الرئيسية / أخبار / هل يستطيع الجنرال غالانت إعادة لبنان الى العصر الحجري مثلما هدد؟

هل يستطيع الجنرال غالانت إعادة لبنان الى العصر الحجري مثلما هدد؟

عبد الباري عطوان

هناك مثل عربي أصيل ومعبر يقول “ان الكلاب التي تنبح كثيرا لا تَعُض”، وهذا المثل ينطبق كليا على الجنرال يواف غالانت وزير الحرب الإسرائيلي الذي هدد امس الثلاثاء بإعادة لبنان الى العصر الحجري اذا ما ارتكب “حزب الله” خطأ، وبدأ الحرب ضد دولة الاحتلال الاسرائيلي.

هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها مسؤول عسكري إسرائيلي كبير “وزير الحرب” مثل هذا التهديد منذ حرب تموز (يوليو) عام 2006، التي نجح فيها “حزب الله” في “تأديب” الجيش الإسرائيلي الذي لا يُهزم، والحق به هزيمة غير مسبوقة اعترفت بها لجنة تحقيق “وينوغراد” الاسرائيلية رسميا.

الجنرال غالانت اطلق هذا التهديد اثناء جولة ميدانية قام بها على الجبهة الشمالية لتفقد قواته المشاركة في مناورة “القبة الساحقة” التي يجريها الجيش الإسرائيلي بأسلحته البرية والبحرية والجوية وتستمر أسبوعين، وتحاكي حربا على عدة جبهات في وقت واحد، وكرد على مناورة برية مماثلة أجرتها قوات “حزب الله” في جنوب لبنان، وتمركزت حول أسر جنود في إطار توغل بري في منطقة الجليل الأعلى شمال فلسطين المحتل.

في أخر خطاباته، أكد السيد حسن نصر الله امين عام “حزب الله” على “تآكل” الردع الإسرائيلي، وتعاظم الردع في محور المقاومة، وأذرعه العسكرية، ومن “محاسن” الصدف، ان المحللين، ومراكز الأبحاث الإسرائيلية الاستراتيجية، اتفقت معه “مكرهة” على هذه الخلاصة، وخاصة الجنرالات الإسرائيليين المتقاعدين الذين شاركوا في ندوات منتدى “هرتسيليا” السنوي الأخير قبل بضعة أيام، حيث اكد معظمهم ان الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجنبت المواجهة مع “حزب الله” على الاراض اللبنانية منذ “هزيمة” عام 2006، واختارت مواجهة غير مباشرة معه (الحزب) على الأراضي السورية هربا من المواجهة المباشرة على الاراضي اللبنانية، ويأتينا اليوم الجنرال غالانت ويهدد بإعادة لبنان الى العصر الحجري، وكأن المدافعين عنه (أي لبنان) ليسوا على إطلاع على هذه الحقائق والدراسات الإسرائيلية العسكرية التي تؤكدها، ولا يملكون 200 الف صاروخ، وآلاف المسيّرات الانتحارية من نوع “شاهد” الإيرانية التي أبلت بلاء حسنا في حرب أوكرانيا، علاوة على مئة الف مقاتل.

بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي جاء بالجنرال غالانت وزيرا للحرب في حكومته، وبادر الى فصله بعد أيام من تعيينه، واعاده الى منصبه بعد ساعات في تراجع مهين، نتنياهو هذا، أكثر زعيم إسرائيلي يخشى المواجهة مع “حزب الله” رغم انه أكثر رؤوساء الوزراء الإسرائيليين إطلاقا للتهديدات النارية، لسبب بسيط لأنه حذر (جبان) ويخشى الانجراف الى المواجهة الشاملة، التي قد تلحق الهزيمة النهائية بالدولة العبرية.

الجنرال غالانت يعود الى هذه التهديدات بعد صمت استمر ما يقرب من العشرين عاما من اجل رفع معنويات حلفائه في لبنان، الذين يستعدون لمعركة انتخابات الرئاسة، وتهدئة حالة الرعب التي يعيشها مستوطنيه، بسبب توالد الحروب القصيرة الأمد وصواريخها القادمة من القطاع، وتعاظم عمليات المقاومة في الضفة الغربية، وتكاثر التقارير الميدانية حول نضوج خطط “حزب الله” لاجتياح الشمال الفلسطيني المحتل، وتحريره، وكانت عملية “مجيدو” التي تسلل شهيدها عبر الحدود الشمالية، وتوغل أكثر من 10 كيلومترات، وفجر قنبلة بالقرب من احد المستوطنات، وأصاب ثلاثة اشخاص هي اول اختبار لهذه الجبهة ودفاعاتها منذ سنوات.

نختم بالقول بأنه اذا كان الجنرال غالانت يهدد بإعادة لبنان الى العصر الحجري، فإن “إسرائيل” ستعود الى عصر ما قبل التاريخ، أي الفناء الكامل، والاختفاء كليا من على الخريطة اذا ما اندلعت “شرارة” الحرب القادمة، سواء كانت دولته هي من أطلقتها، او جاءت بمبادرة من محور المقاومة