الرئيسية / أخبار / الدعم الروسي لإيران يقلق الولايات المتحدة والغرب.. ما دور السعودية والإمارات؟

الدعم الروسي لإيران يقلق الولايات المتحدة والغرب.. ما دور السعودية والإمارات؟

“تقدم روسيا لإيران مستوى غير مسبوق من الدعم العسكري والتقني الذي يجب على الولايات المتحدة ردعه حيثما كان ذلك ممكناً، مستغلة العلاقات مع السعودية والإمارات للحدّ من هذه العمليات نظراً للمخاطر التي قد تشكلها على أمن المنطقة”.

هكذا خلص تقرير لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، قال إن المساعدة الروسية لإيران تساعد على تكثيف حملة القمع التي تشنها الجمهورية الإسلامية في الداخل، وعلى مفاقمة عدم الاستقرار الذي تزرعه في الخارج.

وأثار المحور الإيراني الروسي الذي ظهر في أعقاب الغزو الأوكراني تساؤلات حول الأسلوب الذي قد تعتمده موسكو لمكافأة طهران على دعمها لها. 

فمقابل استخدام الطائرات القتالية المسيرة الإيرانية في أوكرانيا، يشير مسؤولون غربيون إلى أن موسكو قد تزوّد النظام الإيراني بطائرات مقاتلة، وأنظمة دفاع جوي، وطائرات هليكوبتر، فضلاً عن مساعدة بحرية على شكل سفن حربية وتساعد في إنتاج سفن جديدة.

كما تحدث أحد النواب الإيرانيين مؤخراً عن عملية التسليم “المعلقة” لمقاتلات “سو-35” وأنظمة دفاع جوي ومروحيات.

وتشير مثل هذه التقارير، وفق “معهد واشنطن” إلى أن شراكة أوسع نطاقاً في مجال التكنولوجيا المتقدمة والدفاع ستجمع بين البلدين وليس مجرد ترتيب لإبرام صفقات.

وأدّى حظر الأسلحة الدولي والعقوبات الاقتصادية القاسية المفروضة على إيران إلى تقويض قدرتها على تحديث قواتها المسلحة طيلة سنوات، ومع ذلك، قد تلبي عمليات النقل الروسية المحتملة بعض حاجات النظام الأكثر إلحاحاً وتُقدم مساهمات مهمة في قدراته العسكرية وفق التقرير.

واستفادت إيران بصورة جيدة من بنية قوتها غير المتكافئة والهجينة، التي تركز على الصواريخ والطائرات المسيرة والميليشيات الوكيلة وقدرات الردع البحري، لذا من غير المرجح أن تسعى إلى إحداث تغيير جذري في قواتها العسكرية.

وأضاف التقرير: “كما أن إيران لا تملك الأموال اللازمة لشراء كميات كبيرة من الأسلحة التقليدية الباهظة الثمن”.

ولم تتضح بعد الكمية التي تبدو موسكو مستعدة أو قادرة على تزويدها بها في الوقت الذي يتكبد فيه جيشها خسائر فادحة في أوكرانيا.

لكن عمليات نقل محدودة للأسلحة والتكنولوجيا قد تسمح لإيران بسد الفجوات التي تعانيها بنية قوتها العسكرية، والتحديث الانتقائي، وتعزيز قدرات إنتاج الأسلحة المحلية.

وستستمر عمليات نقل الأسلحة الأصغر حجماً في توفير مورد مفيد لطهران في مجال الهندسة العكسية، في حين أن الحصول على التكنولوجيا المتطورة من شأنه أن يعزز جهود النظام الإيراني على المدى الطويل لتحديث قوّاته وتحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي العسكري، وفق التقرير.

وتابع: “لقد حققت إيران تقدماً ملحوظاً في تطوير دفاعاتها الجوية الأرضية وتكثيفها، مستخدمةً مجموعة من الأنظمة المُنتجة محلياً وبطاريات صواريخ (أس-300) الروسية”.

ومن شأن امتلاكها صواريخ (أس-400) الروسية أن يعزز قدراتها الدفاعية الجوية بعيدة المدى والارتفاعات الشاهقة ويزودها بالقدرة الدفاعية الصاروخية إلى حدّ ما.

وإذا استلمت كميات كافية من الصواريخ الاعتراضية ومنظومات الدفاع الجوي المتطورة، فقد تزداد صعوبة شن إسرائيل ضربة استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية وتنفيذها ضربات جوية في سوريا إذا تمّ نشر هذه الصواريخ ضمن أراضيها، على الرغم من أنها لن تؤثر بشكل كبير على نتيجة الحملة الجوية الأمريكية الأوسع نطاقاً ضد إيران.

علاوة على ذلك، فإن التسليم المحتمل لـ24 طائرة “سو-35” من شأنه أن يحسن مرونة إيران ومستوى ردها على التهديدات الجوية الناشئة.

ويمكن أيضاً تسليح هذه المقاتلات متعددة المهام بأسلحة جو-أرض بعيدة المدى والتي من شأنها أن تُمكّن من شن ضربات مُواجَهَة ضد الدول المجاورة.

وإلى جانب احتمال شراء إيران مروحيات من موسكو، فهي ترغب في الحصول على مساعدة من الشركات الروسية لبدء خط إنتاج محلي أو تطوير أنواع من المروحيات بصورة مشتركة.

لكن تعاوناً مماثلاً، وفق “معهد واشنطن” سيكون وقفاً على قدرة روسيا على حل مشاكلها على صعيد تصنيع المروحيات، على غرار تطوير خط إنتاج بديل للمحركات بما أنه لم يعد بإمكانها استخدام خط إنتاجها السابق الذي كان في أوكرانيا.

وعلى الصعيد البحري، واجهت إيران صعوبات منعتها من تحقيق تطلعاتها في المياه الزرقاء، وقد تكون مهتمة بالحصول على سفن حربية وخبرات روسية.

وعلى صعيد آخر، فإن امتلاك إيران لمجموعة من أقمار التصوير الصناعية الروسية سيمكنها من استخدام طائراتها المسيرة وصواريخها بفعالية ودقة أكبر وتحسين قدراتها في مجال الإنذار المبكر والاستهداف.

كما قد تستفيد طهران من تكنولوجيا محركات الصواريخ التي تعمل بالوقود السائل لتطوير صواريخها البالستية ومركبات الإطلاق الفضائية. وعلى الرغم من أنها أحرزت تقدماً كبيراً في صواريخ الوقود الصلب، إلا أن تصميماتها للوقود السائل ما زالت متخلفة.

وحول المساعدة النووية المحتملة، قال “معهد واشنطن”، إنه “من المرجح أن يكون شكل المساعدة الذي قد تقدمه روسيا إلى إيران في المجال النووي ذو طابع دبلوماسي”.

وخلال الأشهر القليلة الماضية، زادت موسكو دعمها لإيران في مجلس محافظي “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، ومن المرجح أن تواصل حمايتها من الإحالة إلى “مجلس الأمن الدولي” بسبب عدم امتثال نظامها لالتزامات الضمانات النووية.

وقد يكون لروسيا أيضاً مساهمة في مساعي إيران المستقبلية المحتملة لصنع أسلحة نووية من خلال تزويدها بالتكنولوجيا والدراية، سواء سراً أو علناً.

ويبدو أن إقدام إيران المحتمل على صنع أسلحة نووية لا يثير قلق الحكومة الروسية بقدر ما يثير قلق الغرب.

كما أن الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا ربما تكون قد أحدثت تغييراً في حساباتها الاستراتيجية لدرجة أصبحت تعتبر هذه المساعدة وسيلة لتقويض المصالح الأمريكية في المنطقة.

وحتى لو تجنبت روسيا تقديم مساعدة رسمية إلى الجمهورية الإسلامية، فإن الاتصالات المتعمقة بين البلدين والتدهور المستمر للاقتصاد الروسي قد يدفعا مهندسيها وعلمائها إلى مزاولة أعمال غير مصرحة بها تعود بالفائدة على البرنامج النووي الإيراني، كما حصل في الماضي، وفق التقرير.

وبالنسبة لإيران، قد يكون توطيد التعاون بهذا القدر مع روسيا خطوة مبالغ فيها نظراً إلى انعدام ثقتها بها منذ فترة طويلة، وخطر الكشف عن أكثر مشاريعها وأسرارها حساسية، وإصرارها المستمر على أنها لم تطور برنامجاً للأسلحة النووية.

وعلى الصعيد المدني، بإمكان إيران أن تطلب مساعدات إضافية لتطوير قطاعها الخاص بالطاقة النووية.

فروسيا بنت أول مفاعل في محافظة بوشهر وتقوم ببناء مفاعلين آخرين، وقد تأخرت في إنجاز أعمال بناء المفاعلين الجديدين لعامين على الأقل عن الموعد المحدد لهما، إلا أنه بإمكانها أن تتعهد بتسريع وتيرة البناء أو تقدم شروطاً مالية أفضل لطهران.

كما يمكنها مساعدتها في تصنيع وقود المفاعلات النووية.

وإذا نجحت إيران في تصنيع وقودها الخاص لمفاعل بوشهر ومفاعلات مستقبلية مماثلة، فسيكون لديها تبرير مدني أفضل للحفاظ على قدرة صناعية على تخصيب اليورانيوم.

ومع ذلك، توفر روسيا حالياً الوقود الضروري لتشغيل مفاعل بوشهر وقد لا ترغب في تراجع صادراتها منها، لا سيما في ظل الضغوط التي يواجهها قطاعها النووي في أوروبا.

قد ترغب إيران، وفق التقرير، في توطيد التعاون مع روسيا في المجال السيبراني والتجارة والاستثمار والتكنولوجيا التي تعزز أمن النظام.

وأولت طهران اهتماماً كبيراً بتعزيز قدراتها السيبرانية لكنها تبقى متأخرة كثيراً عن موسكو.

وبعد ان رأت إيران كيف تدخلت روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016 من خلال شنها هجمات إلكترونية، قررت التعاون معها لمحاولة التأثير على الحملة الانتخابية عام 2020 (حتى في الوقت الذي سعت فيه إلى تحقيق نتائج مختلفة).

وقد تلجأ إيران كذلك إلى روسيا لكي تساعدها على صعيد الأمن الداخلي، ولا سيما في ظل الاحتجاجات المناهضة للنظام التي تجتاح البلاد حالياً. وقد تأمل في الحصول على مركبات وأنظمة غير فتاكة للسيطرة على الحشود فضلاً عن تقنيات التعرف على الوجوه والتعقب.

وختم “معهد واشنطن” تقريره بعدة توصيات، طالبت الولايات المتحدة أن تبلغ إيران وروسيا أنهما تعرضان للخطر أي أنظمة أو قدرات تزودان بها بعضهما البعض، “لأنهما تتيحان بذلك الفرصة أمام واشنطن وحلفائها لتطوير تدابير مضادة لها وتزويد شركائها في الشرق الأوسط وأوروبا بها”.

كما دعا الحكومات الغربية تحسين آليات تنسيق ضوابط التصدير المرتبطة بالمكونات التي يمكن استخدامها لصنع طائرات مسيرة.

وتابع: “على واشنطن أن توضح لموسكو وطهران أنها ستواصل الكشف علناً عن الجوانب الأكثر حساسية في علاقتهما”.

بالإضافة إلى ذلك، والحديث لمعهد واشنطن”، أنه على الولايات المتحدة الاعتماد على السعودية والإمارات للضغط على روسيا، لكي تحدّ من عمليات النقل إلى إيران نظراً للمخاطر التي قد تشكلها على أمن المنطقة.

ويجدر بواشنطن أيضاً مشاركة المعلومات الاستخباراتية الخاصة بطلبات إيران مع الرياض وأبوظبي والقدس، الأمر الذي من شأنه أن يمنح هذه الدول محفزاً إضافياً لثني موسكو عن المضي قدماً في عمليات النقل، وفق التقرير.

وتابع: “يجب أن يستعين الغرب بعمليات النقل المحتملة هذه كأمثلة عند توجيه رسائل إلى السعودية والإمارات، قادة وشعباً، بشان مخاطر استراتيجيات التحوط التي تعتمدانها إزاء الحرب في أوكرانيا”.