ميساء مغربي
في الحادي والعشرين من أغسطس، تعرضت ناقلة النفط الخام “سونيون” (رقم “المنظمة البحرية الدولية” 9312145)، التي ترفع العلم اليوناني، لهجمات من قبل قوات الحوثيين في جنوب البحر الأحمر. الهجوم أدى إلى إجبار الطاقم على التخلي عن السفينة المحملة بحوالي 900,000 برميل من النفط الخام العراقي، واندلعت الحرائق على متنها واستمرت لأيام، ويُعتقد أن المتفجرات التي زرعها الحوثيون أثناء صعودهم على متن السفينة كانت سببًا في ذلك.
إن السفينة تقف الآن في موقع عالي الخطورة، وفي حال عدم سحبها إلى ميناء آمن، فإنها قد تسبب تسربًا نفطيًا كارثيًا يؤثر على منطقة البحر الأحمر بأكملها، ملوثًا المياه التي تعتمد عليها مصايد الأسماك والحياة البحرية ومحطات تحلية المياه، إضافة إلى تعطيل حركة الشحن العالمية بشكل كبير.
تفيد تقارير القوة البحرية للاتحاد الأوروبي (أسپيديس) بأنه لم يتم الكشف عن أي تسرب نفطي، وأن السفينة لم تعد تنجرف. ولكن رغم ذلك، فإن الحوثيين وافقوا على السماح بعملية سحب وإنقاذ السفينة، غير أن هذه الموافقة لا تعني بالضرورة أن الخطر قد زال، ولا يمكن اعتبارها مؤشرًا على توقف الحوثيين عن مهاجمة ناقلات النفط في المستقبل، خاصة بعد أن شهدوا بأنفسهم تأثير ذلك على اليمن.
وترى نعوم ريدان، وهي زميلة أقدم في معهد واشنطن، أن حادثة “سونيون” تقدم دروسًا فورية للولايات المتحدة وللجهات الفاعلة الأخرى حول أفضل السبل لتأمين السفينة ومنع حدوث تسرب كارثي، وحل أزمة البحر الأحمر المتفاقمة.
وفي ظل حملة الهجمات الحوثية المستمرة في البحر الأحمر، كانت عمليات الإنقاذ دائمًا محفوفة بالتحديات، ولن تكون حادثة “سونيون” استثناءً. إذ أن العثور على زوارق سحب مناسبة ومستعدة للعمل في هذه البيئة الخطرة قد يكون أمرًا صعبًا، وقد تتأخر العملية إذا كانت تلك الزوارق تخضع لعقوبات أميركية.
من الضروري سحب السفينة إلى ميناء آمن لتجنب كارثة بيئية، إذ أن التأخيرات الإضافية لن تؤدي إلا إلى زيادة الخطر على سلامة هيكل الناقلة. وقد واجهت عمليات السحب المتعلقة بالحوادث البحرية السابقة للحوثيين انتكاسات بسبب المشاكل الفنية وتدخل الحوثيين، وهو ما يتطلب معالجة سريعة لأي مشاكل مشابهة في الحالة الحالية.
وعلى الرغم من أن تفاصيل عملية إنقاذ “سونيون” لا تزال غير مؤكدة، إلا أن القوات البحرية، وخاصة قوة “أسپيديس”، يجب أن تبقى قريبة من الناقلة لمنع الحوثيين من تعطيل العملية. فقد أثبتت التجارب السابقة أن الحوثيين مستعدون للتدخل في جهود الإنقاذ إذا تمكنوا من استغلال الوضع كورقة مساومة سياسية، كما حدث خلال المهمة المطولة لتفريغ ناقلة النفط “صافر”.
ويبدو أن الحوثيين قد عادوا إلى السفينة “سونيون” وزرعوا متفجرات إضافية بعد هجماتهم الأولية، مما أدى إلى اندلاع الحرائق. وفي الوقت الذي يسعون فيه لتحويل الحادثة إلى “انتصار” إنساني عبر استخدام وسائل الإعلام للترويج بأنهم وافقوا على عملية الإنقاذ بدافع المخاوف البيئية، فإن الحقيقة تشير إلى أن الحوثيين يهددون بشكل مباشر أمن وسلامة المنطقة بأكملها.
ومع تركيز الحوثيين على مهاجمة السفن ذات الصلة بإسرائيل، بما في ذلك تلك التي لا تزور إسرائيل مباشرة ولكنها مملوكة أو مدارة من قبل كيانات ترتبط بإسرائيل، أصبحت “سونيون” هدفًا مغريًا. وفي ظل هذا الوضع، يجب على السفن التجارية المعرضة لخطر الهجوم أن تأخذ مسألة المرافقة البحرية بجدية، خاصة أثناء انتظار “سونيون” لعملية الإنقاذ.