تعتبر المملكة الأردنية الهاشمية ذات أهمية كبيرة في الحفاظ على توازن بين الأديان في القدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية. فالأردن هو الوصي على أوقاف القدس بما في ذلك الحرم القدسي الشريف.
حين تولى دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، نقلت إدارته السفارة الأميركية إلى القدس وبدأ ضغط الحكومة الإسرائيلية المستمر على الفلسطينيين من سكان القدس الشرقية. فالأردنيون والفلسطينيون مرتبطون تاريخياً وجغرافياً وهو ما لا تراه بعض القوى. فهناك أكثر من 400,00فلسطيني في القدس الشرقية ممن حاولت اسرائيل منحهم الجنسية في العام 1967، لكنهم رفضوا ذلك، فمعظم الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية لديهم جوازات سفر أردنية.
منذ العام 1924 والوصاية الأردنية الهاشمية على القدس ومقدساتها مستمرة. ففي ذلك العام، بايعت شخصيات فلسطينية وعربية، الشريف الحسين بن علي، بالوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة. واليوم، ينطلق الموقف الأردني الثابت من أن “القدس الشرقية أرض محتلة، السيادةُ فيها للفلسطينيين، والوصايةُ على مقدساتها الإسلامية والمسيحية هاشمية، يتولّاها ملك المملكة الأردنية الهاشمية جلالة الملك عبدالله الثاني، ومسؤوليةُ حماية المدينة مسؤوليةٌ دولية وفقاً لالتزامات الدول بحسب القانون الدولي والقرارات الدولية”.
ويؤكد الأردن أن “القدس الشرقية جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وهي تخضع لأحكام القانون الدولي المتعلّقة بالأراضي الواقعة تحت الاحتلال، مستنداً في ذلك إلى قرارات الشرعية الدولية، ومن بينها قرار مجلس الأمن 478 الذي ينص على أن قرار إسرائيل بضم القدس الشرقية وإعلانها عاصمةً موحدة قرارٌ باطل”.
لمن لا يفهم فكرة الدور الأردني والوصاية الهاشمية على المقدسات وأهميتها، أنشأ الأردن مجلس الوقف الإسلامي الأردني بصفته الوصي على وقف القدس، كما يدير الأردن أيضاً مدارس دينية، تعنى بترميم المساجد. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على العائلة المالكة كذلك الموافقة على رؤساء الكنائس في الأراضي الفلسطينية.
إن مبادرة الوقف الإسلامي الأردنية تمثل امتداداً لواجب الأردن والعائلة المالكة تجاه القدس بل هو جزء من واجب الهاشميين لتقديم أكبر قدر ممكن للقدس والمقدسات. فالمقدسيون يفهمون أن الملك عبد الله والملكة رانيا والعائلة الهاشمية يبذلون قصارى جهدهم من أجل القدس وشعبها ومن أجل فلسطين وأهلها.
وبموجب معاهدة السلام بين إسرائيل والأردن عام 1994، يتولى الاردن رسمياً دور الوصي على الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس. وفي عام 2013، وقع الأردن والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية تؤكد هذه العلاقة بين الأردن كوصي مع احتفاظ فلسطين بالسيادة من الناحية الفنية.
يرى بعض المقدسيين الفلسطينيين أن حماية الأقصى جزء لا يتجزأ من هويتهم. وبالتالي فإن دور الأردن في القدس مرتبط بعلاقته بإسرائيل. وهنا يعتمد الأردن، على عناصر قوة يمكن ان تقلب المعادلة الإقليمية رأساً على عقب وعلى كل من يحاول التلاعب بالتاريخ والوصاية الهاشمية. فهدوء الأردن لا ينم عن ضعف أو عجز بل هناك أوراق يملكها الأردن يمكن أن تقلب الطاولة على كل من يساوم على القدس والمقدسات أو يجيرها لنفسه دون مراعات الحقوق الأردنية في القدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية. فكما كان الأردن صمام الأمان للمنطقة يمكنه التخلي ولو لبرهة وبرمشة عين لإحداث التغيير المطلوب الذي يعتقد الكثيرون من أنه غير قادر على مقارعة الكبار أوسطياً.
فعلى من تسول لهم أنفسهم التلاعب في معادلة القدس الشرقية أن يفكروا ألف مرة لأن الرد الأردني لن يكون لطيفا هذه المرة. وعلى إسرائيل أن تفكر مرات ومرات قبل الإقدام على تغيير الوضع في القدس الشرقية أو مراجعة الدور الأردني فيها.