بسرعة، تحولت الهجمات الصاروخية المتبادلة مؤخرا بين إيران وباكستان من عدوان متزايد إلى تهدئة منسقة؛ مما أثار تساؤلات بشأن الدوافع الكامنة والتداعيات المستقبلية، وفقا لضياء الرحمن في تقرير بموقع “ميدل إيست آي” البريطاني (MEE) ترجمه “الخليج الجديد“.
ولفت ضياء الرحمن إلى أنه في 16 يناير/ كانون الثاني الجاري، شنت إيران هجوما صاروخيا على بلدة بانججور الحدودية في محافظة بلوشستان الباكستانية، مستهدفة مواقع مزعومة لـ”جيش العدل”، وهي جماعة سنية إيرانية متهمة بتنفيذ هجمات على قوات الأمن الإيرانية في محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية”.
وأضاف أن “هذا الهجوم دفع باكستان إلى استدعاء سفيرها من طهران والانتقام خلال 48 ساعة، إذ ضربت في إيران مخابئ جماعات انفصالية باكستانية مزعومة، مثل جبهة تحرير بلوشستان وجيش تحرير بلوشستان”.
وتابع أن “الجماعتين متهمتان باستهداف قوات الأمن الباكستانية، ومشاريع مبادرة الحزام والطريق الصينية في باكستان، وفي منطقة سارافان الحدودية الإيرانية بمحافظة سيستان وبلوشستان”.
استعراض للقوة
ويعتقد خبراء أن الهجوم الإيراني “كان مدفوعا في المقام الأول بالقلق الداخلي”، بعد أسابيع من تفجير وقع في مدينة كرمان، يوم 3 يناير الجاري، عند نصب تذكاري للقائد السابق لفيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بالتزامن مع الذكرى الرابعة لمقتله في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار في بغداد.
وأعلنت “ولاية خراسان”، الفرع الإقليمي لـ”تنظيم الدولة” في أفغانستان وباكستان، مسؤوليتها عن التفجير الذي أودى بحياة أكثر من 100 شخص.
وقال الخبير افتخار فردوس: “في أعقاب هذا التفجير، ووسط ضغوط من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة (على جماعة الحوثي الموالية لطهران) في اليمن، تشكل الضربات الإيرانية الأخيرة في سوريا والعراق وباكستان استعراضا للقوة”.
وتابع فردوس، وهو مدير “يوميات خراسان”، وهي منصة بحثية مقرها إسلام آباد، أن “ضربة إيران الجوية تبدو بمثابة خطوة سريعة لتهدئة شعبها من خلال استعراض قوتها العسكرية”.
ومما زاد من التعقيد أن الهجوم الإيراني جاء بعد ساعات من لقاء رئيس الوزراء الباكستاني المؤقت أنور الحق كاكار مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان على هامش المنتدى الاقتصادي للعالم في دافوس بسويسرا.
مواجهات طائفية
وبينما تعمل طهران وإسلام آباد على تطبيع العلاقات عبر عبد اللهيان، المقرر أن يزور إسلام آباد في 29 يناير الجاري، يشعر خبراء بالقلق من “احتمال استغلال الجماعات الطائفية كأداة ضغط”.
وقال ضياء الرحمن إن “محاولة إيران لتصدير ثورتها الشيعية إلى باكستان، ذات الأغلبية السنية، خلال الثمانينيات قوبلت بمقاومة من نظام ضياء الحق العسكري آنذاك”.
ولفت إلى أنه “خلال التسعينيات، اشتبكت الجماعات المسلحة السنية الممولة من السعودية مع الجماعات المسلحة الشيعية الممولة من إيران في باكستان؛ مما أدى إلى فترة من الطائفية العنيفة. وحتى اليوم، لا تزال عمليات القتل على أساس طائفي مستمرة”.
وبحسب رئيس المجلس الديني الدولي للشؤون الدينية، ومقره إسلام آباد، محمد إسرار مدني، فإن “التقارب الأخير، الذي توسطت فيه الصين (في مارس/ آذار 2023)، بين السعودية وإيران (استئلاف العلاقات الدبلوماسية)، ساعد في تقليل التوترات الطائفية في باكستان”.
واستدرك مدني: “لكن أحداث مثل الضربات الجوية التي تشنها إيران يمكن أن تؤدي إلى تفاقم عدم الثقة والعداء القائم بين الطائفتين، مما يخلق بيئة مواتية للعنف”.