الرئيسية / أخبار / هل المنطقة على شفا حرب طاحنة ام للرئيس الفلسطيني رأي آخر

هل المنطقة على شفا حرب طاحنة ام للرئيس الفلسطيني رأي آخر

سفيان الجنيدي

هل حقاً أن نذر حرب طاحنة تلوح في الافق في حيزنا الجغرافي العربي الإسلامي ؟ و هل يرجح جميع الفرقاء و اللاعبين السياسيين اندلاعها ؟! قد نجد الجواب عند فخامة الرئيس الفلسطيني المناضل “محمود عباس” !

تذهب معظم التحليلات السياسية إلى أن منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن و أن طبول الحرب قد تقُرع في أي لحظة و أن امنيات ” الراحل العظيم نزار قباني” في قرع أجراس العودة الى القدس ستؤجل الى أجلٍ غير مُسمى.

إرهاصات جلية تجعل الحرب قاب قوسين او ادنى، إذ أن استمرارية التصعيد الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة و تكرار استهداف الطيران الصهيوني للاهداف و المنشآت في الأراضي السورية، و من جهة أخرى المناورات في الجبهة الداخلية الصهيونية و التي تحاكي سيناريوهات حرب على جبهات عدة، و مناورات الكيان الصهيوني بالتشارك مع الولايات المتحدة الامريكية و الامارات و البحرين في مياه البحر الأحمر و باب المندب و خليج العقبة، و في المقابل تهديد إيران بتدمير الكيان الصهيوني حال بادر في شن الحرب، و اعتقاد  السيد “حسن نصرالله” ، في خطابه بمناسبة يوم الشهيد، بأن مناورات الكيان الصهيوني في شمال فلسطين المحتل تجري حالياً تماهياً مع مخاوف الكيان الصهيوني و الذي لا يستبعد اجتياح المقاومة للجليل المحتل في أي مواجهة قادمة، والتحركات المُريبة للنظام السياسي الاماراتي و التي كان آخرها زيارة وزير خارجية الامارات الى سوريا في محاولة لاحداث شرخ في محور المقاومة من خلال اقناع النظام السوري في الانعتاق عن التفاهمات مع النظام الإيراني و حزب الله، و ترجيح احتمالية سحب النظام السعودي قواته من اليمن بهدف إعادة تموقعها في المناطق الاستراتيجية في داخل المملكة تحسبا لأي طارئ، و تكرار تصريحات المقاومة الفلسطينية بأن يدها على الزناد وانها مستعدة لجميع الخيارات.  و في هذه العُجالة، لا يتسع المقام لتعداد جميع الارهاصات المُرجحة لاحتمالية اندلاع الحرب في منطقة الشرق الأوسط.

بالتزامن مع هذه الارهاصات و الإشارات و التي تجعل بوادر الحرب تلوح ساطعة في الأفق، يفاجئ الرئيس الفلسطيني، المحللين  و اللاعبين السياسين في المنطقة بما فيهم الكيان الصهيوني و الشعوب و كذلك افراد جوقته الموسيقية ، ويدلي بتصريحات، يوم الثلاثاء المنصرم ،بمناسبة افتتاح المقر الجديد للجنة الانتخابات المركزية في مدينة البيرة، طالب فيها الحكومة الصهيونية بحل سياسي يتضمن إقامة دولة فلسطين على حدود ١٩٦٧ و عاصمتها القدس الشرقية، وشدد انه لا يقبل باقل من ذلك، و هدد الحكومة الصهيونية، بشكل جلي لا يكتنفه أي غموض، بانها لن تتمع بالسلام اذا لم تعمل من اجل السلام .

عالمين متضادين، واقعي و آخر افتراضي سوريالي، عالم تُنسج فيه خيوط المؤامرات و المكائد و التحركات المريبة، تتسيده و تُسيطر عليه إرهاصات الحرب و الدمار و الخراب. و في المقابل، عالم مسالم، مهادن، وديع، يخرج عن المألوف، يضرب بالظروف الراهنة في المنطقة عرض الحائط، و يعتقد أن أي وقت، بغض النظر عن الظروف التي تشكله و تجسده، يُعْتَبر وقت مناسب  للمضي قُدما في اشتراطاته و افتراضاته و مغامراته و أحلامه العسلية و أيدلوجيته القائمة على المفاوضات السلمية و قبول الاخر و التعايش معه.

في هذا العُجالة، لسنا بصدد الخوض في ايهما الواقعي و أيهما الافتراضي، مع ان المثل الشعبي ” اللي ما بشوف من الغربال أعمى” ينهي المعضلة من جذورها، و مع ذلك سنحتفظ برأينا لانفسنا. لكن هل يُعقل أن رئيس سلطة، تعمل تحت إمرته العديد من الأجهزة الأمنية و الإستخباراتية ، لسنا هنا بصدد تقييم أدائها، لا يستشعر الخطر المحدق بالمنطقة برمتها والتي قد تُمسح، بين ليلة و ضحاها، من خارطة الوجود. بل بالعكس من ذلك ، يتمنى أن يمضي قدماً بالمفاوضات السلمية مع دولة لا تعترف بشرعيته و لا تُقيم له وزناً و تعد العدة لحرب لا تُبقي و لا تذر.

في هذا المقام، لا يمكن وصف سياسة و ايدلوجية الرئيس الفلسطيني بالسوريالية، فقد يكون على اطلاع بامور لا يعلمها سواه و تخفى عن جميع الفرقاء و اللاعبين السياسين في المنطقة، او انه و استناداً على خبراته العسكرية و السياسية المتراكمة ، و التي يشهد بعلو شأنها القاصي و الداني ، يدرك أن إرهاصات الحرب الحالية في المنطقة لا تعدو كونها زوبعة في فنجان و فرقعات إعلامية، و أن في جعبته أوراق ضغط ستجعل الكيان الصهيوني يرضخ صاغراً لمطالباته، او عدة احتمالات سوريالية أخرى لا حصر لها.

مطالبات غير واقعية في وقت غير مناسب من ممثل غير شرعي لا يستطيع حتى تأدية دور الكومبارس في مسرحية دنكوشتية هزلية، يُهدد و يملأ الدنيا صراخاً في حفلة موسيقية صاخبة، لا مدعوين فيها سواه و جوقته الموسيقية، و ينتظر من الغرماء الغائبين أن يجيبوه و يحققوا له مطالبه و أحلامه.

حقاً، ما زال الزمان يأتينا بكل عجيب و اللي يعيش ياما يشوف.