الرئيسية / أخبار / سؤال اتهامي: عيالنا بين التطفيش والتهجير

سؤال اتهامي: عيالنا بين التطفيش والتهجير

د. بسام الهلول 

تقول أحلام مستغانمي وبلسان الشباب المهجر عنوة( كنا نحلم بأن نعيش يوما بما نكتب وأصبحنا نحلم بألا نموت يوما بسبب مانكتب، كنا نحلم بوطن نكتب ونموت من أجله، فأصبحنا نكتب لوطن نموت على يده . كنا في بداياتنا نحلم بأن نغترب ونصبح كتابا مشهورين في الخارج ، اليوم وقد اصبحنا كذلك، اصبح حلمنا ان نعود الى وطننا ونعيش فيه نكرات قدر الإمكان ) هذا ماتدندنز به الاجيال اليوم الامر الذي يطرح اشكالاً بل أعضالا وعليه ؛
ثمة تساؤل حيال ظاهرة جديدة غير مسبوقة من لدن احتماعنا الاردني ولم نعتد علبها بما بضاهيء حركة الشباب العربي في المغرب وما يطلق عليه في عرفهم الاجتماعي( الحر ّاق ) اي من يحرق البحر او المحيط ليقطع الى الضفة الأخرى سعيا للرزق وكثيرا ما كنت أصادفهم وقد بلغ بهم ضنك المكان والزمان حتى يقول الواحد فيهم( أنا غادي نحرق البحر) والحرق لايقع على الماء فكيف تسلب الأشياء خصائصها بل العناصر مزاجها وطبعها وهذا منه غاية الحنق والحمق كثيرة هي الاسئلة مما يجعل منها افقا للتساؤل بل يجعل منها( دالاّ) لهذه المعادلة او المعضلة وذلك حين ترى بؤس الشباب فتدرك معه مدى سعادتهم وحين كما يقول الفيلسوف المغربي( ادريس كثير ) حين تكتشف رداءة الاجتماع فتدرك بالتالي إلى اي حد انهارت قيمه، انتهى كلام ( كثير) وحين نشعر بالجائحه الاتحدس معي الى اي حد وصل به الاجتماع الاردني من العوز والفساد والكساد ويردف قائلا ؛ حين يجتمع لغالب المجتمع او اكثر من( الحكرة) اي( التحقير والغبن) بالضم والفتح) إلا تتضح لنا معاني الكرامة والمروؤة؟؟ الأمر الذي يقفز بنا الى ( الحراكة) او ( الحراقة) كعوليس، والسندباد، وترميزات هذا المصطلح اذ منها( المغامرة، والشجاعة، والترحال والتيه ومقامه امام شبابنا ان يحرقوا كل الجغرافية السياسية والاجتماعية وطبوغرافية الامكنة التي من مشاكلها في وطني البطالة والرتابة والجوع وعين السياسي الغافية بل الغافلة عن اوجاع شبابنا او المنشغل بفساتين غادته ورحلاتها بين أسواق البرنتم واوشان العلامة المسجلة في اسواق الغرب وحال شبابنا( تموت الأسد في الغابات جوعا، ولحم الضأن تأكله الكلآب) ولطالما كنت امر بمرارتها في فرنسا وغيرها من الأقطار الغربية والجملة المشتركة هي( رانا مودرين السي الطالب) Je nous vois perdus dans des pays اétrangers
….. وبلغة الفن المبتذل ( ضايعين صايعين) هذا ما وقفت عليه عيانا رأيت الشباب العربي في مقاهي الغرب في حالة من التيه والضياع تمثلت بما يعرف برقصة اللمبادا وهي اشبه( بمعاضلة الكلاب عندنا) اي( مسافدة الكلاب) تفتك بهم المخدرات والهاش حتى يصل الحال باحدهم انه يطفيء عقب سيجارته في يد صاحبه الذي يجلس قبالته ولا يشعر ، مما يطرح من هذه اللغة الدارجة موضوع تأمل( صايعين ضايعين) فلسفي بحيث تصبح ( منتجعا لمفاهيم ستظهر في الغد القريب كما ظهرت عند المهاجرين وخاصة الجيل الثاني او الخلق الثاني …deuxième حيال هذه( الأرضنة المحايثة) اي ارض الهجرة الجديدة تبرز ( الهوية الجذمورية) فثمة تحول هوياتي المتسم ( بالقهر) فهل شبابنا محصنين حيال هذا الوضع الجديد باعتبار ان التجارة في وطنه خاسرة حملته للهجرة فهو الان امام افق( هووي) بل ما بعد هووي المتمثل بسؤال( الاقامة) المنفتح على عالم متجدد موسوم بالانفتاح هذا ( الابتهاج الرغبي) الجديد بشكل سؤالا ملحا هل شبابنا ب قادر على الحوار مع الاخر وما يحمله تجاه الاخر لم تصل اليه مناهجنا في التربية ولا ماتتسم به تربيتنا في وطنهم الام فهو غير مؤهل للقراءة في سفر ( تكوينه الجديد)
يرصد الكاتب المغربي( فتحي المسكيني) الصعوبات وخطوط المغايرة من خلال الاسئلة التالية:
اي تجربة للغيرية يمكن انت تمد شبابنا بالمفهوم المناسب للحداثة الجديدةبأي معنى تكون المغايرة طريقة انتماء ما بعد حينه الان
اية علاقة حيوية بين المغايرة والحرية في افقها الجديد اي ما بعد( هووي)
الأمر الذي يشكل حرجا امام شبابنا المهاجر بعد أن يكتشف جينوم الحياة الجديدة لايملك الشاب الأردني حياله إلا خارطة قديمة . من خلال هذه العجالة التي تطرح في الختم سؤالا اتهاميا هل الهجرة سياحة في الارض لخبيء مكتنزها ام هو تطفيش كي يخلو الجو لأم عامر لتبيض وتصفر وهل هي رغبة أعداء الامة وعدوها المتربص بها كي نتجرد من أسلحتنا وخاصة ان القادم ينذر بشر مستطير والعدو يشحذ سكينه متوعدا ترابنا الوطني؟ وما يوم حليمة بسر وما تصريحات بن غفير إلا نذرا لمن توسدوا بل افترشوا كما يقول المثل المصري( ناموسيتك كحلة) اي سودا ويضرب لمن طال سهاده ثم استيقظ متاخرا وكما يقول المثل المغربي( لا زين لا مجيا بكري) يعني قببح الخلقة وجاء على موعده متاخرا
فمن خلال ما تقدم من طروحة تتسم بجدلية الشباب الاردني وحراكهم فثمة تحولات ( Mutation ).. قيمية بما هو تعبير عن سيرورته الهجرة كي تبلغ عبر هذا التسلسل الزمني الخطي الى لحظة الالتحام بالتغير الجذري انطلاقا من زمنه الجديد فهي ثورة ناعمة لتفعيل صيرورته بما هي تكسير للمسار التسلسلي الخطي وانتقال الى المسار اللاخطي اللولبي بحيث وان بدت عفوية فهي قطيعة مع سياسي متغافل ظن نفسه ذكيا وهو متورط بإثم فصاحته وهي قطيعة تاريخية تعيد تشكيل صيرورته الجديدة بكيفية جذرية سيحول معها دون تدفق الزمن السياسي الخطي الذي اعلن عن استنفاذ مقوماته والشباب على يقين انه بلغ افق انسداده هذه هي التي ستسمح وان بدت للسياسي المتغافل بالتغيير الجوهري في هذا السياق تتجلى( هجرة الشباب الأردني وراهنيته ) مما ينذر من حراك قائم يصدق في فهم سذاجة السياسي وتغافله مثله كمثل من تزوجت وتسمع بما يعتري المرأة حالة الوضع فتقول لأمها ان جاني( الطلق يمة اقعديني) لسذاجتها فردت الام قائلة( يمه إذا جاك الطلق يقعدك ويقعد اللي حواليك) حذار ، حذار من يقظة قد تذهب بالفدان والمنساس واياكم ان يصل الحال بكم بما وصل اليه الفلاح الساذج عندما جاءت عصابة وسرقت الفدان اي الثيران ومن عهرهم ان قضى احدهم حاجته ثم جاء بالمنساس وغمسه ببرازه ولما استيقظ متاخرا وجد ما بقي هو هذا المنساس وقد علاه براز العصابة فقال( لايهمني سرقة الفدان وانما نابني العجب كيف ارتقى احدهم وصعد ومارس قضاء عهره وحاجته ).
– نقول لمن يهمه الأمر وللمنشغلين في حراك الاحزاب والانتخاب انكم ضيعتم الامر من مأتاه..وانكم وللأسف فاتكم بفكركم هذا المتسم بفوات القبض على واقعكم) ايها السادةإذا كانت الرياضيات والفيزياء والجبر يعلمون الطالب الجبر والحتمية وعدم الاجيال من الاختيار فان حالة التهجير والتطفيش ستعلمهم الحرية والاختيار وستعلمه نظريات العقد الاجتماعي بمازيراه عند الاخر الثورة على الحق الإلهي المقدس ومتى يكون التغيير واجبا محتوما ( جاجه عفرت على راسها حفرت) قد يطمئن الغافل لتأجيل المعضلة ولكنه من المحال ان يلغيها ، وهناك قاعدة من سنن الاجتماع لا تتخلف ان من يخذل فكرا وامانة فانها ستنتقم منه اجلا) فلا يغرنك تقلب الذين ظلموا في البلاد انما نؤجلهم ليوم تستيقظ فيه همة الاجيال عندها لاعجب من ان نرى الواحد منكم ثانَ عطفه معرضا موليا لايريد ان يسمع صدق فيكم قوله تعالى( وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا )

الدكتور الهلول كاتب ومفكر اردني