الرئيسية / أخبار / احتواء إيران يبدأ من العراق

احتواء إيران يبدأ من العراق

مسار تدريجي بحساب زمني دقيق يستدرج إيران “ولاية الفقيه” إلى زنزانة أسرها الأبدي. بدأ بغواية “طوفان الأقصى” ومغريات دهاليز “الوعد الصادق”. مسار مرّ في بيروت واجتاز الحدود حتى بلغ عمق دمشق ليرى بغداد من أعالي جبل قاسيون، يرسم في سهلها المنبسط خارطة طريق الوصول إلى طهران.

الطرق الممنوعة منذ زمن فتحت الآن. رفعت الحواجز المزروعة في امتداداتها، ومتاريس التحصن ردمت، وغادرها المتحصنون رغما عنهم، تاركين أعلامهم وشعاراتهم الطائفية تتقاذفها الرياح دون عزاء من أحد. حتى بغداد أضحت على مرمى حجر.

بغداد آخر بوابة تتحصن بها “ولاية الفقيه” وتبعدها نسبيا عن لحظة الانهيار الحاسم، طالما أشعلت فيها النيران، وأثارت في أرضها الفتن حتى تعزز حصانتها الواقفة على قاعدة موازنة قلقة بعد قطع أذرعها الطولى في بيروت ودمشق.

نظام “ولاية الفقيه” ما زال قائما في قم، يطلق خطاب القوة شكلا بلا مضمون، ويهدد بإزاحة من عقد العزم على إزاحته، وكأن ما جرى في بيروت ودمشق لا أثر له على قدرته التي يتباهى بعظمتها، فهو ما زال يرى في بغداد بوابته المحصنة من أيّ اختراق، حصانة الفصائل المسلحة التي تدين بالولاء له، والمتحكمة بمفاصل دولة العراق بسلطاتها الحكومية والتشريعية والقضائية.

◙ نظام “ولاية الفقيه” ما زال قائما في قم، يطلق خطاب القوة شكلا بلا مضمون، ويهدد بإزاحة من عقد العزم على إزاحته، وكأن ما جرى في بيروت ودمشق لا أثر له على قدرته التي يتباهى بعظمتها

دولة العراق ما زالت مفاتيحها بيد الولي علي خامنئي، والإطار التنسيقي الجامع لفصائل الولاء يحكم بأمره، لا يحيد قيد أنملة عن دائرة الخضوع له، وتنفيذ ما يأمر به، فهو المالك لسلطة القرار السيادي عبر تحكمه بسلطتي القوة والمال.

قوة النفوذ الإيراني في العراق قوة متكاملة، لا تفتقر لأيّ عنصر من عناصرها، قوة لم تتكامل في لبنان وسوريا كما تكاملت في العراق بالتغلغل في أجهزته حد التحكم المطلق بها.

زجت “ولاية الفقيه” كل طوائف العراق بأديانه ومذاهبه وأعراقه في منظومتها السياسة المتحكمة بمقدرات الأمور مقابل حصص في المال المنهوب ومناصب إدارة الدولة منزوعة السيادة.

بلغت قدرة “الولي الفقيه” في اقتطاع حقول النفط الكبرى (جزر مجنون والفكة…) وضمّها إلى ولايته، والاستيلاء على الجزء الأكبر من موارد إنتاج ما تبقى من حقول عراقية.

العراق بات مركز قوة إيران الأكبر يحكمه سفيرها في بغداد، الأمر الذي دفع وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو إلى الدعوة إلى ضرورة قيام سفارة إيران بدورها الدبلوماسي دون التعدي على سيادة العراق.

المرجع الإسلامي الشيعي الأعلى في النجف سلطة دينية مؤثرة في الوسط المذهبي أضحى مرجعا في دعم عملية سياسية منحرفة عن المبادئ التشريعية والدستورية التزم حيالها الصمت المريب، حتى صار مصدر قوة ديني لنفوذ إيراني عبث وطغى وتجبر.

واقع بالغ التعقيد في العراق، القدرة على فك عقده أمر أكثر تعقيدا، جعل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يدرك أن “احتواء إيران يبدأ من العراق” بنسف البوابة التي تحصن بها ليضحى هدفا مكشوفا في عقر داره يسهل الانقضاض عليه دون رجعة.