كريستينا مير
يبدو الآن أن حقيقة سيناريو سقوط طائرة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبداللهيان ومرافقيه في التاسع عشر من مايو 2024 وبمنطقة جبلية قرب الحدود الأذربيجانية قد حصحصت معالمها وبانت خيوطها التي تؤكد بيقين لا يقبل الشك أن سقوط الطائرة كان بفعل الفاعل ذاته الذي استخدم أدواته في تنفيذ اغتيال القيادي في حماس إسماعيل هنيّة.
من قال إن إسرائيل لا تريد توسيع نطاق الحرب وضرورة أن تكون محدودة في قواعد الاشتباك.. إذًا كل الذي يحدث على الأرض ماذا نسميه؟
إسرائيل الكيان الوحيد الذي يسعى إلى توسيع نطاق الحرب لأغراض دعائية قد تطيل بقاء بنيامين نتنياهو في السلطة، واسترجاع ذلك الزهو والغرور الذي فقدته إسرائيل بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، حين وجّهت لها حماس ضربة كبيرة شملت القوات العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية، ومخطئ من يظن أن الولايات المتحدة ستتخلى عن إسرائيل. الولايات المتحدة من الممكن أن تتخلى عن نتنياهو، ولكنها لن تتخلّى عن تحالفها الإستراتيجي مع إسرائيل.
اغتيال هنيّة في الداخل الإيراني كان ضربة للأمن القومي الإيراني في رسالة إسرائيلية تؤكد قدرتها على الوصول إلى أي هدف تراه ضروريّا لأمنها. لكن إيران دولة براغماتية لن تجعل الأمور تصل إلى المواجهة المباشرة أو الحرب المفتوحة مع إسرائيل، لكنها ستقوم بتثبيت مفهوم الحرب في المساحة الرمادية أو حرب الوكالة لكسر دائرة الحرج الداخلي.
في ظل شبح الحرب الذي بدأت تقرع طبوله، تشير مصادر سياسية إلى رسالة حملها محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي إلى طهران، أثناء تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، يطلب تدخل إيران والضغط على الفصائل المسلحة لوقف هجماتها، في مسعى جديد للتهدئة إثر تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل على خلفية استهداف بلدة مجدل شمس في الجولان، وما تلاه من استهداف القيادي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر، ووجود معلومات عن حشود وتحركات لإرسال قوات مقاتلة من الفصائل المسلحة العراقية إلى لبنان للقتال إلى جانب حزب الله اللبناني في حالة نشوب حرب بين الحزب وإسرائيل، وأن موعد الهدنة سينتهي في الأول من أغسطس – آب 2024 لتبدأ بعدها عملية قصف القواعد الأميركية بالمسيرات والصواريخ. لكن يبدو أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنيّة قد جعل الرسالة تذهب أدراج الرياح.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن السفارة الأميركية في بغداد قد أخلت موظفيها في إجراء احترازي من أي هجمات صاروخية قد تطالها، فيما توعدت حركة النجباء التي يتزعمها أكرم الكعبي ما وصفته بالكيان “الصهيوأميركي” بعد استهداف الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت.
المفارقة أن العراق الذي أعلن عن طريق وزارة خارجيته إدانته للعدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت، واعتبر هذا الاعتداء انتهاكا سافرا للقانون والمواثيق الدولية، يقف هذا البلد عاجزا عن صد أو وقف أي انتهاك وتجاوز على أراضيه.
لن يكون جديدا القول إن إسرائيل قد اتخذت قرارَ استدراجِ الجميع إلى مواجهة شاملة، ستكون عبر هجمات تستهدف قادة الخط الأول من عناوين المقاومة، وتكمن خطورة ذلك التصعيد في أن الطرف المقابل سيتوجب عليه الرد حفاظا على سمعته أمام جمهوره الذي يطالبه بالانتقام، وذلك ما تريده إسرائيل من توسيع نطاق الرد.