الرئيسية / أخبار / لماذا يصر بايدن على نفي ارتباط اضطرابات الشرق الأوسط بحرب غزة؟

لماذا يصر بايدن على نفي ارتباط اضطرابات الشرق الأوسط بحرب غزة؟

بقدر ما قد ترغب الإدارة الأمريكية في إبقاء الصراع محصوراً في غزة بين إسرائيل والمقاومة وعلى رأسها “حماس”، فإن الحقيقة هي أنه امتد إلى عدة بلدان أخرى، وغذت عدم الاستقرار والعنف في المنطقة.

هكذا يتحدث الكاتب دانيال لاريسون، في مقال نُشر على موقع “ريسبونسبل ستيتكرافت“، وترجمه “الخليج الجديد”، مستنكرا إنكار إدارة الرئيس جو بايدن، أي صلة بين الحرب في غزة والصراعات المستمرة التي تشارك فيها القوات الأمريكية في العراق وسوريا واليمن.

ويقول إنه لأمر ضار للشعب الأمريكي والعسكريين الأمريكيين أن نتظاهر بأن الدعم الأمريكي للحرب في غزة لم يكن له بالفعل عواقب سلبية خطيرة على الاستقرار الإقليمي وعلى القوات الأمريكية في المنطقة، في حين أنه كان له بالفعل عواقب سلبية خطيرة.

ويلفت إلى الهجوم على القاعدة العسكرية “البرج 22” على الحدود السورية الأردنية، الأحد الماضي، ما أوقع 3 جنود أمريكيين قتلى، فضلا عن إصابة 40 آخرين، وهو الحادث الأول الذي يقع فيه قتلى، بعد نحو 150 هجوما على القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا والعراق، منذ اندلاع حرب غزة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وعندما سُئل عن هذا “نفس الصراع الأكبر” في مؤتمر صحفي الأربعاء، نفى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، أي صلة بين غزة والقتال الأمريكي مع الحوثيين أو الضربات المتبادلة بين الميليشيات المحلية وقوات الولايات المتحدة.

وقال كيربي: “أنا لا أتفق مطلقًا مع وصفك بالصراع الأكبر.. هناك صراع يدور بين إسرائيل وحماس.. وسنتأكد من أننا نواصل تزويد إسرائيل بالدعم الذي تحتاجه للدفاع عن نفسها ضد هذا التهديد الذي لا يزال قائما”.

وأضاف: “كانت هناك هجمات على قواتنا ومنشآتنا في العراق وسوريا قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، أما بالنسبة للحوثيين، فيمكنهم الادعاء بأن كل ما يريدونه مرتبط بغزة، لكن ثلثي السفن التي يضربونها ليس لها أي صلة بإسرائيل على الإطلاق.. لذلك هذا ليس صحيحا، إنه كذب”.

ويعلق لاريسون على إجابة كيربي بالقول إنها “مضللة وكاذبة”.

ويلفت إلى أن الجماعة المظلة في العراق التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم في الأردن (المقاومة الإسلامية في العراق)، صراحة أن هجومها كان مرتبطا بالحرب في غزة.

وأكدت قيادة الحوثيين أن هجماتها ستستمر طالما استمرت الحرب.

ويضيف: “قد يكون قرار الجهات الفاعلة الأخرى بالقفز على عربة قضية ما، أمرًا ساخرًا أو لا، ولكن لا يمكن إنكار أنهم قفزوا إلى العربة”.

ويتابع الكاتب: “إن رفض مواجهة حقيقة الارتباط بين هذه الصراعات، يضمن أن الولايات المتحدة سوف تلاحق سياسات غير فعّالة وهدّامة من خلال تجاهل حقيقة مفادها أن المفتاح إلى نزع فتيل التوترات الإقليمية يتلخص في إنهاء الحرب في غزة في أسرع وقت ممكن”.

ويزيد: “لم يذكر كيربي أن هجمات الميليشيات على القوات الأمريكية في العراق وسوريا توقفت لعدة أشهر قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، بسبب التفاهم الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وإيران، فيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى”.

ويستطرد: “لم تستأنف تلك الهجمات إلا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، قبل أن ترتفع إلى مستويات قياسية”.

ويشير لاريسون: “لدى الميليشيات المحلية أسباب إضافية خاصة بها لاستهداف القوات الأمريكية قبل الحرب، لكن لا توجد طريقة لفهم شدة الهجمات في الأشهر الأخيرة أو توقفها أثناء توقف القتال في غزة العام الماضي، دون الاعتراف بارتباطها ببعضها البعض”.

الأمر نفسه ينطبق على هجمات الحوثيين، وفق المقال، فلم يشن الجماعة اليمنية حملة ضد الشحن التجاري خلال حربهم مع التحالف السعودي، لذا فإن هذا ليس بالأمر الذي فعلوه عادة منذ الاستيلاء على السلطة في عام 2014.

وكانت هجمات الحوثيين الأولى بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، موجهة إلى إسرائيل نفسها، قبل أن تحول تكتيكاتها إلى استهداف السفن التجارية، لكن كان من الواضح أنهم كانوا يفعلون ذلك رداً على الحرب.

ويلفت لاريسون إلى أنه “لا شك أن الحوثيين يتصرفون بشكل انتهازي ويشنون هذه الهجمات جزئيًا لتعزيز حظوظهم السياسية في اليمن، لكن هذا لا يغير حقيقة أن هذه الهجمات تحدث الآن بسبب الحرب في غزة”.

ويتابع: “إذا كان هذا صحيحًا، فمن المعقول أيضًا استنتاج أن الهجمات ضد السفن يمكن أن تنتهي بوقف إطلاق النار هناك أيضًا”.

ويزيد: “لدى إدارة بايدن حوافز سياسية قوية لإنكار الروابط بين هذه الصراعات المختلفة، وإذا اعترفوا بوجود صلة، فإن ذلك يجعل من الصعب عليهم تبرير دعمهم غير المشروط للحرب الإسرائيلية بسبب التكاليف الأكبر المترتبة على ذلك، كما أنه يقوض حجتهم للقيام بعمل عسكري في اليمن ضد الحوثيين”.

ويحتاج البيت الأبيض إلى أن يعتقد الأمريكيون أن تكاليف الدعم المستمر للحرب أقل مما هي عليه الآن، ويحتاجون أيضاً إلى أن يقتنع الأمريكيون بأن الضربات على اليمن لا تتعلق بمعارضتهم العنيدة لوقف إطلاق النار في غزة، وفق لاريسون.

ويضيف: “الآن بعد أن سقط قتلى أمريكيون جراء هجوم شنته ميليشيات عراقية، تريد الإدارة تجزئة كل صراع حتى لا يستنتج الشعب الأمريكي أن جنودهم يقتلون بسبب حرب خارجية، اختار الرئيس دعمها دون شروط”.

ويلفت الكاتب إلى إصرار الإدارة الأمريكية على أنها تريد منع نشوب حرب إقليمية، لكن ذلك لن ينجح إذا فشلت في إدراك العلاقات بين الحملة الإسرائيلية وما يحدث في أماكن أخرى في الشرق الأوسط.

ويتابع: “لقد أدى إنكار الارتباط مع غزة في اليمن بالفعل إلى خطأ التصعيد ضد الحوثيين، ولم يفعل ذلك أي شيء لجعل الشحن التجاري أكثر أمانًا، لكنه دفع الولايات المتحدة إلى معركة أخرى مفتوحة غير ضرورية”.

ويزيد: “كما ارتكب بايدن خطأ مماثل بقصف سوريا والعراق، رداً على هجوم الطائرات بدون طيار في الأردن”.

ويخلص المقال إلى أنه “يمكن للولايات المتحدة أن تختار توريط نفسها بشكل أعمق في صراعات الشرق الأوسط كما تفعل الآن، أو يمكنها أن تدرك عبث وحماقة السير على نفس الطريق المسدود الذي سلكته من قبل”.

ويزيد: “إذا أرادت واشنطن تجنب التورط في صراعات جديدة، فعليها أن ترفض طريق التصعيد، وعليها أن تتوقف عن تأجيج الحرب في غزة التي تعد أحد المحركات الرئيسية لعدم الاستقرار الإقليمي”.

ويقول لاريسون، إنه على المدى الطويل، “تحتاج الولايات المتحدة إلى تقليل وجودها العسكري في المنطقة لتجعل من الصعب على الجهات الفاعلة الأخرى ضرب القوات الأمريكية، كما تحتاج إلى إعادة تقييم علاقاتها مع عملائها وتقليصها بشكل كبير”.

ويختتم المقال بالقول: “يستحق الجمهور محاسبة صادقة عما تفعله حكومتنا في الشرق الأوسط، وفي الوقت الحالي لا يقدم البيت الأبيض أي شيء قريب من ذلك، وإذا لم يغير بايدن مساره، فإن أقل ما يمكنه فعله هو أن يصارح الشعب الأمريكي بالتكاليف الكاملة للاستمرار في المسار الخطير الذي اختاره”.