الرئيسية / أخبار / هل استسلمت إسرائيل لفشل حملتها ضد الاتفاق النووي مع إيران؟

هل استسلمت إسرائيل لفشل حملتها ضد الاتفاق النووي مع إيران؟

تسيطر حالة من القلق على المستويات الأمنية العليا في إسرائيل، حيث تشير تقديرات الموقف خلال الأسبوعين الماضيين إلى استنتاج لا مفر منه بأن القوى العالمية ستوقع صفقة مع إيران بشأن برنامجها النووي. وحاليا، تلاشت الخلافات في وجهات النظر  بين الموساد والاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بشأن الاتفاق النووي.

وقال مصدر أمني رفيع لـ”المونيتور”، هذا الأسبوع، إن الاتفاقية ستوقع عاجلاً أم آجلاً؛ لأن الرئيس الأمريكي “جو بايدن” والمرشد الإيراني “علي خامنئي” يريدونها. ويبدو أن الأول يريد ذلك أكثر وأن الغرب استسلم تدريجياً لإيران في جميع البنود تقريباً.

ويبدو أن كلا الجانبين جاهز للتوقيع؛ وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن الإيرانيين يعرفون أنهم لن يحصلوا على أكثر مما تلقوه بالفعل، فيما يطمح الرئيس “بايدن” إلى التوقيع قبل فترة كافية من انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس بنوفمبر/تشرين الثاني.

ليست أقل من كارثة

وأشار المصدر إلى أن “الصفقة التي سيتم التوقيع عليها ليست أقل من كارثة، ليس فقط لإسرائيل ولكن للمنطقة ككل.. هذا انتصار مدوٍ لإيران التي ستحصل على مليارات الدولارات في السنوات المقبلة، وما يصل إلى تريليون دولار بحلول عام 2030 من أجل تأجيل حصول إيران على قنبلة نووية. هذا جنون وإفلاس كامل، وعلى إسرائيل أن تتخذ موقفا منه لأنه لا يوجد أحد آخر يمكنه فعل ذلك. للأسف، كل هذا يحدث بتواطؤ من أكبر حليف لإسرائيل، لكن هذا هو الوضع وسيتعين علينا التعامل معه”.

وتصر إسرائيل على أنها لن تلتزم بالاتفاق. وقال المصدر الأمني: “سنستمر في استخدام كل الطرق والوسائل المتاحة لمنع إيران من التحول إلى دولة نووية، دون مراعاة هذا الاتفاق أو أي اتفاق آخر. ليس لدينا خيار. إيران النووية هي قضية خطيرة بالنسبة للغرب، لكنها قضية وجودية بالنسبة لإسرائيل”.

ويبدو أن آراء مدير الموساد “ديفيد بارنيع” الذي يعتبر الصفقة مع إيران بمثابة “كارثة استراتيجية”، غلبت على تلك التي تبناها في الأشهر الأخيرة قادة المخابرات العسكرية وغيرهم ممن اعتقدوا أن العودة إلى اتفاق 2015 مع إيران هو أهون الشرين.

وبحسب مصادر مطلعة، اندهش المسؤولون الإسرائيليون من آخر تفاصيل للاتفاق، بما في ذلك إغلاق 3 تحقيقات أجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن نوايا إيران في التسلح النووي.

وقال مصدر دبلوماسي إسرائيلي: “لا معنى من الانتظار حتى توقيع الاتفاقية؛ حيث ستجد إسرائيل نفسها في نهاية المطاف في خضم عملية احتيال إيرانية واسعة النطاق، دون أي رد من القوى العالمية”.

استفادة إيران

وتقر إسرائيل بأن الصفقة ستؤخر قدرة إيران على الاختراق النووي من التقديرات الحالية (شهر واحد) إلى حوالي 6 أشهر. وهذا هو الوقت الذي ستستغرقه إيران على ما يبدو لتخصيب اليورانيوم بنسبة 90% لصنع قنبلة نووية.

وقال مصدر عسكري إسرائيلي شريطة عدم الكشف عن هويته: “تسمح الصفقة لإيران بالمضي قدما في برنامجها في عام 2025، وعندها ستكون قادرة على الوصول لقنبلة في غضون شهرين إلى 3 أشهر. ويعني ذلك أنه من أجل إبعاد إيران عن القنبلة لمدة شهرين، فإن الغرب سوف يمطرها بمليارات الدولارات، هذه كارثة”.

ويعتقد الخبراء الإسرائيليون أنه بمجرد رفع العقوبات عن إيران وإلغاء تجميد حساباتها المصرفية، ستتمكن من الوصول إلى مليارات الدولارات في العام الأول، وما يصل إلى تريليون دولار بحلول عام 2030.

وقال المصدر الدبلوماسي الإسرائيلي: “ستسمح هذه الأموال لإيران بإغراق وكلائها بالمال، مع الاحتفاظ بقدرتها النووية والبقاء على استعداد لتصنيع قنبلة في خلال أسابيع.. هذا جنون.. سيتعين علينا التعامل مع كل هذا بمفردنا”.

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن القوى الإقليمية تتجه لقبول فكرة انتصار إيران وتحولها إلى أقوى قوة في المنطقة، الأمر الذي جعل الغرب يركع على ركبتيه. وقال مسؤول استخبارات إسرائيلي كبير: “نحن نرى بالفعل تحركًا من جانب حلفائنا تجاه إيران.. دول الخليج تعيد سفراءها إلى طهران. الجميع يستعد لهذا النصر الإيراني الهائل تحت رعاية الغرب”.

ويبدو أن إسرائيل قد استسلمت لفشل حملتها المطولة ضد الاتفاق. ويعتقد المصدر الاستخباري الإسرائيلي الكبير أن الخلاف في الأشهر الأخيرة حول مطالبة إيران بإزالة الحرس الثوري من القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية كان مجرد تكتيك للمماطلة.

وأضاف: “لم يكن هذا خلافا جوهريا، وكان من الواضح أن الجانبين سيتغلبان على هذه العقبة أو يتجاهلانها. سيعرف الإيرانيون كيفية تحويل الأموال إلى الحرس الثوري والالتفاف على العقوبات المفروضة عليه. هم أبطال العالم في هذا المجال. نحن مهتمون أكثر بشرط انقضاء الاتفاق في 2025، وحقيقة أن إيران ستخرج من الاتفاقية أقوى بكثير”. وأشار المصدر الاستخباري إلى أن إسرائيل ستجد صعوبة في التعايش مع هذا الواقع.

ومن المتوقع أن تتكثف حملة إسرائيل العلنية ضد الاتفاقية قريباً. وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي “يائير لابيد” بيانًا قاسيًا هذا الأسبوع يحث القوى العالمية على “الابتعاد عن طاولة المفاوضات”، وتحدث الأسبوع الماضي مع الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” بعد عدة أيام من حديثه إلى المستشار الألماني “أولاف شولتز” من أجل وقف هذه المفاوضات. فيما يتواجد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي “إيال هولاتا” في واشنطن هذه الأيام، لكن يبدو أنه يتلقى تعاملا باردا.

ومن المتوقع أن يخرج رئيس الموساد من الظل ويجعل وجهات نظره معروفة بشكل علني وواضح، لكن لا يبدو أن هذا سيؤدي إلى تأخير إيران أو إحداث القلق المفرط لدى القوى العالمية.

ولخص المصدر الأمني الإسرائيلي الكبير: “يجب أن تكون إسرائيل مستعدة وقادرة بنفسها على تقويض القدرات النووية الإيرانية.. مع كل الاحترام الواجب لحلفائنا سنكون نحن الذين يتعين علينا التعامل مع إيران.. يجب أن نضمن أن لدينا خيارًا عسكريًا موثوقًا وقادرا على إزالة التهديد الإيراني.. سيتم توقيع الاتفاقية لكننا غير ملزمين بها.. لن يقرر أي شخص آخر مستقبل الدولة اليهودية أو يجبرها على التخلي عن أمنها”.