الرئيسية / أخبار / العراق وتعزيز مراكز القوى في المنطقة

العراق وتعزيز مراكز القوى في المنطقة

منذ بدء الأزمة السورية التي بدأت مع سقوط نظام الأسد، وبغداد تمارس كل الأدوار السياسية في تقريب وجهات النظر بين البلدان المجاورة لسوريا أو التي كان لها دور رئيسي في ما يجري على الأرض السورية.

وبالرغم من الجهود الدولية والعربية والإسلامية التي تبذل من أجل درء الصراع ومنع اتساعه ليشمل المنطقة، إلا أن بوادر الاتساع وصوت الصراع أعلى من صوت التهدئة فاللاعب الإقليمي ما زال يريد فرض سيطرته على الأوضاع في سوريا وفرض سيطرته على المدن والمحافظات فيها.

فتركيا هي من تقف خلف هيئة تحرير الشام التي يتزعمها أبومحمد الجولاني والمطلوب للقضاء العراقي ومحكوم عليه بالإعدام غيابيا، بالإضافة إلى الولايات المتحدة التي خصصت مكافأة 10 ملايين دولار لمن يدلي بأي معلومات عنه، الأمر الذي يغير قواعد اللعبة بالنسبة إلى واشنطن ويجعل الجولاني حليفا إستراتيجيا لها خلال الحقبة القادمة.

تركيا تعد اللاعب الرئيسي في إسقاط نظام الأسد بعد قطيعة بينهما على خلفية أزمة النازحين والتي ضاق الأتراك بهم ذرعا والذين تصل أعدادهم إلى أكثر من مليوني نازح، ورفض الأسد التباحث بشأنهم مع أنقرة ما لم يتم النقاش بشأن انسحاب القوات التركية التي تسيطر على أجزاء من سوريا، ما ولّد حالة من القطيعة بين الجانبين، لذلك سارع رجب طيب أردوغان إلى دعم المسلحين من أجل أن يكونوا ورقة ضغط على الأسد ودفعه إلى الجلوس على طاولة الحوار مع الأتراك.

◄ اللاعب الأميركي يسعى إلى إيجاد خارطة جديدة للشرق الأوسط وسلّم الملف كاملا للإسرائيليين من أجل إعادة رسم هذه الخارطة وفق مصالحهم ولحماية أمنهم في المنطقة

اللاعب الآخر يمثله الروس الذين سكتوا أمام اندفاع المسلحين وانسحاب الجيش السوري والذي هو الآخر لم يقم بواجبه في الدفاع أو صد المسلحين القادمين من إدلب باتجاه المدن السورية الأخرى وصولا إلى دمشق ودون أيّ معارضة، وهذا ما فاجأ حلفاء سوريا الذين فشلوا في التعاطي مع هجوم المسلحين. وبحسب التقارير، فإن هؤلاء المسلحين لم يكن في نيتهم الوصول إلى دمشق، بل كان الهجوم ورقة ضغط يستخدمها الأتراك لدفع الأسد للجلوس إلى طاولة الحوار وإنهاء ملف النازحين الذي أخذ يرهق الأتراك ويسبب لهم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.

اللاعب الثالث في هذا الصراع يمثله الإسرائيليون والذين ساهموا كثيرا في مساعدة المسلحين على الوصول إلى العاصمة السورية، وما إن سقطت دمشق حتى قاموا بحركة سريعة للسيطرة على جنوب سوريا وبناء قواعد لهم، وهذا ما تحقق فعلا من خلال زيارة نتنياهو إلى موقع الجيش الإسرائيلي في جبل الشيخ وفرض أمر واقع على الأرض في سوريا، ومحاولة قطع الإمدادات بين إيران وجنوب لبنان وتحديدا حزب الله.

اللاعب الرابع يمثله الأوكرانيون الذين قدموا الدعم العسكري واللوجستي لهيئة تحرير الشام وتوفير الطائرات المسيرة بالإضافة إلى تدريب المسلحين في هيئة تحرير الشام، والهدف من هذا الدعم هو فتح جبهة لهم في سوريا وتخفيف الضغط الروسي عليهم وإتاحة الفرصة لهم لجر الجيش الروسي إلى مواجهة مع المجموعات المسلحة بقيادة الجولاني، وهذا ما لم يتحقق واستطاع الروس قراءة الموقف بعناية ودقة وأبعدوا أنفسهم عن المواجهة مع المسلحين في سوريا.

اللاعب الأخير، والذي يتم كل هذا الحراك برعايته وحمايته هو اللاعب الأميركي الذي يسعى إلى إيجاد خارطة جديدة للشرق الأوسط وسلّم الملف كاملا للإسرائيليين من أجل إعادة رسم هذه الخارطة وفق مصالحهم ولحماية أمنهم في المنطقة، وهذا ما يتسق تماما مع الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة الأمم المتحدة وعرض فيه الخارطة الجديدة للمشهد في الشرق الأوسط والتي يسعى لتنفيذها مع واشنطن.

يبقى طرف أخير هو العراق الذي رفض الإملاءات الخارجية وهو ما ظهر من خلال زيارة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إلى المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، حيث رفضت المرجعية هذه الإملاءات واعتبرتها تدخلا بالشأن العراقي ومسّا بسيادته وقراره، وأعلن العراق بصراحة أن القرار العراقي يصنع في العراق.