أظهر استطلاع رأي أجراه “المركز العربي” للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، اهتماما عربيا واسعا بالحرب الحالية في قطاع غزة وتأييدا جارفا للمقاومة الفلسطينية وعملية “طوفان الأقصى” التي بدأتها حركة “حماس” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وارتفاعا في رفض السعوديين للتطبيع مع إسرائيل من 38% في 2022 إلى 68%% الآن.
وتم تنفيذ الاستطلاع على عينة من 8 آلاف مستجيب ومستجيبة من مجتمعات 16 دولة عربية، ويعتبر هذا الاستطلاع الأول من نوعه الذي يقف على آراء مواطني المنطقة العربية ومواقفهم تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة، وفقا لما أعلنه الباحث في المركز د. أحمد حسين، في مؤتمر صحفي، الأربعاء بالعاصمة القطرية.
وتضمن الاستطلاع مجموعة من الأسئلة تتناول موضوعات مهمة مرتبطة بهذه الحرب، من حيث: مدى متابعة المواطنين العرب لمجريات الحرب، وآرائهم تجاه العملية العسكرية التي نفذتها حركة “حماس” في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وحول العوامل الرئيسة التي تدفع إسرائيل إلى الاستمرار في الحرب.
وكان لافتا في الاستطلاع أن نسبة الذين يعارضون الاعتراف بإسرائيل في الرأي العام السعودي ارتفعت، من 38% في 2022 إلى 68%، وكذلك الأمر في السودان من 72% في 2022 إلى 81%، وفي المغرب من 67% إلى 78%، وهذا ارتفاع جوهري من الناحية الإحصائية.
ضغوط نفسية
وأظهرت نتائج الاستطلاع أن المواطنين العرب يتعاملون مع هذه الحرب على أنها تمسهم مباشر، إذ عبر 97% من المستجيبين عن شعورهم بضغط نفسي (بدرجات متفاوتة) نتيجة للحرب على غزة، بل إن 85% قالوا إنهم يشعرون بضغط نفسي كبير.
وأفاد نحو 80% من المستجيبين أنهم يداومون على متابعة أخبار الحرب، مقابل 7% قالوا إنهم لا يتابعونها.
وتتوزع مصادر المتابعة على قنوات التلفزيون بنسبة 54%، وشبكة الإنترنت بنسبة 43%.
مبررات هجوم “حماس”
وأبرزت النتائج أن الرأي العام العربي غير مقتنع بأن العملية العسكرية التي نفذتها “حماس” في 7 أكتوبر كانت تحقيقا لأجندة خارجية؛ إذ اعتبر 35% من المستجيبين أن السبب الأهم للعملية هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، في حين عزاها 24% إلى الدفاع عن المسجد الأقصى ضد استهدافه، ورأى 8% أنها نتيجة لاستمرار حصار قطاع غزة.
وهنالك إجماع عربي على التضامن مع الشعب الفلسطيني، حيث توافَق على ذلك 92% من المستجيبين؛ حيث عبّر 69% منهم عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في غزة وحركة “حماس”، في حين أفاد 23% أنهم متضامنون مع الشعب الفلسطيني وإن اختلفوا مع “حماس”، وقال 1% فقط إنهم غير متضامنين.
“حماس” ليست “داعش”
وفي إطار ما تداوله الساسة الإسرائيليون وبعض المسؤولين الأمريكيين حول تشبيه حركة “حماس” بتنظيم “داعش”، يعتقد ثلثا الرأي العام العربي أنها تختلف عنه كليًا.
وعلى مستوى تقييم الرأي العام العربي لسياسات القوى الإقليمية والدولية تجاه الحرب على غزة، عكست النتائج أنّ الرأي العام العربي يعارض سياسة الولايات المتحدة تجاه الحرب على غزة، وقيّم 94% من المستجيبين موقفها بـ”سيئ” و”سيئ جدا”، وقال 82% إنه سيئ جدًا.
وفي السياق نفسه، توافق 79% و78% و75% على أن مواقف كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا على التوالي سلبية.
في حين انقسم الرأي العام العربي بخصوص مواقف إيران وتركيا وروسيا والصين؛ بين من رآها إيجابية (48%، 47%، 41%، 40%، على التوالي)، ومن عدَّها سلبية (37%، 40%، 42%، 38% على التوالي).
زيادة النظرة السلبية للولايات المتحدة
وفي السياق نفسه، أفاد 77% أن نظرتهم إلى الولايات المتحدة أصبحت أكثر سلبية بناءً على مواقفها من الحرب، وتعكس النتائج أنها فقدت صدقيتها لدى الرأي العام العربي، واعتبر 81% من المستجيبين أنها غير جادة في العمل على إقامة دولة فلسطينية في الأراضي المحتلّة منذ عام 1967 (الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس).
وتَوافق نحو 77% من الرأي العام العربي على أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما الأكثر تهديدا لأمن المنطقة واستقرارها، ورأى 51% أن الولايات المتحدة الأكثر تهديدا، ورأى 26% أن إسرائيل تشكل التهديد الأكبر.
أما عن تغطية الإعلام الأمريكي لمجريات الحرب، فقد أفاد 82% من المستجيبين أنه منحاز إلى إسرائيل، في حين عدّه 7% فقط محايدا.
مركزية القضية الفلسطينية للعرب
وأجمعَ الشارع العربي على اعتبار أن القضية الفلسطينية “قضية جميع العرب وليست قضية الفلسطينيين وحدهم” بنسبة 92%.
ومن الجدير بالذكر أن هذه النسبة غير مسبوقة عند مقارنتها بنتائج سنوات سابقة، فقد ارتفعت من 76% في نهاية عام 2022 إلى 92% في هذا الاستطلاع.
وارتفعت النسبة بشكل ملحوظ في بعض الدول؛ ففي المغرب ارتفعت من 59% في عام 2022 إلى 95%، وفي مصر من 75% إلى 94%، وفي السعودية من 69% إلى 95%، على نحوٍ يعكس ارتفاعا جوهريا من الناحية الإحصائية وتحولا جوهريا في آراء مواطني هذه البلدان.
ويرفض 89% من المستجيبين العرب أن تعترف بلدانهم بإسرائيل، مقابل 4% فقط يوافقون على ذلك. وقد ارتفعت نسبة الذين يرفضون الاعتراف من 84% في استطلاع 2022 إلى 89% في هذا الاستطلاع.
جهود الحكومات
أما على صعيد ما يمكن أن تقوم به الحكومات العربية لإيقاف الحرب، فيعتقد 36% من مواطني المنطقة العربية أن الإجراء الأهم يتمثل في قطع هذه الحكومات علاقاتها مع إسرائيل أو إلغاء عمليات التطبيع معها، في حين رأى 14% من المستجيبين أنه يتمثل في إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من دون موافقة إسرائيل، وحبّذ 11% استخدام سلاح النفط من أجل الضغط على إسرائيل ومؤيديها. وقال 9% بضرورة إنشاء تحالف عالمي لمقاطعة إسرائيل.