الرئيسية / أخبار / استطلاع هاجس في حوارية: في حضرة طفلين غزيين تحت خيمة زرقاء

استطلاع هاجس في حوارية: في حضرة طفلين غزيين تحت خيمة زرقاء

الدكتور المهندس صقر قريش بسام الهلول

 

تعليق الدكتور بسام الهلول 

( أناملي مخدرة و بالكاد اشعر بأطرافي، اخي مد يديك و عانقني عساي أبوء بجذوة من الدفىء، أتعبني هذا البرد اللعين و دموع السماء التي لم تجف مذ يوم الأمس، هأنذا أميل بجنبي تجاهك لكن لا استطيع الاقتراب اكثر ففراش الطين هذا يمتصني كثعبان أمازوني ضخم، و الريح يا ابن ام تلعب بهذه الخيمة الزرقاء فوق روؤسنا فتارة تقرضها ذات اليمين و تارة ذات الشمال… ايا ترى هل ستعود امي الليلة بذات خبز البارحة؟ سمعت ابن الجيران يقول انه دقيق أعلاف الأغنام … هممم… لا يهم، افضل ذلك على ان ابيت خاوي البطن، رحم الله أبانا، أتذكر سباقي و اياك لإستقباله حين عودته عند المساء، كان دائما يشتري لك قالبا من الشوكولا و يخصني برقائق البطاطس، والله اني لأجد ريحه الآن، هممم، رحلوا جميعا ابي و أعمامي و بضعة من الاخوال، بقي لنا خالة واحدة هناك على أطراف المخيم، هل تعتقد انها تفترش الطين مثلنا؟ احسب جانبهم يحصل على خدمات افضل منا قليلا، فخيامهم خضراء و الريح تقرضها ذات الشمال فقط! ما بال أنفاسك يا اخي تتباطىء، هل غلبك البرد؟ اقترب مني…. ارجوك لا تغادر انت ايضا، اصبر فانما النصر صبر ساعة … ان رحلت فماذا يبقى لي غير استذكار ريحك كلما قضمت قالبا من الشوكولا؟ سمعت الرجال اليوم يقولون ان العرب اجتمعوا و سيكون هناك حل في الايام المقبلة، فاستبشرت، إلا ان سيدة كبيرة في السن قاطعتهم و قالت انفخ يا شريم ما فيه براطم، لم افهم و لكن على ما يبدوا ان الريح ستقرض خيامنا إلى اجل لا يعلمه إلا الله…. )انتهى المشهد……
….عم( واعذرني هنا ان تسامت( النون)..من هول المشهد لتنقلب الى( عم) يتساءلون وقد اهتجس في الذهن هول ( خيمة زرقاء لطفلين غزيين ) وماتثيره هذه ( الحوارية) من اشكال وتساؤلات وقد تلطخ صمتنا بالصمت والعار والجمود والسكون ونحن ولا زلنا نتدثر بالقمامات الشوامخ.
لعمري ؛ ان هذه الحوارية ذات الحمولة الايحائية التي استثمرها( صقر قريش) والذي منح قيما احتجاجية وجمالية على اسس من مقصديته مقصدية المنتج بحيث أورثت ميثاقا متراضٍ عنه مكتنزة اهتجاسها إحالات وتورية
ان المتلقي ل( الغابر الظاهر) يدرك بسهولة احيانا وبصعوبة احيانا اخرى
بحيث اصل مع هذا النص( الثقافة العالمة) من خلال التشبيك بين واقع الخيمة الغزية والاسئلة الاحتجاجية التي تحاول ( الحوارية) نسجها وتتويجها( انفخ ياشريم ما في براطم) انه تتويج بحكمة الجدات استطاعت القصة هاته توظيفها من خلال مقاطع ( المثل الشعبي) الذي وجد فيه صاحبها مستخلص هذا الفضاء فضاء غزة وصبيتها وأشجار غابتها العريانة وأحجارها السهرانة من ممض الوجع والخوف ويقظة يومها
لماذا يخرج اطفال غزة في الليل!!!؟
إخ على أطفالها الشجعان.
بلعتهم موجة الماء وغار بهم سكان الغدران وصمت مدائنهم وأقدامهم العارية الحافية مما بها من وخز الجيران العبدان ..مما بهم من شوك الاسم وشوك السر وشوك الظن
وكأنك بهم ..نشيجا
يااحجار الغابة الحبلى
بأحجار الغابة الثكلى
ويأبون بطاحها المظلوم
اين الدم؟ لقد امتصت القصة واقعها مما نلحظه من ( تكثيف) ومما زخرت به من ( طحين الأعلاف) خبزنا الليلة. لعلها ( تصبيرا) ذلك ان الصباح من الغد ( العرب سيجتمعون) انها المكون التركيبي العميق وما يقوم عليه( الفعل العربي) ثمة مايلوح في الافق ، انها نظرة الصبيانوما هم عليه من غلالة الصدق والشفافية. ولكن الجواب ياتي سريعا على لسان ( الخبرة) ومعامل الايام( انفخ ياشريم ما في براطم) نعم انه ( المكون التداولي) للزمن السياسي العربي فهو الذي عرف شوك السر وشوك الظن..
( وكانوا إذا لقوا بعضهم قالوا نحن اخوة…واذا. خلوا إلى شياطينهم قالوا انا معكم…انما نحن مستهزئون
ولعل مستخلص القصة ( ياايتها الأشجار والأحجار والابوام:الموت هنا في غزة حارة. رغم مايلوح في البعيد ان ( سكان الأضرحة اصحاب القبب الخضراء سيجتمعون الليلة في قمة ذاك الجبل وسيتداركوا امر غزة والزمن العربي الفاسد والحبل الماسخ ..لن تقبل لكم والله شفاعة رغم صلاتكم الفجر جماعة