الرئيسية / أخبار / الحلّ اليمني رهن التفاهم السعودي الإيراني

الحلّ اليمني رهن التفاهم السعودي الإيراني

اليمن هو المكان المثالي لاختبار اتفاق بكين، الذي جرى التوصل إليه بين السعودية وإيران في العاشر من مارس/ آذار الماضي. وأول خطوةٍ ملموسةٍ هي التحرّك الذي بدأته الأمم المتحدة منذ أسبوعين، بين أطراف الأزمة اليمنية، على أساس مسوّدة سلام شاملة، يتم وضع اللمسات الأخيرة عليها برعايتها. وتبدأ الخطّة الأممية الجديدة بوقف شامل لإطلاق النار في البلاد، وفتح جميع المنافذ البرّية والجوية والبحرية، ودمج البنك المركزي، واستكمال تبادل الأسرى والمعتقلين، وتنقسم إلى ثلاث مراحل: الأولى ستة أشهر، ثم ثلاثة أشهر، وأخيراً انتقالية سنتان. إلا أن تقديرات تفيد بأن هذه الترتيبات الزمنية ما زالت خاضعة للنقاش، وقد تُجرى تعديلاتٌ عليها حسبما تراه الأطراف اليمنية لصالح إنهاء النزاع، وخصوصا مدة المرحلة الانتقالية المتعلقة بتحديد شكل الدولة المقبلة، والتي قد تصبح أربع سنوات أو خمسا. ويجري نقاش هذه القضايا منذ عدة أيام بين الرياض التي استقبلت وفودا من الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ومسقط التي زارها وفد من الحوثيين، وصنعاء التي حلّت فيها وفود سعودية وعمانية.

وإزاء ذلك، يمكن تسجيل ثلاث ملاحظات مهمة. الأولى، أنه بدا، خلال هذا الوقت القصير من عمر اتفاق بكين، أن الطرفين السعودي والإيراني يجدان في الشأن اليمني بدايةً جيدة وعملية من أجل اختبار خطوات التطبيق، والمتعلقة بعودة العلاقات الدبلوماسية التي توقّفت قبل سبع سنوات، وفق ما أسفر عنه لقاء بكين في الخامس من شهر إبريل/ نيسان الحالي، بين وزيري خارجيتي البلدين، السعودي فيصل بن فرحان، والإيراني حسين أمير عبد اللهيان. وهناك تأكيداتٌ على أن اجتماع الوزيرين جاء بعدما تم وضع الأرضية للمباحثات اليمنية اليمنية، التي تركّز في هذه المرحلة على تثبيت التهدئة، والانسحابات العسكرية من الجانبين، والوقوف عند خطوط تماسّ من غير المعروف بعد موقعها، وربما يحتاج رسمُها عدة أسابيع. والملاحظة الثانية أن لقاء الوزيرين تأجّل حتى تتحقق نتائج ملموسة في مباحثات الشأن اليمني، كما أنه لم تتسرّب أي معلومات عنها قبل اجتماعهما، وحصول الاتفاق على عودة العلاقات الدبلوماسية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بين البلدين، الموقّعة عام 2001، والاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، التي تعود إلى عام 1998. والملاحظة الثالثة، أن الحلّ في اليمن ضرورة بالنسبة للسعودية التي تطمح إلى طيّ صفحة تدخّلها العسكري في هذا البلد، والذي رتّب عليها تكاليف مادية وعسكرية كبيرة، وتعرّضت أراضيها لهجمات كثيرة بالصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة. وتدرك الرياض أن طهران هي الطرف الوحيد الذي في وسعه أن يأتي بالحوثيين إلى طاولة الحوار، مع الأطراف اليمنية الأخرى بعدما فشلت كل الجهود الأممية في ذلك، ومن هنا إصرارها على الربط بين الخطوات في الملفّين اليمني – اليمني، والسعودي – الإيراني.

بات الحل اليمني مرتبطا بتقدّم تطبيق التفاهمات السعودية الإيرانية. ومن الآن فصاعدا سيتم حساب كل خطوة يمنية يمنية على مقياس التطوّرات بين السعودية وإيران. ويمكن لهذا الوضع أن ينعكس إيجابا وسلبا على الحلّ في اليمن. ويأتي التأثير الإيجابي من خلال الضغط على الأطراف اليمنية لتقديم تنازلاتٍ تساعد على التفاهم والالتزام بذلك. ومن الناحية السلبية، قد تكون التنازلات في سبيل تلبية شروط التفاهم السعودي الإيراني، وليس المصلحة اليمنية التي تقوم على عودة مؤسّسات الدولة إلى العاصمة، واستعادة القرار اليمني من دون تدخّلاتٍ سعوديةٍ إيرانيةٍ في الشأن الداخلي، وهو الأمر الذي يبدو حلما بعيد المنال في الوقت الراهن. إلا أن الوصول إلى إنهاء الحرب يشكّل إنجازا مهما، لجهة وقف النزيف اليمني، وتوفير فرصة للحوار.