الرئيسية / أخبار / كواليس بناء واشنطن خطاً دفاعياً في وجه الهجوم الإيراني على إسرائيل

كواليس بناء واشنطن خطاً دفاعياً في وجه الهجوم الإيراني على إسرائيل

رغم إطلاق إيران مئات الطائرات بدون طيار والصواريخ باتجاه إسرائيل، ليل السبت – الأحد، إلا أن معظمها تم اعتراضه وإسقاطه قبل وصوله لهدفه، وتقول صحيفة وول ستريت جورنال، اليوم الاثنين، إن خطاً دفاعياً من الرادارات والمقاتلات النفاثة والسفن الحربية وبطاريات الدفاع الجوي من إسرائيل والولايات المتحدة وست دول أخرى في المنطقة عملت على التصدي لهذا الهجوم.

هذا التعاون الذي ظهر بين تلك الدول لإفشال الهجوم الإيراني جاء تتويجاً لهدف أميركي تسعى إليه واشنطن منذ زمن بعيد، وهو إقامة علاقات عسكرية أوثق بين الاحتلال الإسرائيلي وخصوم إيران العرب لمواجهة التهديد المشترك المتزايد منها. وتشير “وول ستريت جورنال” إلى أن واشنطن بذلت جهوداً حثيثة لحماية إسرائيل في الأيام والساعات التي سبقت الهجوم الإيراني، وكان عليها أن تتغلب على العديد من العقبات، بما في ذلك مخاوف دول الخليج العربي من أن يُنظر إليها على أنها تهب لمساعدة الاحتلال في الوقت الذي يشن فيه حرباً على غزة.

ضابط أميركي بغرفة التحكم في إسرائيل

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الكثير من العمل أنجزته منظومة الدفاع الجوي الصاروخية آرو-2 وآرو-3 بعيدة المدى، والتي تم تطويرها بالتعاون مع البنتاغون وشركة بوينغ، بحسب رويترز.

وأشار موشيه باتيل، رئيس منظومة الدفاع الصاروخي في وزارة الأمن الإسرائيلية، إلى أن عمل كل من منظومة آرو ومنظومة الصواريخ الاعتراضية على ارتفاعات منخفضة حدث بالتزامن مع أنظمة أميركية مماثلة في المنطقة. وقال باتيل للقناة 12 الإسرائيلية “الأنظمة تتبادل المعلومات، للحصول على صورة مشتركة للأجواء، كانت الأجواء مزدحمة بالتأكيد”، مشيراً إلى وجود ضابط أميركي للتنسيق مع الأنظمة الأميركية “يجلس ضابط أميركي في غرفة التحكم في منظومة آرو وينسق مع الأنظمة الأميركية جنباً إلى جنب”.

وقال مسؤولون أميركيون للصحيفة إن جزءاً من نجاح القوات الإسرائيلية والأميركية في اعتراض معظم الأهداف الإيرانية جاء بفضل تقديم دول عربية معلومات استخباراتية حول خطط طهران الهجومية وفتح مجالها الجوي أمام الطائرات الحربية، بالإضافة لتبادل معلومات التتبع بالرادار، وفي بعض الحالات قامت قواتها الخاصة بالمساعدة.

وأضاف المسؤولون أن العملية كانت تتويجاً لسنوات من الجهود الأميركية لكسر الحواجز السياسية والفنية التي أحبطت التعاون العسكري بين إسرائيل والحكومات العربية، حيث ركزت الولايات المتحدة على تعاون أقل رسمية في مجال الدفاع الجوي على مستوى المنطقة لإضعاف ترسانة طهران المتنامية من الطائرات بدون طيار والصواريخ.

وتعود الجهود المبذولة لبناء نظام دفاع جوي متكامل للمنطقة إلى عقود مضت، واكتسبت المبادرة زخماً بعد اتفاقيات أبراهام في عام 2020 التي توسطت فيها إدارة دونالد ترامب، والتي نتج عنها إقامة علاقات رسمية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين. وبعد ذلك بعامين، نقلت وزراة الدفاع الأميركية “بنتاغون” إسرائيل من القيادة الأوروبية إلى القيادة المركزية التي تشمل بقية دول الشرق الأوسط، وهي خطوة سمحت بتحقيق تعاون عسكري أكبر مع الحكومات العربية تحت رعاية الولايات المتحدة.

وفي مارس/آذار 2022، عقد الجنرال البحري، فرانك ماكنزي، الذي كان حينها القائد الأعلى للولايات المتحدة في المنطقة، اجتماعاً سرياً لكبار المسؤولين العسكريين من إسرائيل والدول العربية لاستكشاف كيفية التنسيق ضد قدرات إيران الصاروخية والطائرات بدون طيار المتنامية. وكانت المحادثات التي عقدت في شرم الشيخ بمصر هي المرة الأولى التي يجتمع فيها مثل هذا العدد من كبار الضباط الإسرائيليين والعرب تحت رعاية عسكرية أميركية لمناقشة مواجهة إيران.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن “اتفاقيات أبراهام جعلت الشرق الأوسط يبدو مختلفاً لأننا نستطيع الآن أن نفعل أشياء فوق السطح وليس تحته فقط”. ويضيف المسؤول أن الانضمام إلى القيادة المركزية أتاح المزيد من التعاون الفني مع الحكومات العربية “هذا ما سمح بصنع هذا التحالف”.

ضغوط على الحكومات العربية

وقال مسؤولون أميركيون إنه على الرغم من التقدم المحرز، فإن هدف الولايات المتحدة المتمثل في مشاركة إسرائيل والدول العربية بيانات التتبع الخاصة بالتهديدات الإيرانية لم يتحقق بالكامل بسبب المخاوف السياسية. لكن التعاون بين إسرائيل والحكومات العربية في مجال الدفاع الجوي مع الولايات المتحدة كوسيط أصبح شائعاً، حتى مع المملكة العربية السعودية، التي لم تقم بعد علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، كما يقول المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون.

مع ظهور نوايا طهران بالرد على استهداف قنصليتها في دمشق، بدأ كبار المسؤولين الأميركيين في الضغط على الحكومات العربية لتبادل المعلومات الاستخبارية حول خطط إيران لضرب إسرائيل، والمساعدة في اعتراض الطائرات بدون طيار والصواريخ التي يتم إطلاقها من إيران ودول أخرى باتجاه إسرائيل، بحسب ما نقلت “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين سعوديين ومصريين.

وكان الرد الأولي من العديد من الحكومات العربية متوجساً من تورطهم في الصراع ومخاطر المواجهة مع إيران بحال تقديم المساعدة لإسرائيل. وبعد مزيد من المحادثات مع الولايات المتحدة، وافقت الإمارات العربية المتحدة والسعودية بشكل خاص، بحسب “وول ستريت جورنال”، على تبادل المعلومات الاستخبارية، بينما قال الأردن إنه سيسمح باستخدام مجاله الجوي للطائرات الحربية الأميركية وطائرات الدول الأخرى وسيستخدم طائراته الخاصة للمساعدة في اعتراض الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية، بحسب المصدر نفسه.

وقال مسؤولون أميركيون إنه قبل يومين من الهجوم أطلع المسؤولون الإيرانيون نظراءهم في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي الأخرى على الخطوط العريضة، وتوقيت خطتهم لتوجيه ضربات واسعة النطاق على إسرائيل حتى تتمكن تلك الدول من حماية المجال الجوي، وتم نقل المعلومات إلى الولايات المتحدة، مما أعطى واشنطن وإسرائيل تحذيراً مسبقاً حاسماً.

ومع التيقن بشكل شبه مؤكد من وقوع هجوم إيراني، أمر البيت الأبيض البنتاغون بإعادة نشر الطائرات وموارد الدفاع الصاروخي في المنطقة، وأخذ زمام المبادرة في تنسيق الإجراءات الدفاعية بين إسرائيل والحكومات العربية، وفقاً للمسؤول الإسرائيلي الكبير الذي أضاف أن “التحدي كان يتمثل في جمع كل تلك الدول حول إسرائيل”.

تم تعقب الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية منذ لحظة إطلاقها بواسطة رادارات الإنذار المبكر في دول الخليج العربي المرتبطة بمركز العمليات الأميركية، والتي نقلت المعلومات إلى الطائرات المقاتلة من عدة دول في المجال الجوي. وقال مسؤولون إن الأمر يتعلق بالسفن الحربية في البحر وبطاريات الدفاع الصاروخي في إسرائيل.

وأسقطت الطائرات الأميركية أكثر من 70 طائرة بدون طيار، واعترضت مدمرتان أميركيتان مزودتان بصواريخ موجهة في شرق البحر الأبيض المتوسط ما يصل إلى ستة صواريخ، وقال مسؤول أميركي إنه تم اسقاط صاروخ باليستي إيراني كان في طريقه إلى إسرائيل باستخدام منظومة باتريوت بالقرب من أربيل بالعراق.

وقال مسؤول إسرائيلي مشارك في جهود التعاون الأمني الإقليمي إنه على الرغم من أنه كان هناك تبادل متكرر للمعلومات الاستخباراتية حول تهديدات الدفاع الجوي في الماضي، فإنه بمواجهة الهجوم الإيراني “كان المرة الأولى التي نرى فيها التحالف يعمل بكامل طاقته”.