مع تفاقم الأزمة السياسية المتصاعدة بين دولة الاحتلال وروسيا على خلفية توجّه الأخيرة بإغلاق مكاتب الوكالة اليهودية في أراضيها، أجرى الرئيس الإسرائيليّ يتسحاق هرتسوغ أوّل محادثة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ووفقًا لما رشح عنها من تسريبات فمن المتوقع أنْ يعمل رئيس الوزراء يائير لابيد على تنفيذ وعد سلفه بنيامين نتنياهو بنقل ملكية الكنيسة الروسية في القدس المحتلة إلى موسكو مقابل إنهاء أزمة الوكالة اليهودية، وهو الأمر الذي وعد به رئيس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو، وأيضًا “خليفته” نفتالي بينيت، ولكنّهما لم يخرجاه إلى حيّز التنفيّذ.
وفي هذا السياق، قال مسؤول رفيع في الوكالة اليهودية إنّه يتوقع أن تعلن الأخيرة عن قرار بوقف أنشطتها في روسيا وتحويلها إلى أنشطة عبر الإنترنت والهاتف، وفق ما نشر موقع “جيروزاليم بوست” الإسرائيليّ ليلة أمس السبت.
وقد عُقد اجتماعٌ في مقر الوكالة اليهودية في القدس بالأمس، وجرى خلاله التداول في نقل أنشطتها إلى الدولة العبريّة. ومن الجدير ذكره في هذه العُجالة أنّ مدلولات القرار، في حال نُفّذ، هو أنّ أنشطة الوكالة في تشجيع هجرة اليهود الروس إلى دولة الاحتلال ستنتقل إلى المجال الرقمي.
وجاء القرار بهذا الخصوص في أعقاب محادثة هاتفية بين الرئيس الإسرائيليّ يتسحاق هرتسوغ، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، جرى خلالها التباحث في موضوع الوكالة اليهودية. ومن ناحيتها، نقلت صحيفة (هآرتس) العبريّة عن محافل رفيعةٍ مقربّة من رئيس الكيان، نقلت عنهم قولهم إنّه في البيان الذي أصدره هرتسوغ عقب المكالمة الهاتفيّة امتنع عن ذكر الحرب في أوكرانيا.
وقال المسؤول في الوكالة اليهودية لصحيفة “جيروزاليم بوست” إنّ “الوكالة اليهودية ستنشط بكلّ ما يتعلّق بالهجرة إلى إسرائيل عن طريق الإنترنت أو الهاتف، والمشكلة هي أنه لن تكون هناك طريقة لتشجيع الهجرة إلى إسرائيل”، حسب تعبيره.
وأضاف أنّ الوكالة ستبدأ بالعمل مثل صناديق خيرية كالموجودة في روسيا، من خلال تمويل أنشطة محلية أو إرسال مبعوثين مؤقتين من إسرائيل ليساعدوا اليهود هناك في عيشهم.
وحتى اليوم، الوكالة تشغّل نحو 200 موظف في روسيا، إضافة إلى ثلاثة مبعوثين، الذين عادوا إلى إسرائيل مؤخرًا بعد انتهاء عقد عملهم.
وقال المسؤول في الوكالة اليهودية إنّ “تبعات ذلك هي أنه لن تجري أنشطة في روسيا لتشجيع الهجرة إلى إسرائيل بأيّ طريقة، ولن ينقل أي أحد معلومات ولن يكون أي مندوب هناك”، على حدّ تعبيره.
إلى ذلك، كشف المحلل بن كاسبيت في صحيفة (معاريف) أنّ “هرتسوغ أجرى محادثته مع بوتين بناء على طلب لابيد، وبالتنسيق مع وزارة الخارجية، حيث تباحثا حول مختلف القضايا الثنائية بينهما، خاصة التحديات التي يواجهها اليهود في الشتات، كما حاز موضوع نشاط الوكالة اليهودية في روسيا على نصيب وافر من المحادثات، فيما شدد بوتين على التزامه الشخصي بإحياء ذكرى الهولوكوست، ومحاربة معاداة السامية”، كما نقل عن مصادره الخاصّة في تل أبيب.
ومن الواضح أنّ محادثة هرتسوغ-بوتين جاءت لمنع تصاعد الأزمة الإسرائيلية-الروسية، دون أفق سياسي لحلّها، ما أفسح المجال للأوساط السياسية والدبلوماسية في دولة الاحتلال لتوجيه سهام انتقاداتها إلى دوائر صنع القرار، السابقة في عهد بنيامين نتنياهو، أوْ الحالية بزعامة نفتالي بينيت، والآن يائير لابيد، لأنهم جميعًا أداروا تجاه روسيا سياسة ضيقة الأفق، تشترك في قواسم مشتركة أهمها أنّ لديها اعتبارات ضيقة، وليس لديها القدرة على اجتراح سياسة رشيدة تحقق للاحتلال مصالحه بعيدة المدى مع قوة عظمى مثل روسيا.