الرئيسية / أخبار / تناغم إستراتيجية العنف في المنطقة

تناغم إستراتيجية العنف في المنطقة

الحكومات العراقية المتعاقبة مازالت تحارب إقليم كردستان وشعبه منذ تشكيل الدولة الشيعية التي تديرها الأحزاب والفصائل الموالية لإيران بكل الوسائل الشيطانية، لا يهدأ لها بال ولا يقر لها قرار حتى تقضي على كيانه شبه المستقل وتعيده إلى سابق عهده؛ محافظات خاضعة للحكومة المركزية تحكم بالحديد والنار!

لا يمر يوم دون أن تثير أزمة جديدة ضد هذا الإقليم الدستوري المتطور الأكثر تمدنا وتحضرا من باقي المدن العراقية التي تغوص في ظل حكم طائفي غاشم وفي بحر من الفساد العميق والجهالة “الدینیة” المبتكرة ونشر ثقافة الخرافة والإحباط والجمود الفكري وإعادة المجتمع إلى القرون الوسطى.

وكأن تلك الحكومات جاءت لمهمة واحدة وهي؛ تدمير العراق وتحويله إلى دولة فاشلة، وقد نجحت خلال العشرين عاما من حكمها في هذه المهمة، ولم يبق أمامها غير إقليم كردستان لوقف عجلة التقدم وتطوره العمراني والخدمي فيه، وإلحاقه بالعراق المتخلف. حاربته بكل الوسائل وسخرت كل شيء من أجل الوصول إلى هذا الهدف “الإستراتيجي”! ووظفت كل إمكانياتها المالية والسياسية وعلاقاتها الدبلوماسية والدولية وجندت كافة مؤسسات الدولة والبرلمان والمحاكم، وحشدت عملاء الكرد داخل وخارج الإقليم من أجل تأليب الرأي العام الكردي على السلطة الكردية تمهيدا لإسقاطها، ومن ثم القضاء على كيان الإقليم وإنهاء دوره إلى الأبد.

ولم تكتف تلك الحكومات الطائفية بالتصدي لعجلة التقدم والتطور في الإقليم ومحاولة تحجيم دوره المتنامي في المنطقة، بل عقدت تحالفا شيطانيا مع بقايا أيتام البعث الشوفينيين، لبث الفرقة والتناحر بين المكونات العراقية في المناطق المتنازع عليها، وخاصة في كركوك وديالى، وكذلك لتأليب الرأي العام العراقي والعربي ضده من خلال نشر إشاعة مغرضة مفادها أن الإقليم هو إسرائيل ثانية في المنطقة، وبؤرة سرطانية صهيونية – استعمارية يجب اجتثاثها!

وإزاء صمت أميركا والمجتمع الدولي عن تلك المحاولات العدوانية المستمرة ضد سلطة الإقليم التي سعت للخروج من هذا المأزق بأي وسيلة وأي ثمن لم تجد غير الرجوع إلى الشعب الكردي لاتخاذ قراره الحاسم حول تحديد نوع العلاقة (المتدهورة أصلا) مع بغداد، وتقرير مصيره بنفسه عبر إجراء استفتاء جماهيري على الاستقلال عام 2017. ولكن “كالمستجير من الرمضاء بالنار!” فلم يزده هذا الاختيار الديمقراطي المتحضر إلا وبالا وخسارة لجزء كبير من خارطته الجغرافية.

وأمام أعين العالم الغربي الديمقراطي وسمعه، اقتحمت قوات الجيش وميليشيات الحشد الشعبي مدينة كركوك “المتنازع عليها” واحتلتها بقوة السلاح ضاربة عرض الحائط  بالدستور الذي يرفض اللجوء إلى قوات الجيش لفض الخلافات السياسية بين الفرقاء العراقيين.

لم تحرك الدول الغربية ساكنة ولم يبدر عنها أي موقف رافض للعملية العسكرية، الأمر الذي يؤكد تماما أن تلك الدول أعطت الضوء الأخضر للقوات العراقية، وحثتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة على اجتياح المدينة، واستعمال القوة ضد القوات الكردية المتواجدة فيها. ويؤكد أيضا أن إستراتيجية ومصالح هذه الدول في العراق والمنطقة تقضي بسيطرة القوات العراقية وبسط نفوذها على كامل الأراضي العراقية ومن ضمنها إقليم كردستان!

وقد يقف الغرب يوما ما ــ عاجلا أم آجلا ــ  نفس موقفه المتفرج السابق ويعيد نفس سيناريو كركوك، ولكن مع مدينة “أربيل” عاصمة الإقليم، التي تخضع منذ عشر سنوات لأبشع أنواع العقوبات الجائرة من قبل بغداد من حصار وتجويع وترهيب وقطع الميزانية وتصدير النفط.

كل شيء جائز وكل الاحتمالات واردة وفق سياسة المصالح الغربية في منطقة لا شيء فيها يردع الطائفيين عن تحقيق أهدافهم مادامت الإستراتيجية الغربية ومصالحها تتناغم مع إستراتيجيتهم التوسعية ومصالحهم الاستعمارية.