك جملة أسباب، منها موقع غزة وقيمتها الإستراتيجية؛ لأن القطاع يربط مصر ببلاد الشام، إلى جانب مرور قناة البحرين المخطط لها من غزة. وأرضها كانت محل نزاع منذ القرن السابع عشر قبل الميلاد.

السؤال المهم: هل يتحقق ما يصبو إليه ترامب، ويحوّل قطاع غزة إلى مشروع استثماري خاص به؟ ما جرى في السابع من أكتوبر عام 2023 وتداعيات أحداثه لغز كبير لا يستطيع أحد أن يفكه، في ظل تحليلات كثيرة هنا وهناك، مفادها أن ما حصل في السابع من أكتوبر ما هو إلا مخطط مدروس، ليكون ذريعة لرئيس وزراء إسرائيل نتنياهو لتدمير غزة، كما نرى اليوم، وتهجير سكانها عنها، وهذا ما نشاهده أيضًا، حيث يسيطر على كل القطاع من الشمال إلى الجنوب.

لقد أدلى نتنياهو، بعيد أحداث السابع من أكتوبر، بتصريح خطير قال فيه “لم يكن لدينا قبل السابع من أكتوبر حجة داخلية وإقليمية لشن حرب بهذه الطريقة، فاليوم الوضع مختلف.”

ما جرى كان مخططًا له؛ حماس والفصائل الفلسطينية وقعت في شراك مخطط نتنياهو، أو بمعنى آخر حماس لم تدرس الوضع الداخلي والإقليمي جيدًا، ما أعطى ذريعة لإسرائيل لتحقيق مشاريعها والسيطرة على القطاع.

لقد استغلت الحكومة الإسرائيلية الفرصة لتطبيق النهج نفسه ولكن بحدة أقل في الضفة الغربية. فقد زاد تغوّل المستوطنين في مدن وأرياف وقرى الضفة الغربية، حيث أُقيمت المستوطنات العشوائية، وزادت وتيرة مصادرة الأراضي، وكثر الاستيطان الرعوي الذي يهدد بمصادرة محاصيل المزارع الفلسطيني، فيما العالم ما زال ينظر لما يجري دون أن يحرك ساكنًا.

مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الأميركي، الذي يعتبر الثالث في ترتيب القيادة في الحكومة الأميركية، زار الضفة الغربية في رحلة نظمها رئيس مجلس المستوطنات إسرائيل غانتس وجمعية التعليم الأميركية – الإسرائيلية. وخلال زيارته التقى بنتنياهو، وقال “يهودا والسامرة جزء من إسرائيل. نعمل على إلغاء استخدام مصطلح ‘الضفة الغربية’ في الإدارة والكونغرس والحكومة الفيدرالية.”

الحكومة الإسرائيلية الحالية تسابق الزمن، وربما خلال أسابيع أو شهور قليلة ستعلن عن ضم الضفة الغربية بشكل محدود أو بشكل أوسع. وحسب ما يخطط له نتنياهو، قد يتم ضم ما يقارب 60 في المئة من أراضي الضفة الغربية.

الرياح الوافدة من واشنطن لن تسير، بالضرورة، وفق ما يريده ترامب؛ فالشعوب العربية والإسلامية عامة والشعب الفلسطيني خاصة يَعْلمان أن “المتغطي بالأمريكان عريان.”