تعددت التصريحات والتسريبات بشأن زيادة إمدادات النفط وتراجع الأسعار أو الحفاظ على الوضع الحالي، ما يكشف عن تحول هذه القضية إلى لعبة أعصاب بين السعودية والولايات المتحدة، وأن الرسائل من ورائها قد خرجت من البعد الاقتصادي المباشر في ما يتعلق بأسعار النفط إلى المجال السياسي.
ولا يعرف من وراء إطلاق التسريبات بشأن اعتزام السعودية إقناع حلفائها في التحالف النفطي أوبك+ بزيادة الإنتاج، هل هي مناورة سعودية للتخفيف من حالة التوتر بينها وبين إدارة الرئيس جدو بايدن، أم هي لعبة أميركية لاختبار استعداد السعودية للتنازل عن موقفها المتشدد بشأن تخفيض الإنتاج، وهل يمكن أن تقبل بالمقايضة التي تطرحها واشنطن: حصانة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مقابل زيادة الإمدادات وخفض الأسعار.
وجوبه التسريب الذي نشرته صحيفة وول ستريت جورنال عن استعداد الرياض لبحث زيادة الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميا برد فعل سعودي سريع، ثم تلته ردود مختلفة من مسؤولي الدول الأعضاء في أوبك+ لنفي مجرد التفكير في هذه الخطوة، ما يؤكد أن التسريب قد حقق هدفه في اختبار الموقف السعودي.
ونفى وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان “بشكل قاطع” التسريب، وقال إنه “من المعروف، ولا يخفى على أحد، أن أوبك+ لا تناقش أيّ قرارات قبل اجتماعاتها”. وتظهر سرعة الرد السعودي إحساس الرياض بالحرج تجاه شركائها في التحالف النفطي.
وقال الأمير عبدالعزيز بن سلمان إن “الخفض الحالي ومقداره مليونا برميل يوميًا من قبل أوبك+ سيستمر حتى نهاية عام 2023، وإذا دعت الحاجة إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات بخفض الإنتاج لإعادة التوازن بين العرض والطلب، فنحن دائمًا على استعداد للتدخل”.
وقاد الرد السعودي بنفي مجرد التفكير في التراجع عن قرار أوبك+ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى التدخل مجددا لتأكيد أن علاقة بلاده بالسعودية لا تزال قيد المراجعة، ما يعني أن حصول وليّ العهد السعودي على الحصانة، لا يعني أن واشنطن قد قبلت بالأمر الواقع.
واعتبر مراقبون أن تعمّد واشنطن إطلاق التصريحات المتتالية بشأن إعادة تقييم العلاقة مع واشنطن يهدف إلى فرض ضغوط على الرياض قبل عقد اجتماع أوبك+ في ديسمبر المقبل.
وقال بلينكن، الذي يزور قطر لحضور الحوار الإستراتيجي السنوي بين الولايات المتحدة وقطر، إن الحكم بحصانة ولي العهد السعودي لا يؤثر على العلاقة مع الرياض. وأضاف أنه لا توجد خطط لقيام الأمير محمد بن سلمان بزيارة الولايات المتحدة.
ومن شأن زيادة الإنتاج أن تعوّض جزئيا خفضا بمقدار مليوني برميل يوميا أعلنه التحالف النفطي في أكتوبر الماضي.
وأججت تلك الخطوة التوترات بين الرياض وواشنطن، حليفتها التقليدية التي وصفت الأمر بأنه “وقوف إلى جانب روسيا” في الحرب الدائرة في أوكرانيا.
ويدافع مسؤولون سعوديون بشراسة عن قرار خفض الإنتاج الأخير الذي انتقدته واشنطن بشدة، ويشدّدون على أن الخطوة أملتها ظروف السوق ويمكن أن تتغير في حال تغيّرت السوق.
وانضم وزراء أوبك+ إلى موقف السعودية الرافض لزيادة الإنتاج في خطوة كان المغزى منها التأكيد على أن التمسك برفض الزيادة ليس قرارا سعوديا، وأن المملكة لا تتحكم لوحدها في قرار التحالف النفطي فتزيد الإمدادات متى تشاء وتخفضها متى تشاء مثلما تعتقد واشنطن، وأن القرار يتم اتخاذه بشكل جماعي.
ونفى وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي انخراط بلاده في أيّ نقاش مع أعضاء آخرين في أوبك+ لتغيير قرار خفض الإنتاج.
وقال المزروعي على تويتر “نظل ملتزمين بهدف أوبك+ تحقيق التوازن في سوق النفط وسندعم أيّ قرار لتحقيق هذا الهدف”.
ونفس الموقف أعلن عنه وزير النفط الكويتي بدر الملا، حين نفى ما تردد حول وجود نقاشات تتعلق بنية تحالف أوبك+ زيادة إنتاج النفط في اجتماعه القادم.
من جانبه، قال محمد عرقاب وزير الطاقة والتعدين الجزائري إنه لا توجد “مناقشات جارية” بخصوص مراجعة اتفاق الخامس من أكتوبر المتعلق بمستويات إنتاج أوبك+.
وأعلن علاء الياسري، رئيس شركة تسويق النفط العراقية سومو، أنه لم تجر مناقشة قرار بشأن زيادة إنتاج أوبك+ في الاجتماع المقبل للمجموعة.