مقدما، يجاهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب (2017-2021) بخططه، وإذا تم انتخابه لفترة رئاسية ثانية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، فسيدعي أن لديه تفويضا لتجميع السلطة وممارسة الانتقام وتدمير “الدولة العميقة المفترضة”، وفقا لجان فيرنر مولر في مقال بصحيفة “ذا جارديان” البريطانية (The Guardian).
مولر قال، في المقال الذي ترجمه “الخليج الجديد“، إن “أفضل مؤشر للسلوك المستقبلي هو السلوك الماضي. يبدو أن الكثير من المراقبين يعتقدون أن هذا هو كل ما يحتاج المرء إلى معرفته عندما يرى ترشيح الحزب الجمهوري الذي لا مفر منه لترامب من أجل ولاية ثانية محتملة”.
وتابع أن هؤلاء المراقبين “يفترضون أنه بما أنها (الولاية الأولى) لم تكن فاشية، فلا يمكن أن تكون فاشية في المرة الثانية، ومن المتوقع مرة أخرى أن يكون ترامب هو المهرج المتلعثم الصاخب”.
لكن هذه “النظرة المتساهلة”، بحسب مولر، “تتجاهل أنه مع رواد الاستبداد اليوم، فإن الأمور تميل إلى أن تصبح سيئة للغاية فقط عندما يصلون إلى مناصبهم للمرة الثانية”.
واعتبر أن “الفرق هو أن شخصيات مثل رئيس الوزراء المجري اليميني المتطرف فيكتور أوربان أو الرجل البولندي القوي ياروسلاف كاتشينسكي، أخفوا خططهم الاستبدادية بعناية، بينما يذيع ترامب كل شيء مقدما، وإذا انتُخب، فسيزعم أنه يتمتع بتفويض للانتقام واحتلال البيت الأبيض إلى الأبد”.
مؤسسات الدولة
“أحد أكبر الأوهام في التسعينيات هي فكرة أن الديمقراطيات ترتكب الأخطاء، بينما قادتها قادرون بشكل فريد على تصحيح الأخطاء والتعلم منها”، كما تابع مولر.
وزاد بأن “المستبدين، تماما مثل ترامب، اعتبروا أنه من الظلم للغاية أن يعانوا من الهزيمة الانتخابية (والتي تعزى إلى أعداء مختلفين من القضاة إلى وسائل الإعلام المعادية)”.
وتابع أن “هؤلاء عندما عادوا إلى السلطة، تعلموا شيئا واحدا، وهو عدم إهدار رأس المال السياسي على حروب ثقافية، بل الاستيلاء على مؤسسات الدولة، وفي الحالة المثالية في اليوم الأول. وبمجرد السيطرة على القضاة، يمكنك ملاحقة الصحفيين والمعلمين والأكاديميين”.
ومضى قائلا إن “المحيطين بترامب لن يسمحوا، في عام 2025 (التنصيب الرئاسي في يناير/ كانون الثاني من ذلك العام)، لـ”الدولة العميقة” بإحباط الزعيم (ترامب) مرة أخرى. وكما قال محللون أذكياء، يوجد مخطط تفصيلي لاستبدال ربما ما يصل إلى 50 ألف موظف حكومي بأصدقاء سياسيين، ووضع وزارة العدل تحت السيطرة السياسية”.
واستطرد: “عندما يستولي الشعبويون على الدولة، فإنهم يزعمون أن الشعب نفسه هو مَن يحق له الاستيلاء على ما هو ملك له. ولنتذكر خطاب تنصيب ترامب، عندما ادعى أننا “ننقل السلطة من واشنطن ونعيدها إليكم، أيها الشعب”. ولم يستردها الشعب أبدا، بالطبع، بسبب “الدولة العميقة” المفترضة”.
تدمير أمريكا
وخلال خطاب في يوم المحاربين القدامى، وعد ترامب بـ”استئصال الشيوعيين والماركسيين والفاشيين واليسار الراديكالي.. البلطجية الذين يعيشون كالحشرات داخل حدود بلدنا، يكذبون ويسرقون ويغشون الانتخابات، وسيفعلون كل ما هو ممكن، سواء بشكل قانوني أو غير قانوني، لتدمير أمريكا والحلم الأمريكي”، كما لفت مولر.
ومقارناً بين ترامب ومستبدين آخرين، قال مولر: “ربما كان المستبدون الطموحون الآخرون أيضا يغلون بالاستياء، لكنهم أخفوا نواياهم بينما كانوا يمهدون الطريق للعودة إلى مناصبهم”.
واستدرك: لكن “ترامب لا يخفي أي شيء، وهدد قائلا: “إما أن تدمر الدولة العميقة أمريكا أو ندمر نحن الدولة العميقة”.. وهو يقصد القضاة والصحفيين وكل مَن لم ينفذ أوامره لسرقة انتخابات 2020″، في إشارة إلى خسارته أمام الرئيس الحالي جو بايدن (ديمقراطي) الذي من المتوقع أن يواجهه في الانتخابات المقبلة.
و”إذا فاز ترامب، فسيدعي أن “الشعب”، لأن ناخبيه فقط هم “الشعب الحقيقي”، اختار بشكل ديمقراطي الانتقام والدمار”، كما ختم مولر محذرا.