ستُشَكِّل زيارة السيّدة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النوّاب الأمريكي لتايوان أثناء جولتها الآسيويّة التي تبدأ اليوم الجمعة، وتشمل كوريا الجنوبيّة، اليابان، ماليزيا وسنغافورة، أوّل اختبار جدّي للعُلاقات الصينيّة الأمريكيّة.
هذه الزّيارة شِبه المُؤكّدة، والمُدرجة على جدول أعمال جولة السيّدة بيلوسي تُشَكِّل استفزازًا للصين في هذا الوقت الحَرِج الذي تتصاعد فيه حدّة التوتّر بينها وبين الإدارة الأمريكيّة، فالإصرار على القِيام بها، رُغم التّحذيرات الصينيّة قد يُؤدّي إلى صِدامٍ مُسلّح بين القُوّتين العُظميين.
جيش التحرير الشعبي الصيني أعلن حالة الاستِنفار في صُفوفه، ووجّهت قِيادته رسالة قويّة إلى أعضائه على حسابه الرّسمي تأمرهم بالاستِعداد للحرب، وجاءت هذه الرّسالة بعد التّحذير الذي وجّهه الزعيم الصيني شي جينبيغ إلى نظيره الأمريكي جو بايدن أثناء المُكالمة الهاتفيّة التي استغرقت ساعتين وقال فيه “من يلعب بالنّار سيحترق كُلِّيًّا، وليس أصابعه فقط”.
الصين تعتبر جزيرة تايوان جُزءًا من أراضيها، وتُخَطِّط لاستِعادتها بكُلّ الطّرق والوسائل بِما في ذلك القُوّة، ورُغم رسائل التّحذير الصينيّة المُتعدّدة لواشنطن إلا أن الأخيرة واصلت دعم الجزيرة التي تتمتّع بالحُكم الذّاتي، وتُزَوِّد حُكومتها بأحدث صفقات الأسلحة.
إدارة الرئيس بايدن التي يتراجع نُفوذها في العالم بأسره وتخوض حربًا بالإنابة خاسرة في أوكرانيا تلعب بالنّار فِعلًا، ولا نعتقد أن السيّدة بيلوسي تُقدِم على هذه الخطوة الاستفزازيّة دون التّنسيق مع البيت الأبيض مُسبَقًا.
الصين تبدو في ذروة الجديّة لمنع هذه الزّيارة، خاصَّةً بعد أن وجدت دعمًا قويًّا من الكرملين الروسي أكّده بيان رسمي بإيعازٍ من الرئيس فلاديمير بوتين، ولهذا ليس هُناك أمام واشنطن إلا أحد الخِيارين: إتمام الزّيارة الاستفزازيّة أو الحرب.
نعتقد أن الرئيس بايدن سيتراجع بشَكلٍ مُهين عن زيارة السيّدة بيلوسي، وسيدفعها إلى إلغائها، تمامًا مثلما داسَ على كرامته وذهب ذليلًا إلى جدّة لاستِجداء الأمير محمد بن سلمان وليّ العهد، وتنازل عن كُل تهديداته يعزله والمملكة العربيّة السعوديّة بسبب قضيّة اغتيال الصّحافي جمال خاشقجي.
أمريكا تفقد هيبتها، ومكانتها كقُوّة عُظمى وحيدة في العالم، وترفض الاعتِراف بهذه الحقيقة المكتوبة على الحائط وتواصل ارتكاب الأخطاء ودفْع ثمنها بشَكلٍ مُهين، ولكنّ الخطأ الأحدث زيارة رئيسة مجلس النواب لتايوان، قد يكون أكثرها خُطورةً والمُفَجِّر لمُواجهاتٍ عسكريّة لن تكون الولايات المتحدة المُنتَصر فيها.