منهم السادات، الملك عبدلله الثاني ونيلسون مانديلا.. زعماء ورؤساء خاطبوا الكونغرس الأميركي
قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإلقاء خطاب أمام الكونغرس الأمريكي مساء الأربعاء يوليو/تموز 2024 وسط احتجاجات ضخمة لآلاف المؤيدين
لفلسطين في شوارع واشنطن مطالبين بوقف الحرب المستمرّة على قطاع غزة منذُ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ووقف تزويد إسرائيل بالسلاح ليكون بنيامين نتنياهو عبر هذا الخطاب أكثر من ألقى خطابات في الكونغرس (4 مرات).
ويعقد الكونغرس الأمريكي بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) جلسات مشتركة لعدة أسباب مهمّة أبرزها المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية، والاستماع إلى خطاب حالة الاتحاد الذي يلقيه الرئيس الأمريكي سنوياً، بالإضافة إلى أي خطاب رئاسي يستدعيه التطورات أو المناسبات. كما قد يلقي رؤساء وزعماء أجانب خطابات أمام الكونغرس في جلسات مشتركة.
وعلى مرّ تاريخه ، استمع المشرعون في جلسات الكونغرس المشتركة إلى خطابات زعماء من نحو 50 دولة، من بينهم رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل، والزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا، وملك الأردن حسين بن طلال وابنه الملك عبد الله الثاني، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل
في السادس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول 1941، ألقى رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل خطاباً أثناء الحرب العالمية الثانية، دعا خلاله إلى دعم أكبر من قبل الولايات المتحدة في الصراع، وأكّد على أهمية التحالف بين البلدين من أجل تحقيق النصر. وفقاً لما ذكره لنا موقع “politico” كان الهدف من الخطاب تعزيز الروح المشتركة بين الحلفاء (بريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفياتي) ضدّ ما عُرف آنذاك بدول المحور (ألمانيا وإيطاليا واليابان).
عاد ونستون تشرشل للحديث أمام الكونغرس في مناسبتين أخريين: الأولى كانت في عام 1943، حيث تناول فيها تطورات الحرب العالمية الثانية وعلاقات التحالف بين بريطانيا والولايات المتحدة، والثانية كانت في عام 1952، بعد انتهاء الحرب، حيث قدّم رؤية لمستقبل العلاقات الدولية والتعاون بين الدول الكبرى.
الرئيس المصري محمد أنور السادات
كانت زيارة السادات إلى الولايات المتحدة في وقت حاسم، بعد حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973، التي شهدت نجاح مصر في استعادة بعض الأراضي التي كانت محتلة من قبل إسرائيل.
دعا الرئيس المصري محمد أنور السادات الولايات المتحدة خلال خطابه إلى “التواصل مع الفلسطينيين ونسج علاقات معهم”. وأكّد السادات أن “موقفاً أمريكياً متعاطفاً مع آمال الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة سيسهم كثيراً في تسريع حل المشكلة”.
وأضاف السادات أن “التعهّد الحقيقي المطلوب من الولايات المتحدة هو الالتزام بالعمل من أجل السلام”، ودعا إلى إقامة “نظام دولي سليم” قادر على تلبية متطلبات الغد وحل مشاكل العصر المقبل. كما شدد على ضرورة إنشاء “نظام اقتصادي دولي جديد” يعالج مظالم الماضي ويوفر إطاراً أكثر عدلاً لتحديد الحقوق والواجبات.
وقال السادات إن الولايات المتحدة “تتحمل مسؤولية خاصة في عملية إدخال التعديلات اللازمة وتسهيل التحول إلى البنيان الدولي الجديد”. وقد استشهد في خطابه بمقولات لرؤساء أمريكيين سابقين مثل أبراهام لينكولن، وجورج واشنطن، وجون كينيدي، ليبرز أهمية الالتزام بالقيم التي تدعم السلام والعدالة.
الملك حسين بن طلال
في 26 يوليو/تموز 1994، تحدث الملك حسين ملك الأردن ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في جلسة مشتركة للكونغرس الأمريكي، وذلك بعد توقيع معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل المعروفة بـ”اتفاقية وادي عربة” والتي وقعت في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1994.
وقال الملك حسين في خطابه “لقد أصبحنا الآن شركاء في صنع مستقبل جميع شعوبنا… ونحن إذ ننشد لهم مستقبلا من السلام والاستقرار والأمن..، فإن ذلك قد أصبح أمام أعيننا..”. وأضاف “ما نشهده اليوم هو الانتقال من حالة الحرب إلى حالة السلام.. إن هذه الظروف الفريدة تمكننا من اتخاذ الخطوات الشجاعة”.
وقال أيضاً “أخاطبكم اليوم لأقول إننا مستعدون لتدشين صفحة جديدة في علاقاتنا مع إسرائيل.. وسنتمكن من تحقيق السلام الذي ننشد..”.
وتابع “آمل أن تقرؤوا رسالة واضحة موجهة إلى الشعب الأميركي والعالم أجمع.. بأننا عازمون معا على العمل الدؤوب لنزيل إلى الأبد الظروف الشاذة التي تحكمت في حياة شعبنا.. إننا نتوخى أن تعود الحياة لطبيعتها وإنسانيتها.. ليصبح ذلك هو المنحى الاعتيادي لها”.
وأضاف “ومن جانبنا فلن ننسى فلسطين للحظة.. فقد كنّا أول من تحمّل المسؤولية وكنا أكثر من تضرر من نتائج المأساة الفلسطينية”.
رئيس جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا
عندما أُطلق سراح نيلسون مانديلا من السجن بعد 27 عاماً خلف القضبان بسبب كونه يشكّل تهديداً للحكومة في جنوب أفريقيا، كان يُعتبر السجين الأكثر شهرة في العالم ورمزاً أخلاقياً ذا تأثير كبير حتى من داخل زنزانته.
وفي وقت إطلاق سراح مانديلا، كان من غير المؤكد ما إذا كانت جنوب أفريقيا ستنحدر نحو العنف الجماعي والحرب الأهلية، أو ما إذا كان الإفراج عن مانديلا سيمثل بداية النهاية لنظام الفصل العنصري الذي كان يُحكم فيه أقلية بيضاء الأغلبية السوداء.
على الرغم من عدم اليقين الذي كان يكتنف تلك الفترة، فقد قاد مانديلا بلاده نحو المصالحة وليس الحرب. في عام 1994، انتُخب مانديلا رئيساً لجنوب إفريقيا، ما شكل تحولًا تاريخياً في البلاد.
عندما ظهر مانديلا أمام الكونغرس الأمريكي في يونيو/حزيران 1990، لم يكن أحد يعلم على وجه اليقين كيف سيشكل مستقبلاً تاريخ العالم وتاريخ بلاده. ولكن بفضل قيادته وحكمته، أصبح مانديلا رمزاً للتغيير والعدالة، وقاد جنوب أفريقيا إلى حقبة جديدة من السلام والمساواة. فعندما وقف نيلسون مانديلا أمام الكونغرس الأمريكي، كان يُدرك تماماً أن قلة قليلة من الأشخاص من خارج الولايات المتحدة يُسمح لهم بالتحدث إلى هذا المجلس الرفيع.
وقال مانديلا في خطابه التاريخي: “لقد جئت من قارّة تعرفون جيداً معاناتها ومصاعبها، ومن ثم فسوف تفهمون بسهولة لماذا أقف لأقول إن الديمقراطية والسلام والرخاء في أفريقيا، بالنسبة لدولة قوية مثل بلدكم، تشكل مصلحة وطنية لكم بقدر ما تشكل مصلحة لنا”.
ودعا مانديلا إلى عالم جديد يسوده العدالة والسلام، حيث قال: “ولأنني أفريقي، فإنني على يقين من أنكم ستفهمون لماذا يجب أن أقف هنا وأقول إن اعتقادنا الراسخ هو أن النظام العالمي الجديد الذي يجري تشكيله يجب أن يركز على خلق عالم من الديمقراطية والسلام والازدهار للبشرية جمعاء”.
من خلال هذه الكلمات، أعرب مانديلا عن رؤيته للسلام والعدالة كقيمة عالمية، مؤكداً على أهمية التعاون الدولي لتحقيق الازدهار للجميع.
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل
في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2009 ألقت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كلمة أمام الكونغرس وقد كان ذلك قبل ستة أيام من الذكرى العشرين لسقوط جدار برلين. دعت ميركل أثناء خطابها الولايات المتحدة للانضمام إلى الجهود الأوروبية لمكافحة التغير المناخي.
وأكدت ميركل، أول مستشارة ألمانية تلقي كلمة في اجتماع مشترك للكونجرس، على الحاجة إلى التوصل إلى اتفاق بشأن الانحباس الحراري العالمي. كما تطرقت المسؤولة الألمانية إلى قضية الحرب الأميركية في أفغانستان، التي بدأت في عام 2001، وبلغت عامها الثامن آنذاك.
كما ناقشت البرنامج النووي الإيراني، مشيرة إلى أن “وجود سلاح نووي بيد من ينكر الهولوكوست ويهدد حق إسرائيل في الوجود هو أمر غير مقبول”.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
في 24 أبريل/نيسان 2018 ألقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطاباً أمام الكونغرس بحضور أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب تناول خلاله العديد من القضايا، لا سيما الإجراءات الحمائية في مجال التجارة التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والملف النووي الإيراني.
وأكد ماكرون وفقاً لما ذكره موقع CBC NEWS أن “حربا تجارية بين حلفاء ليست أمرا متجانسا” في إشارة إلى التهديدات الحمائية للرئيس دونالد ترامب والتي تنذر بحرب تجارية، مكررا أن “ليس هناك كوكب بديل” على صعيد قضية المناخ في انتقاد ضمني للانسحاب الأمريكي من اتفاق باريس للمناخ.
وأضاف ماكرون “أنا واثق بأن الولايات المتحدة ستعود يوما ما إلى اتفاق باريس” حول المناخ ما أثار ترحيب الديمقراطيين الذين هتف بعضهم “تحيا فرنسا” بينما ظل الجمهوريون مكتوفي الأيدي مكتفين بابتسامات طفيفة.
واستغل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطابه النادر أمام الكونغرس الأمريكي للتنديد بالنزعة القومية والانعزالية، مؤكداً أن هذه السياسات تشكل تهديدًا للرخاء العالمي.
وأضاف ماكرون أن الولايات المتحدة قد اخترعت مفهوم التعددية، وأنها بحاجة الآن إلى إعادة اختراعه من أجل بناء نظام عالمي جديد يتناسب مع القرن الحادي والعشرين.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي
ألقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كلمة في اجتماع مشترك للكونجرس في 21 ديسمبر/كانون الأول 2022 حيث شكر الولايات المتحدة وقال إن بلاده لن تستسلم أبدا للقوات الروسية التي شنت حربا على بلاده والتي انطلقت في 24 فبراير/شباط من العام نفسه، وطلب الرئيس الأوكراني استمرار الولايات المتحدة في تقديم المساعدة العسكرية لبلاده بحسب ماجاء في صحيفة”واشنطن بوست” الأمريكية.
ويُذكر أن خطاب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جلسة مشتركة للكونغرس قد جاء بعد لقائه بالرئيس الأمريكي جو بايدن، وذلك خلال يوم استثنائي في واشنطن، الذي شهد أول رحلة دولية للزعيم الأوكراني منذ غزو روسيا لأوكرانيا قبل 300 يوم ، حيثُ أظهر الزعيمان في البيت الأبيض جبهةً موحدة، حيث وجه كلاهما توبيخاً لاذعاً لروسيا في سعيهما لحشد الدعم لحرب طويلة ومرهقة وفقاً للمصدر نفسه.
الملك عبد الله الثاني
في 7 مارس/آذار 2007 خاطب ملك الأردن عبد الله الثاني الكونجرس الأمريكي داعياً الولايات المتحدة الأمريكية لتولي زمام المبادرة في تهيئة الظروف الملائمة لإحلال السلام الدائم بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال ملك الأردن في خطابه “60 عاماً من التشريد و40 عاماً تحت الاحتلال، وكل عملية سلام تتقدم ثم تتوقف، كل ذلك أدى إلى ميراث مؤلم من اليأس وخيبة الأمل في جميع الجوانب.” وأشار إلى أن إنكار السلام العادل والشامل في فلسطين هو مصدر الانقسامات الإقليمية وحالة الاستياء والإحباط.
في هذا السياق، اقترح الملك عبدالله الثاني دعم مبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة بيروت عام 2002، مؤكداً أن على الولايات المتحدة التحرك بشكل أسرع هذا العام لترسيخ ما وصفه بالرؤية الأخلاقية لأميركا.